الإثنين 6 يوليو 2015 / 18:37

عن المرأة التى توسلت بالمسلسلات لخدمة الدين



(1)

يؤرخ الكبار للدراما التليفزيونية الدينية بمرحلة ما قبل أمينة الصاوى وما بعدها.

تقول أمينة الصاوى "أردت أن أخدم الدين فتوسلت بالدراما" ، كانت صادقة فى رغبتها و كانت الدراما وسيلة موفقة سمحت لها أن تقدم لها خلاصة جهدها فى هذة المنطقة.

أمينة الصاوى هى صاحبة المسلسلات التى كان الوطن العربى ينتظرها يوميا فى رمضان ، كانت يتم إنهاء مونتاج الحلقة ثم نسخها ثم تحمل الطائرات نسخ الحلقة الجديدة يوميا لتستقر كل طائرة فى بلد تتشوق للجديد فى أحداث " على هامش السيرة " أو "لاإله إلا الله – بأجزائه الأربعة" أو "الأزهر الشريف منارة الإسلام".

(2)
هوجمت أمينة الصاوى كثيرا ، كانوا كثيرين يتصيدون لها الأخطاء فى مسلسلاتها و كانت تتكفل بنفسها بالرد على كل واحد فى الجريدة نفسها التى هاجمها من خلالها ، كانت ردودها مهذبة و مؤيدة دائما بأرقام صفحات كتب السيرة التى تؤيد رواياتها للأحداث.

الهجوم عليها لم يخلو من قطع عيشها أحيانا ، ففى بداية الستينيات أعدت معالجة مسرحية لكتاب " أحمد على باكثير" عن القرامطة ، ووجد المسئولون وقتها فى هذة المعالجة "تلقيح" على الماركسيين و اليسارين ، فكان أن زارها أحد الضباط وأخبرها بفصلها من التليفزيون و تحديد إقامتها فى بيتها.

اختارت أمينة الصاوى ردا على هذا التعسف أن تتأسى برسول الله فهاجرت إلى السودان ، وهناك أبدعت فى الكتابة للإذاعة ، فكان أن التقطت شركة سعودية فى جدة هذة الموهبة و احتضنتها ، أقامت هناك طويلا ، تقول عن هذة الأيام أن أجمل ما فيها كان مشوار العمرة الأسبوعى.

وكان أن بدأت كتابة المسلسل الأشهر "على هامش السيرة" وكان نجاحه أحد عوامل احتضان بلدها لها مرة أخرى بعد استقرار السادات فى الحكم.

(3)
كانت أمينة الصاوى تعتكف متفرغة لأعمالها و لا تطل على الناس إلا مرتين ، مرة بصحبة حفيدها لتصلى معه الجمعة فى أحد المساجد الذى توارثته أسرتها فى أحدى حوارى السيدة زينب ، ومرة عندما كانت تذهب لتقديم حلقة جديدة من برنامجها التليفزيونى الأسبوعى الذى تحكى من خلاله للأطفال سيرة الرسول.

ابنة دمياط ، وابنة الشيخ الأزهرى المعروف "مصطفى الصاوى" كانت أول فتاة تتخرج من المعهد العالى للفنون المسرحية قسم نقد ،وكانت أفضل من حول روايات نجيب محفوظ إلى أعمال مسرحية بشهادة نجيب محفوظ نفسه الذى قال لها " أنت أفهم من فهم نجيب محفوظ".

(4)
أثناء تفتيشى فى أرشيفها وجدت لها مقالا تحكى فيه قصة أعجبتنى نقلا عن "سيرة ابن هشام".

قبل ظهور الإسلام كانت هناك سيدة تقوم بالطواف حول الكعبة حاملة مبخرة كبيرة ، فكان أن سقطت إحدى الجمرات فأمسكت النار فى كسوة الكعبة و فى أخشابها فأصابها دمار عظيم ، وبينما قريش تفكر فيما يجب فعله هجم السيل على مكة وكانت الكعبة على حالتها هذة لا تتحمل قوته فتهدمت.

عندما بدا قريش تعيد بنائها اكتشفت أن ما ينقصهم بشدة الأخشاب.
فى الوقت نفسه وصل إليهم خبر يقول أن سفينة رومانية محملة بشحنة من الأخشاب قد جنحت فى البحر أمام جدة ، و عرفوا أن صاحبها يريد أن يتخلص من هذة الحمولة ، فسافر إلى هناك وفد من شباب قريش و رجعوا بالأخشاب و ب"نجار" مصرى اسمه "باخوم" كان على السفينة و تشائم من الرجوع بحرا .

شارك باخوم فى البناء و استفادوا بخبرته فى النجارة و الهندسة ، و شهد معهم خلافهم على من يضع الحجر الأسود مكانه و شهد رسول الله وهو يحل هذة المشكلة .

أثناء البناء اقترح عليهم باخوم عمل سقف للكعبة ليحميها من المطر و اقترح رفع باب الكعبة عن الأرض عدة درجات حتى لا تدخل إليها مياه السيول ، استحسنت قريش الكلام فكان ما اقترحه،وعاش بعدها باخوم بينى و يشيد منازل أهل مكة حتى مات.

(5)
الكبار ربما يتذكرون و يعرفون قيمة المسلسلات التى كتبتها أمينة الصاوى ، أما الأجيال اللاحقة فمعظمها لم يسعده الحظ لمشاهدتها و لم يصل منها إليه سوى أغنية "لا إله إلا الله" التى أعاد غنائها سامى يوسف و التى كان تترا للمسلسل يغنيه محمد رشدى.

فى منتصف الثمانينات كانت أمينة الصاوى بصحبة زوجها فى قرية "مارقيا" بالساحل الشمالى و أثناء خروجهم بالسيارة من باب القرية هاجمهم أتوبيس تابع لشركة غرب الدلتا فحطم السيارة تماما و كان أن توفت أمينة الصاوى قبل أن تصل إلى المستشفى .