البرلمان التركي(أرشيف)
البرلمان التركي(أرشيف)
الأربعاء 29 يوليو 2015 / 10:02

ناشيونال إنترست: ربيع تركيا الزائف يمهد الطريق نحو شتاء غاضب

24 - إعداد: ميسون جحا

كتب عضو البرلمان التركي سابقاً آيكان إيردمير(٢٠١١ - ٢٠١٥)، وزميل مركز الدفاع عن الديمقراطيات، في تحليل سياسي نشرته صحيفة ناشونال إنترست الأمريكية، حول الانتخابات البرلمانية التركية الأخيرة، والتي أثمرت عن تشكيل برلمان متنوع الديانات، لم تشهده البلاد منذ خمسينات القرن الماضي.

فقد انضم للبرلمان التركي سبعة نواب غير مسلمين، ثلاثة من الأرمن، وواحد أرثودكسي عربي، وآخر آشوري، ونائبان من الطائفة الإيزيدية، انتخبوا ضمن قوائم مثلت ثلاثة أحزاب مختلفة.

ورغم ذلك، يرى إيردمير بأنه من الخطأ الاعتماد على نجاح نواب من الأقليات في بلد لا يتجه نحو تسامح أوسع، بل ينحو للتضحية بالبعض ككباش فداء، وللتفرد الإثني الديني.

شتاء طويل
ويرى الكاتب أن المتفائلين قد يرون في نتائج الانتخابات الأخيرة هزيمة لمساعي الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، للتفرد بالسلطة، وأن المناخ السياسي التركي قد أصبح أخيراً ناضجاً لتقبل التعددية التي لطالما كانت حلم جيل جديد شاخ اليوم. ولكن هذه النتيجة لا تعكس وصول الربيع التركي السياسي، بل" نحن على وشك الدخول في شتاء طويل من السخط وعدم الرضا".

ويقول إيرديمير، إنه من الناحية النظرية والعملية، يفترض أن تكون تركيا منارة للتعددية الدينية ونموذجاً للتعايش السلمي في منطقة نكبت بالإكراه الديني والقتل الجماعي والتطهير العرقي. وقد كانت احتجاجات حديقة جيزي في يونيو( حزيران) ٢٠١٣، أول تحدٍ كبير من نوعه ضد حكم أردوغان التسلطي، وأنتجت مشاهد احتفالية من التعددية بحيث سارت نساء محجبات إلى جانب نشطاء علمانيين، ووقف ماركسيون لحماية" مسلمين مناهضين للرأسمالية" أثناء تأديتهم الصلاة. كما شارك ملحدون إلى إلى جانب إسلاميين في إلقاء كلمات على مسمع المتظاهرين.

طائفية واستقطاب
ولكن، برأي إيردمير، لم تخف تلك التظاهرات حدة الطائفية والاستقطاب السائدة اليوم في تركيا. إذ منذ ١٢ عاماً، وفي ظل حكم حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان، داوم كبار المسؤولين الأتراك على ضخ رسائل تعبأ بالكراهية والتعصب. كما سمحت الثقافة السياسية لمرتكبي جرائم الكراهية والبغض للنجو من المحاكمة، بل لنيل الاستحسان والمديح.

ويمضي الكاتب للقول بأن تلك السياسات القائمة على التفرد وإقصاء الآخر، والتي يمارسها حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان، قد أدت لتحويل أبناء الطائفة العلوية والأقليات غير الإسلامية لكباش فداء. إذ في حين ضمت قائمة الحزب الحاكم في انتخابات عام ٢٠٠٧ ثلاثة نواب علويين، تراجع عدد هؤلاء إلى نائب واحد في انتخابات عام ٢٠١١، وأخيراً غاب النواب العلويون عن نفس القائمة في انتخابات ٢٠١٥. وقد ترافق ذلك مع زيادة في خطاب الكراهية من قبل نواب أردوغان، وخاصة في أعقاب انتخاب نائب علوي بوصفه زعيماً لحزب الشعب العلماني المعارض( سي إتش بي) في مايو( أيار) ٢٠١٠. ولا يتردد أنصار أردوغان في حزب العدالة والتنمية، ولا حتى العاملبن في المؤسسات الحكومية من اتباع نفس النهج.

تسميم المناخ السياسي
وبرأي إيرديمير، سرت عدوى هذا المناخ السياسي السام في أنحاء عدة من تركيا، وبين صفوف أحزاب تركية أخرى تسعى لخطب ود حزب العدالة والتنمية على أمل تشكيل ائتلاف حكومي. فقد أعلن نائب عن حزب الحركة الوطنية مؤخراً، بأن حزبه لن يصوت لترشيح زعيم حزب الشعب العلماني كمتحدث باسم البرلمان، لأنه من شأن ذلك أن يعد تصويتاً لمجلس" بدون ديانة ولا عقيدة"، وهو شعار لطالما يطلق ضد العلويين والعلمانيين في تركيا.

ومع اقتراب تشكيل حكومة تركية، يتضح بأن حزب العدالة والتنمية سوف يتمكن من التحالف مع أحزاب أخرى من تشكيل ائتلاف حكومي متجانس يقود تركيا نحو نبذ الطوائف غير السنية ولبث رسائل التفرقة والتمييز ضد الطوائف الأخرى والأقليات. وقد تؤمن تلك الشراكة الحصول على نسبة ٧٥٪ من الأصوات، وأكثر من ثلاثة أخماس المقاعد الضرورية في البرلمان من أجل تعديل الدستور لمنح أردوغان سلطات رئاسية أوسع.

لقد نجت تركيا من جولتين من التحالفات القومية، في عامي ١٩٧٥ و١٩٧٧، عندما تحالف القوميون اليمينيون مع الإسلاميين. ويذكر الأتراك ممن عانوا الأمرين في تلك السنوات أياماً سوداء من القمع والقتل. فقد خلف الاستقطاب وتصعيد العنف أكثر من ٥٠٠٠ قتيلاً من كلا جانبي الطيف السياسي في أقل من خمس سنوات، ومهد الطريق لاشتباكات طائفية ومجازر بحق العلويين.

ويختم إيرديمير رأيه بالقول" سيأتي التحالف البرلماني والحكومي الجديد على حساب الديموقراطية والتعددية في تركيا. وإن اختار هذا البلد طريق الاستقطاب الطائفي والعرقي، فإنه لن يمضي وقت طويل قبل أن يتحول ربيع تركيا الزائف إلى شتاء غاضب غير متسامح".