الجمعة 24 يوليو 2015 / 16:17

في فهم نظرية أوباما باحتواء إيران!




كان لقاء الرئيس أوباما مع الصحافي توماس فريدمان الأول من نوعه الذي يشرح فيه الرئيس الأمريكي باستفاضة نظرته إلى إيران ومستقبل العلاقة معها ودورها بالمنطقة. حاول أوباما خلال اللقاء طمأنة العرب والتقليل من مخاوفهم تجاه الاتفاق النووي مع إيران وتحديداً دول الخليج العربي، وكذلك فعل مع إسرائيل حيث شرح بالتفصيل الجهد العسكري والأمني الذي قامت وتقوم به أمريكا لحماية أمن إسرائيل.

خلاصة نظرية "احتواء إيران" التي يؤمن بها أوباما وعبر عنها بوضوح في المقابلة أن الهدف الاستراتيجي لواشنطن هو منع إيران من امتلاك سلاح نووي، أما سلوك إيران كدولة ترعى الإرهاب وتدعم فصائل تابعة لها في العراق وسوريا ولبنان واليمن فقد حاول الإيحاء بأن إيران النووية هي أسوأ من إيران غير النووية، وتجنب الإجابة حول كيفية معالجة السلوك الإيراني المزعزع للاستقرار في المنطقة.

يقول أوباما "لا تحكموا علي بشأن ما إذا كان هذا الاتفاق سيحوّل إيران، أو سيوقف سلوكها العدواني تجاه بعض جيرانها العرب أو سيؤدي إلى وفاق بين الشيعة والسُنة، ولكن احكموا علىّ بشأن شيء واحد فقط، وهو: هل تمنع هذه الصفقة إيران من تطوير وإطلاق أسلحة نووية على مدى السنوات العشر المقبلة، وهل تُعدّ هذه نتيجة أفضل لأمريكا وإسرائيل وحلفائنا العرب من أي بديل آخر مطروح على طاولة المفاوضات؟".

إجابة تؤكد أن نظرية احتواء إيران ناقصة ومقتصرة على احتواء سلوكها النووي وليس سلوكها العام، وبالتالي فإن أوباما في الفصل بين إيران النووية وإيران راعية الإرهاب، يكون كمن يخدع نفسه والآخرين، ولسان حاله يقول لإيران استمري في طموحك الإقليمي ونشاطك الإرهابي.

واللافت للنظر أن الرئيس أوباما وبالإضافة لنظريته القاصرة في الاحتواء، تعمد تبرير سلوك إيران المعادي لدول الخليج العربي، حيث قال بشكل مباشر خلال المقابلة ما نصه "يجب أن تستمع أمريكا إلى حلفائنا العرب السُنة، ولكن أيضاً يجب ألّا تقع في فخ السماح لهم بإلقاء اللوم على إيران بسبب المشاكل التي يعانون منها. لقد كان المواطنون في بعض دول الخليج العربي مشاركين بشكل كبير في الحركات الجهادية السُنية التي أدت إلى زعزعة الاستقرار".

وأضاف "في بعض الحالات، أعتقد أن هناك مبالغة كبيرة بشأن التدخل الإيراني، مثل الحوثيين في اليمن. وأجهزتنا الاستخباراتية، لا تشعر بأن إيران كانت تفكر استراتيجياً في حشد الحوثيين في صنعاء. لقد كان مجرد مؤشر على ضعف الحكومة في اليمن".

نظرية أوباما لاحتواء إيران هي رؤية مليئة بالتناقضات ومن أبرز تلك التناقضات ما يلي:

أولاً: يرى الخطر في إيران فقط في حال امتلاكها سلاحاً نووياً وما عدا ذلك فهو لا يعد خطراً مثل رعاية الإرهاب وتصدير "الثورة".

ثانياً: يبرر أوباما رؤيته للخطر الإيراني في البعد النووي وليس سواه لأنه يرى أن امتلاك إيران سلاحاً نووياً سيكون خطراً على الجميع وسيفتح المجال لنشوب حرب جديدة في الشرق الأوسط، رغم أنه وفي معرض طمأنته لحلفاء أمريكا العرب من الاتفاق النووي يقول إننا وفي حال تهديد طهران لحلفائنا نقوم بتوجيه ضربات سريعة وقوية لها، أي بمعني أن احتمال الحرب حتى مع الاتفاق النووي هو احتمال قائم.

ثالثاً: تحدث أوباما عن احتواء إيران نوويا لمدة عشر سنوات، ولم يتطرق لما بعد ذلك وكيف سيكون عليه الوضع الإيراني بعد تلك السنوات؟

رابعاً: يقر في المقابلة أن العقوبات استنزفت الاقتصاد الإيراني وأن هذا هو السبب الذي جعلها تقبل بالمفاوضات وتوافق على الاتفاق، ويقر في الوقت ذاته بان رفع العقوبات سيحسن الاقتصاد الإيراني وأنه لا يستبعد أن تستغل إيران هذا التحسن في بذل مزيد من النشاطات العدائية ضد حلفاء أمريكا، ثم يعود ويطالب بجهد مشترك مع الحلفاء العرب لمواجهة تلك النشاطات، وفي موقع آخر من المقابلة يطالب دول الخليج العربي لفتح حوار مع إيران وإنهاء التوتر الطائفي في المنطقة رغم اعترافه في أماكن أخرى من المقابلة أن إيران مسؤولة عن هذا الاحتقان الطائفي.