الخميس 4 يونيو 2015 / 09:47

سارة إبراهيم ولعبة التسول الإلكتروني



هزّت قصة الطفلة "سارة إبراهيم" الرأي العام السعودي والخليجي، فهذه الكذبة التي انطلت على مدى عام كامل لم تُكشف حقيقتها سوى الأسبوع الماضي بالصدفة بفضل مغرد سعودي متخصص في متابعة الحالات الإنسانية على مستوى العالم حيث أثبت أن سارة إبراهيم ليست طفلة سعودية مصابة بالسرطان بل طفلة أمريكية مصابة بسرطان العظام.

هذا المغرد أراد التحذير من ظاهرة التسول الإلكتروني التي لا تقتصر تداعياتها على الأفراد بل تنسحب على الأمن القومي أيضاً، فالأموال التي تبرع بها الكثير من المتعاطفين مع مريضة السرطان، كما وصفت نفسها، على تويتر يتساءل الكثيرون عن مدى وقوعها في أيدي إرهابيين يستغلون مشاعر المستخدمين للحصول على مصادر مجانية لشراء السلاح أو تمويل التطرف والطائفية في المجتمع العربي.

وتعود قصة الكذبة إلى قيام مغرد على تويتر باختراع شخصية طفلة سعودية تعاني من السرطان وألبسها صوراً لفتاة أمريكية ناشراً صوراً لها من داخل المستشفى بملامح وجهها البريئة التي استثمرها ليتفنن في ممارسة لعبة الاستعطاف والاسترحام ونجح في كسب تعاطف شعبي ورسمي واسع دفع البعض إلى قص شعره وأداء عمرة على نيتها.

لا تعتبر تلك الحالة الأولى التي يسعى أصحابها إلى كسب التعاطف المعنوي أو استغلاله مادياً، ولن تكون الأخيرة في ظل غياب الوعي عن عديد من مستخدمي المواقع الاجتماعية، خاصة في هذا الفضاء المكتظ بطلبات تحث على التبرع عبر حسابات يختبئ أصحابها خلف أسماء مستعارة تحت شعار "الحفاظ على حرمة المحتاج للمساعدة" مستغلين عاطفة المستخدمين الفطرية في التفاعل مع الحالات الإنسانية.

أما السيناريو فيكاد يكون مشتركاً بين جميع هؤلاء.. نحن أيتام أو أرامل أو طلاب أو عاطلون عن العمل نحتاج لمساعدة بمبلغ كذا، والأدهى هو انتقاء عبارات تهز المشاعر وفي أحيان كثيرة قد تستنفر الدموع، وهو ما يلمح إلى وجود عصابات تستغل مواقع التواصل لتجميع التبرعات آخذة من درب الأشخاص الذين يستحقون الحصول على مساعدات.

وبينما يفضل البعض التبرع بشكل سري لجيوب غامضة عبر مواقع التواصل، يفضل آخرون التوجه نحو العمل الخيري المؤسسي المنظم، من خلال جمعياته ومؤسساته، باعتباره همزة وصل رسمية بين المتبرعين والمحتاجين.

لكن المشكلة لا تكمن في أولئك المبتزين أو ضعف رقابة أجهزة الدولة، فهما بذلت السلطات من جهود لن تكون مثمرة من دون وعي المستخدمين خاصة في ظل وجود الكثير من البسطاء الذين لا يستفيدون من الدروس ويتبرعون بمشاعرهم للمبتزين دون التأكد من المصادر الرسمية والصحيحة، وربما يؤدي انجرافهم لوقوع هذه التبرعات في أيدي المجرمين والإرهابيين.

لا ريب في أن الكثير من طلبات المساعدة عبر مواقع التواصل تمكنت من إنقاذ الكثير من الحالات الإنسانية ولفتت النظر نحوها، لكن لا بد من عدم الانجراف وراء العاطفة وتحكيم العقل والحكمة والتأكد من أصحاب الحسابات الإنسانية على مستوى منصات المواقع الاجتماعية قبل تقديم المساعدة المالية، خاصة مع اقتراب موسم رمضان الذي قد ينقل التسول من الشوارع والأسواق إلى فضاء شبكة الانترنت.