الأحد 19 يوليو 2015 / 17:56

خرطفات فهمي هويدي

أقلّ ما يوصف به مقال الكاتب الإخواني فهمي هويدي، في صحيفة الشروق المصرية، (السبت 18 يوليو 2015) هو أنه ترجمة حرفية لكل المزاعم الإخوانية التي درجوا على توجيهها ضد الإمارات، وعاصمتها أبوظبي على وجه التحديد. ومن هنا نجد أن المقال، ابتداء من عنوانه التهويلي (حروب أبوظبي)، مروراً بلغته المخاتلة وحججه وأفكاره الواهية، يتسم بالتخبط والتناقض، بل والكذب الصريح في كثير من الأحيان.

يحتجّ هذا "المفكر" المزعوم، في هجومه على الإمارات، بإطلاق مبادرة "صواب" وغيرها من المبادرات العربية والدولية الهادفة إلى مواجهة تنظيم داعش الإرهابي، في العاصمة أبوظبي، ويستند على حجة ركيكة واهية، تكاد لا تصدر عن مبتدئ في شؤون السياسة (ناهيك عن الفكر)، وهي أن الإمارات لا تواجه خطراً إرهابياً، وبالتالي فإنه يستغرب دعمها لمثل هذه المبادرات. والردّ على مثل هذه الحجة المضحكة، بسيط جداً، وهو أن الإمارات لم تعتبر نفسها يوماً، لا اليوم ولا أمس، جزيرة منعزلة عما يحيط بها من تطورات وأحداث، بل لطالما أكدت أنها جزء لا يتجزأ من الأمة العربية والإسلامية، وبالتالي وعلى الرغم من نعمة الأمن والأمان في دولة الإمارات، واليقظة الدائمة للأجهزة المختصة، فإن أيّ خطر، مباشر او غير مباشر، يتهدد أيّ دولة خليجية أو عربية، بل حتى خارج هذا النطاق، تعده الإمارات تهديداً لها، وتعمل وفقاً لهذا التصور، إدراكاً منها، أن "الإرهاب لا يتجزأ" على حدّ قول وزير خارجية الدولة الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، قبل أيام قليلة.

ولعل من الضروري أن نذكر فهمي هويدي في هذا السياق " والذكرى تنفع المؤمنين" بتاريخ دولة الإمارات ومواقفها المبدئية من قضايا العرب والمسلمين منذ أن أرسى المغفور له الشيخ زايد قواعدها. فمتى كانت الامارات تدير ظهرها للأمة وقضاياها؟ بالإضافة إلى حربها المستمرة ومشاريعها التنويرية لتفكيك أيديولوجيا الكراهية منذ التسعينيات من القرن المنصرم.

وليس أدلّ على هذه السياسة الإماراتية الراسخة، مشاركتها الفاعلة في كلّ من الحرب الدولية على داعش في العراق وسوريا، ووقوفها إلى جانب المملكة العربية السعودية الشقيقة، في مواجهتها للميليشيات الحوثية في اليمن، ناهيك عن دعم الإمارات، ودول الخليج الأخرى، لأمن مصر واستقرارها، أمام الهجمة الإخوانية/ الداعشية الإرهابية عليها. فلماذا يسكت هويدي عن هذا الجانب يا ترى؟ ولمصلحة من يريد تشويه دور أبوظبي في أعين قرائه؟ ثم ألا ينطوي الحديث عن أبوظبي ومواقفها من داعش على شيء من التعاطف مع هذا التنظيم الإرهابي وتصويره بوصفه ضحية؟

إن "خرطفات" (جمع "خرطفة"، كلمة إماراتية لا أجد أدق منها لوصف ذلك المتعثر والمتخبط المتناقض دوماً في خطواته ومواقفه) فهمي هويدي، تمضي في هزالها وسذاجتها وخبثها إلى حدّ محاولة تصوير أن أبوظبي تتبع هذه السياسات منفردة، وأن باقي إمارات الدولة لا تتبنى هذا النهج، وهذه حماقة أخرى يرتكبها "المفكر المتخرطف"، وهي إن دلت على أمر فعلى أنه لا يتبع في ما يطلقه من مزاعم، الشواهد والمواقف المعلنة في دولة الإمارات، التي تقف جميعها وراء القيادة الحكيمة، سواء في موقفها من الإرهاب أو غير ذلك من سياسات ومواقف. ترى أليس ما يقوله هذا المتخطرف لون من الدعوة إلى الفتنة وشق الصفوف وهو المتباكي على أحوال الامة، الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر؟

إنّ القيمة الوحيدة لمثل هذه المقالات البائسة تتمثل في البرهنة على صوابية نهج القيادة الإماراتية وقوة مواقفها، وتهاوي الخطاب الإخواني إلى الدرك الأسفل، حيث لم يعد يملك من أوراق يحاول من خلالها قلب الحقائق، سوى الكذب الصريح، حتى لو كلفه الامر ان ينتقل صاحبها من مرتبة "المفكر" إلى صفة "المتخرطف المستجد" في مدارج المتخرطفين. والله غالب على أمره.