السبت 25 يوليو 2015 / 19:40

حماس والرياض ورام الله



إلى أي مدى تستطيع حركة حماس والإخوان المسلمون عموماً البناء على عمرة خالد مشعل ولقائه بخادم الحرمين الشريفين وأولياء عهده؟.

من التبسيط المفرط، النظر للأمر من زاوية دينية صرفة، ومن المبالغة المفرطة بالمقابل النظر للأمر كما لو أنه انقلاب على الماضي وانطلاق تحالفات جديدة، ولدى متابعة مراجعة الطرفين السعودي والحمساوي لحدث الزيارة، فإن تناقضاً في التفسير يلفت النظر إلى أنه من المبكر جداً استنباط مدلولات سياسية استثنائية، ذلك أن التفسير السعودي للزيارة واللقاءات التي تمت، كان في غاية التحفظ إلى حد التجاهل الإعلامي المطلق، أما تفسير حماس الذي بشر فيه قادتها، فيعكس الرغبة والحاجة أكثر مما يعكس الحقيقة.

المملكة العربية السعودية ما تزال عاتبة على الفلسطينيين عموماً لإضاعتهم فرصة "اتفاق مكة" الذي أبرمه العاهل السعودي الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، وإذا كان اللوم السعودي قد طال الفلسطينيين جميعاً إلا أن المواقع سجلت رجحاناً في اللوم لغير مصلحة حماس التي قوضت اتفاق مكة بانقلاب عسكري صريح أدى إلى انقسام الوطن والقيادة والأهداف والتمثيل على نحو شكل كارثة ثانية بعمق كارثة 1948.

ولأن المملكة العربية السعودية تقيم وزناً استراتيجياً وعاطفياً تجاه القضية الفلسطينية والفلسطينيين فقد كرّست مبدأً في التعامل معهم قوامه، حين يخطئ الفلسطينيون تكون المملكة آخر من يغضب وأول من يصفح، لهذا لم تغالي في اللوم وعادت خطوة إلى الوراء في أمر المصالحة، إذ كان مؤلماً لها ولصورتها ولنفوذها أن تواجه فشلاً بحجم الذي واجهه اتفاق مكة، وأخال الملك سلمان بن عبد العزيز وأولياء عهده لم ينبشوا الماضي في لقائهم مع مشعل احتراماً للعمرة وللضيافة، وإذا كان لابد من حديث سياسي في لقاء كهذا فهو نُصحٌ بالعقلانية ووحدة الصف لا أكثر ولا أقل، وإذا كانت حماس التي تقر بأهمية المملكة وقدراتها ومغزى غضبها ورضاها تسعى إلى علاقات طيبة مع المملكة وسائر دول الخليج بذات اللهفة على علاقة مماثلة مع مصر، فإن أقرب الطرق لإنجاز ذلك يمر من رام الله أي من باب الشرعية الفلسطينية المعترف بها مصرياً وسعودياً وخليجياً وكونياً إذ ليس في وارد أية دولة مسؤولة أن تسمح بالعبث في التمثيل الفلسطيني أو أن تأخذ جانباً يُفهم منه تساهلاً في هذا الأمر تحت أي ظرف من الظروف.

إن حركة حماس المحاصرة والواقعة داخل شبكة من التقاطعات الحادة والمرهقة لا يمكن لها أن تنشد علاقات مستقرة مع السعودية والخليج ومصر والأردن دون أن تصل مستوىً من الانسجام مع الاتجاه العام لهذه الدول، وهذا الأمر ما يزال في وضع ملتبس ولا يصل إلى إقناع أي طرف بتغير ذا شأن في الاتجاه السياسي لحركة حماس، ثم إن حماس لن تكف عن إرسال إشارات جدية تنم عن اعتدال أملاه الضغط والحاجة، وهذا أمر من المفترض أن يشجع حركة حماس على مزيد من الاعتدال في أمر العلاقة مع منظمة التحرير ورام الله بالذات وأن تستفيد من علاقات عربية ودولية ليس من موقع استقلالي عن الحالة الفلسطينية بل من موقع الاندماج فيها وفق قوانين ونواميس حركات التحرر التي أجلّت الصراع على المستقبل لمصلحة الحاضر الذي أبرز مهماته تضافر الجميع على برنامج واحد قوامه إزالة الاحتلال أولاً وبعد ذلك يصبح مشروعاً وحيوياً وضرورياً الاختلاف على ما بعد ذلك.