إعدام جماعي وسط آثار تدمر (أرشيف)
إعدام جماعي وسط آثار تدمر (أرشيف)
الإثنين 6 يوليو 2015 / 12:41

ديلي بيست: بريطانيا تشكل وحدات متخصصة لحماية التراث الإنساني من داعش

24 - إعداد: ميسون جحا

فوق مسرح بني قبل قرابة ألفي عام، أصْطُفَ خمسة وعشرين سجيناً أوثقت أياديهم خلف ظهورهم، وبان خلف هؤلاء الرجال الأعمدة الرومانية الأثرية التي شوهت بعلم داعش الأسود، لكنها شهدت على عملية إعدام وحشية، شارك فيها حفنة من الأطفال المجندين، ورفعوا معاً بنادقهم حتى أصبحت في مستوى رؤوس أسراهم.

يقول موقع "ديلي بيست" الأمريكي، في بداية الأسبوع الماضي، بدا أن إرهابيي داعش قد بدأوا في تدمير بقايا المدينة السامية في تدمر، والتي يعود تاريخها للعصر الحجري الحديث، قبل ميلاد المسيح بآلاف السنين. وعرضت صور بثت على الإنترنت تدمير ثمانية تماثيل في الموقع الأثري الذي استولى عليه داعش.

وإزاء هذا التدمير، سوف تستعين بريطانيا بمجموعة من خبراء الآثار من طراز بطل سلسلة أفلام إنديانا جونز(خيالية) من أجل المساعدة في حماية تحف أثرية يعود تاريخها لمهد الحضارة الإنسانية.

وسيقوم البريطانيون بتدريب فرق طوارئ خاصة من أجل التعرف على أهم البقايا الأثرية، وحمايتها بواسطة أحدث التقنيات المستخدمة حالياً في حقل الآثار.

تدريب علماء محليين
وباشرت جين مون، وهي أحد علماء آثار غربيين يعملون في العراق، بتدريب علماء عراقيين. ويعتبر فريقها القادم من جامعة مانشستر أحد ثلاثة وحدات أجنبية تعمل في البلاد، خارج منطقة كردستان الآمنة.

وقالت مون لديلي بيست "في العراق مهد الحضارة، وفي هذا البلد بدأ الناس يتعلمون الكتابة والعيش في مدن. ولست أفضل رأس حجري على رأس حي، ولكن الناس بحاجة لتراثهم. ومن الرائع أن تبدي الحكومة البريطانية اهتمامها، وأن تمول مشروعاً لحماية هذا التراث".

وستستخدم تلك الأموال لإنشاء صندوق لحماية تراث دول، من ضمنها العراق وسوريا، حيث أدى الصراع وأعمال بربرية لتدمير ثقافي أدى لمحو أدلة هامة بشأن جذور تطور البشرية. وسوف تكون فرق إغاثة من نخبة علماء الآثار جاهزين لدخول مواقع مدمرة فور استعادتها من قبضة المتشددين.

دافع قوي
وأشار الموقع إلى أن الوحشية الثقافية التي ظهرت من خلال التسجيل المصور الذي نشره داعش عبر العالم، كان الدافع الرئيسي وراء التحرك البريطاني. وأظهرت صور بثت خلال الأسبوع الماضي، رجلين يحملان مطرقتين ويقومان بتهشيم تماثيل أخذت من مدينة تدمر. ولم يعرف بعد فيما إذا كانت تلك الأيقونات قد هربت على أيدي ناشطين من أجل الحفاظ على تلك التحف التي لا تقدر بثمن، أم من قبل لصوص أملوا ببيعها وجني ثروات طائلة.

وقال الأمين العام لمنظمة بلو شيلد ـ النظير الثقافي لمنظمة الصليب الأحمر ـ بيتر ستون، أن عمليات السلب تشكل أكبر المخاطر على المواقع الأثرية الفريدة في المنطقة.

ورحب ستون بتدريب مختصين في الآثار في العراق وسوريا، ولكنه اقترح وجوب محاربة عمليات النهب عبر دور المزادات في نيويورك ولندن.

وقال ستون "إن اشترت تلك الدور قطعاً أثرية من منطقة الرافدين القديمة، فكأنهم يساعدون في تمويل داعش، وعلينا أن نتعامل مع عمليات السلب ليس في مصدرها، بل عندما تصل القطع المسروقة إلى السوق وباقي أرجاء العالم".

ولكن يدعي القائمون على داري سوثبي وبونهامس لبيع القطع الأثرية، أنهم يبيعون قطعاً أصلية وغير مسروقة، ولكنهم في واقع الحال، يساهمون في خلق سوق لبيع تلك التحف، والتي يعود جزء من ريعها لصالح جهات إرهابية تشتري بها أسلحة وذخيرة لمواصلة القتال".

وأضاف ستون "نحتاج للوصول لمن يجمعون القطع الأثرية في باقي أرجاء العالم، لكي يدركون ما يفعلونه. فإن عدداً ممن يشترون تلك القطع، ومن يتاجرون بتحف قادمة من منطقة الرافدين القديمة، يساهمون بالتأكيد في تمويل داعش".

مؤتمر ثقافي
ولفت ديلي بيست إلى أن تفاصيل إضافية حول رد فعل الحكومة البريطانية بشأن أزمة سرقة الآثار وبيعها أو تدميرها، سوف يتم مناقشته في مؤتمر ثقافي سيعقد في نهاية الصيف الجاري حيث سيحضر ممثلون عن المتحف البريطاني ومتحفي فيكتوريا وآلبرت، واليونيسكو والصليب الأحمر، وسوف يقدمون نصائحهم بشأن الصندوق الثقافي، والذي يقول مسؤولون أن بريطانيا ستموله بالكامل.

وفي هذا السياق، قال وزير المالية البريطاني، جورج أوسبورن "سلطت الحروب الأخيرة، وخاصة في العراق وسوريا، الضوء على أهمية التراث الثقافي العالمي، وباتت حماية هذه الثقافة من أول أولويات حكومتنا".

وقال متحدث باسم المتحف البريطاني أن البرنامج يقوم على "إنشاء فرق متخصصة من علماء الآثار قادرين على تنفيذ مهمات إنقاذ عاجلة. ويقوم المتحف البريطاني، في الوقت الحالي، بالتنسيق مع متاحف في بغداد والسليمانية في كردستان العراق، والبصرة في جنوب العراق من أجل البدء في تشكيل تلك الوحدات".