الخميس 4 يونيو 2015 / 17:05

الوصية الرقمية





رغم أن معظمنا من مستخدمي الإنترنت بكافة أشكاله وصوره، غير أن قلة منا تعبأ بمصير حساباتها الاجتماعية وبياناتها الإلكترونية وأسرارها الرقمية بعد وفاتها، علماً بأن تلك الحسابات والبيانات الافتراضية قد تحتوي على أمور مهمة وحيوية لعائلاتها والمقربين منها عقب رحيلها عن الدنيا، تتعلق بممتلكاتها المادية وحقوق ورثتها.

ومع تحول الإنترنت لجزء لا يتجزأ من الحياة اليومية، أصبح لزاماً علينا تطوير ثقافتنا في هذا الشأن أو بالأحرى ما يعرف بـ"الإرث الإلكتروني"، فيتساءل البعض عن الإجراءات الواجب اتخاذها من قبلهم وقبل الشركات المزودة للخدمات الإلكترونية قبل الوفاة، تجنباً لخوض الورثة في قضايا قانونية معقدة ومكلفة. أسئلة عديدة تدور في عقول العديد من المستخدمين وتثير فضولهم لمعرفة إجاباتها.

رغم وجود إجابة "مبدئية" لهذه التساؤلات من قبل بعض الشركات والشبكات الاجتماعية، إلا أنها لا تزال مثار جدل وتحيطها الغموض، فمثلاً سياسة شبكة "تويتر" تتمثل في حذف حساب الشخص المتوفي بعد انقضاء 6 شهور من عدم تفاعله، وهذا الوقت يعتبر طويلاً جداً للتلاعب أو الاختراق، فيما ترمي استراتيجية فيس بوك إلى إبقاء الحساب لحين تقدم وريث من الدرجة الأولى لديه وثيقة قانونية تُثبت وفاة صاحب الحساب، وتتخذ بعض الشبكات الأخرى منهجاً مماثلاً لهاتين الشركتين، إذ تشترط تقديم شهادة وفاة لتؤول إما لإزالة الحساب ودفنه رقمياً إلى الأبد، أو تحويله صفحته إلى "تذكارية" لتظل خالدة في أذهان أصدقاء وأقارب الشخص المتوفي.

لكنّ، هذه الإجراءات تبدو ساذجة بالنسبة إلى بعض الخبراء، إذ تسمح بشكل أو بآخر بسوء استغلال الإرث الإلكتروني، ما يدعو الفرد المستقل أو المؤسسة أخذ الأمر على محمل الجد وطلب سن قوانين وتشريعات قانونية يتم التعامل فيها كما هو الحال مع الوصية الورقية، تحمي خصوصية المتوفين وحياتهم الرقمية قبل الوفاة، لاسيما إذا كان في مجال الابتكار وبراءات الاختراع وحقوق ملكية أو في مجال التجارة الإلكترونية، لمنع استغلالها من قبل الآخرين ولضمان حقوق الورثة.

ومن الجوانب المهمة الواجب مناقشتها راهناً تدشين مصادر إلكترونية حكومية رسمية صادرة من الدائرة القضائية الخاصة بكل دولة، تتضمن شروحات وتعليمات تمنح المستخدمين الاطلاع على كيفية كتابة "وصية رقمية" وفق قانون الدولة، كما هو الحال مع الوصية الورقية التقليدية التي تُكتب لدى مكاتب المحاماة، حتى لا تضيع الحقوق الشرعية.