الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الثلاثاء 28 يوليو 2015 / 20:45

فوربس: أردوغان يدفع تركيا للفوضى والاستبداد

24. إعداد: مروة هاشم

أكدت مجلة "فوربس" الأمريكية في مقال نشرته على موقعها الإلكتروني، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يدفع تركيا إلى الفوضى والاستبداد، بدلاً من دحر تنظيم داعش الإرهابي، فهو لم يتخلى عن طموحاته لمشروعه الرئاسي المستبد، الذي كان سبباً في خسارة حزب العدالة والتنمية الأغلبية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.

ويرى المقال أن أردوغان يقوم بافتعال الأزمات حتى يمارس استبداده في الحكم.

عدم استقرار وغموض
يصف المقال الأوضاع في تركيا بأنها باتت غير مستقرة وغامضة إلى حد كبير، إذ حدث هجوم انتحاري راح ضحيته ثلاثين قتيلاً في مدينة سروج بالمنطقة الكردية، ثم بدأ الإرهابيون المسلحون من حزب العمال الكردستاني في قتل رجال الشرطة والجنود الأتراك، في الوقت الذي يهاجم فيه تنظيم داعش الإرهابي نقطة عسكرية على الحدود التركية، وتندلع المظاهرات المطالبة بالسلام في بعض المدن وتقوم الشرطة بإخمادها بالطرق القمعية المألوفة ضد المدنيين من المتظاهرين.

وفي الوقت الذي تتوصل فيه أنقره إلى اتفاق يسمح للولايات المتحدة باستخدام قواعدها ضد تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا، يعلن المتحدثون باسم أردوغان أن القوات التركية داهمت أهداف لحزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش، كما قامت تركيا باعتقال حوالي 900 شخص في أنحاء الأراضي التركية، معظمهم من الأكراد؛ بزعم انتمائهم لشبكات إرهابية.

تساؤلات مثيرة للدهشة
يلفت المقال إلى نتيجة الانتخابات التركية التي جرت الشهر الماضي، وعدم تشكيل حكومة حتى الأن، الأمر الذي يفسر مغزى القرارات التي يتخذها أردوغان في الوقت الراهن، باعتباره الشخص المسؤول عن اتخاذ القرار في وقت الأزمة.

وبحسب المقال: "إن الغارات الجوية التركية تدعو إلى التعجب وتثير التساؤل التالي: إذا كان سلاح الجو التركي قادراً على تحديد أهداف حزب العمال الكردستاني في العراق بمثل هذه السرعة والسهولة، فلماذا لم يتدخل من قبل؟ ولماذا يقوم بمهاجمة الأكراد السوريين على مقربة من كوباني في الوقت الذي ينشغلون فيه بمحاربة تنظيم داعش الإرهابي؟، لاسيما أن تركيا قد أعلنت أن تنظيم داعش هو العدو المسؤول عن مقتل ثلاثين شخصاً في التفجير الانتحاري داخل أراضيها".

يوضح المقال أن الفيديو الذي عرضته أنقره للضربات الجوية ضد العديد من المواقع، باستخدام طائرات اف 16 والذخائر الموجهة بالليزر، يستحق بالفعل المشاهدة والتأمل، إذ يبدو أن هناك عامل مشترك بين كل الأهداف يتمثل في أن كل منها على مسافة آمنة من المجمعات السكنية في الأراضي التي يستولى عليها تنظيم داعش الإرهابي، ويبدو أن هذه الضربات استهدفت حقول مفتوحة لا تحمل أي علامات للنشاط العسكري.

ويتساءل المقال "هل يحرص تنظيم داعش على أن تكون أهدافه الإستراتيجية خالية من مراكز سكنية؟ وإذا كان ذلك صحيحاً، فلماذا لاتزال تلك الأهداف متوافرة حتى الأن بعد أن شنت الولايات المتحدة غاراتها الجوية ضد التنظيم منذ سبتمبر الماضي؟ فهل تركت الولايات المتحدة عدد قليل منها للغارات التركية؟".

غوغائية قادة حزب العدالة والتنمية
يضيف المقال: "يجب الأخذ في الاعتبار بالعقلية الشمولية التي يتمتع بها قادة حزب العدالة والتنمية التركي خلال العقد الماضي، فهم يتصفون بالغوغائية واللجوء إلى الحلول قصيرة المدى، ويركزون دائماً على البقاء في السلطة، وقمع الانتقادات والمعارضة، وإفساد كل المؤسسات ذات العلاقة، فضلاً عن إدارة شؤون الدولة بحالة من انعدام الضمير أدت إلى دخول الدولة في حالة من الاستقطاب لدرجة اتهام المتظاهرين بالإرهاب، واتهام الصحفيين الناقدين بالإلحاد، فعلى سبيل المثال أقام رئيس بلدية أنقرة – وهو من أشد المؤيدين لسياسات أردوغان – دعوى قضائية ضد أحد الصحفيين لاتهامه بأنه أرمينياً!".

تركيا على حافة الهاوية
يرى المقال أنه وفقاً لما يردده العديد من المحللين السياسين الأتراك في الوقت الراهن، تقترب تركيا من حافة الهاوية، كما يعتقد الكثيرون أن البلاد تواجه الأن أزمة شاملة لم تحدث بالمصادفة، وإنما تتماشي هذه الأزمة جيداً مع خطة أردوغان لاحتكار السلطة، ليصبح أردوغان الشخص الوحيد الذي لا غنى عنه في مثل هذه الفوضى.

ويذكر المقال أنه في الماضي عندما كانت الانتخابات تؤدى إلى الركود والصراعات، كان الجيش يتدخل ويقوم بإعادة ترتيب الأوضاع بعد الفوضى، إذ يتصرف الجيش باعتباره الجهة الراعية التي تتدخل في اللحظة الأخيرة لحماية الجمهورية. وينتقد المقال أردوغان لأنه يسعى للقيام بهذا الدور في الوقت الراهن، وتصفه بـ "المنافق والمحتال" فيما يتعلق بموقفه في المعركة الانتخابية الذي كان يتطلب فيها منصبه الرئاسي أن يعلو فوق موقفه الحزبي.

وعلى الرغم من حرمان حزبه من الأغلبية البرلمانية، فإن أردوغان لم يتخلى عن طموحاته القصوى لمشروعه الرئاسي الاستبدادي، الذي كان سبباً في خسارة حزبه الأغلبية في الانتخابات الأخيرة.

أردوغان وافتعال الأزمات
يختتم المقال "بينما تستمر الأحزاب التركية في عملية التفاوض بشأن تشكيل حكومة، بالطبع سيتولى أردوغان زمام الأمور كافة، ومن مصلحة أردوغان أن تتدهور الأوضاع؛ إذ سيكون الأمر متروكاً إلى الرئيس لفرض النظام بأي وسيلة أو بأخرى، وستكون من مصلحة اللاعب الرئيسي الوحيد في هذه المعادلة (أردوغان) أن تتدهور الأوضاع في الواقع إلى ما هو أسوأ من ذلك".

ومن الأفضل بالنسبة إلى أردوغان ألا يتم تشكيل حكومة؛ لكي يمارس استبداده في الحكم، وحتى يتمكن من تحقيق ذلك، فإنه يحتاج إلى الأزمات، ومن ثم ينشغل بافتعالها. إن تأجيج الصراع الكردي يزيد من تعميق الاستقطاب في تركيا وسيقود إلى حرب أهلية على غرار حرب بشار الأسد، وعندما تسوء الأوضاع بدرجة كافية، سيدعو أردوغان إلى انتخابات مفاجئة.