الأحد 7 يونيو 2015 / 16:20

أردوغان والرقم الموعود



367، ليس رقماً عادياً في تاريخ تركيا، سيكون لهذا الرقم أثر أكبر ربما من أثر الإمبراطورية العثمانية نفسها، على امتداد تاريخها الذي استمر 7 قرون، بدأت بغزوات القبائل التركية، في أواسط آسيا لتنتهي عند أسوار القسطنطينية، ثم بعد مسيرة امبراطورية متأرجحة بين القوة والوهن حتى التردي في مستنقع الهزيمة والتقسيم والسيطرة، قبل أن تتمالك مع أتاتورك ثم الدولة الحديثة، ليحاول رجب طيب أردوغان الحاكم بأمره، أن يحول الجمهورية إلى نسخة جديدة من سلطنة بائدة، في إحياء لـ"مسيرة" مظفرة بدأها عثمان شاه، أو كما جاء في الأساطير المؤسسة للدولة، عثمان بن أرطُغرل بن سليمان شاه بن قتلمش، الذي نزح من أقاصي آسيا الوسطى مثل سائر العشائر المغولية إلى مناطق نفوذ الدولة السلجوقية، أواسط القرن الثالث عشر.

ولكن المهم اليوم أكثر من تاريخ أمراء الحرب السلاجقة، هذا الرقم، الذي سيرسم مستقبل تركيا، ومعها دول كثيرة في المنطقة، لعقود طويلة قادمة، ذلك أن أردوغان وفي إطار حلمه السلطاني والعثماني الإحيائي، يحتاج إلى 367 مقعداً من أصل عدد المقاعد في البرلمان الـ555، ليضمن تعديلات دستورية واسعة تتوجه سلطاناً تركياً جديداً.

وفي الانتخابات التي انطلقت الأحد، في البلاد، سترتفع حرارة أردوغان وحزبه إلى 367 درجة مئوية، في تحدّ للفيزيولوجيا البشرية، ذلك أن أي رقم آخر من المقاعد، يعني إنهاء حُلم أردوغان في التتويج وهدم سقف الطموحات الكبيرة التي لا تزال تراود طيفاً واسعاً من السياسيين في العالم العربي المراهنين على "المعجزة التركية" وعلى أردوغان شخصياً للتسلل من جديد إلى دائرة القرار والضوء في المنطقة بعد انكسارهم المدوي في أكثر من منطقة تكالبوا عليها على خلفية الانتفاضات العربية التي حصلت في 2011 حتى اعتقدوا أنهم سيطروا وإلى الأبد على مقادير المنطقة ومصائر شعوبها، خاصة التيارات والجماعات المنضوية تحت خيمة الإخوان المسلمين تحت مسميات مختلفة.

وعلى هذا الأساس يعتبر أردوغان، الذي رغم فوزه المتوقع بالانتخابات، أن يكون الاستفتاء على شخصه وعلى مخططاته لتركيا، أن الحصول على أقل من هذا السقف سيكون نكسة شديدة، ربما تعجل بإنهاء مسيرته السياسية، وربما تعجل بتاريخ انتهاء صلاحية حزب العدالة والتنمية وزعيمه، وللتاريخ مع تركيا، تقاطعات غريبة عجيبة لا يُمكن التغافل عنها.

فهل ينجح أردوغان في خلافة نفسه وينتقل من الرئاسة الظاهرة إلى السلطنة غير المعلنة، أم يخذله الرقم السحري، فيصاب وحزبه بالعقم السياسي لفترة طويلة قادمة؟