أوباما و أردوغان(أرشيف)
أوباما و أردوغان(أرشيف)
الأربعاء 29 يوليو 2015 / 11:00

كريستيان ساينس مونيتور: هل تكون منطقة حظر الطيران فوق شمال سوريا آمنة حقاً؟

24 - إعداد: ميسون جحا

طرحت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية، سؤالاً ربما خطر ببال عدد من المتابعين للحرب الدولية الجارية ضد داعش، وموافقة تركيا مؤخراً لطائرات التحالف الدولي للانطلاق من قواعدها الجوية، وهو" ماذا يعني إنشاء " سورية منطقة آمنة"؟.

وتستهل الصحيفة تحليلها السياسي بالقول بأنه رغم اتفاق الولايات المتحدة وتركيا على إبعاد داعش عن الجانب السوري من الحدود مع تركيا، هناك عدة أجندات وعدد من اللاعبين ممن يحاولون صياغة الصراع في المنطقة.

توحيد المسار
وتبدو الولايات المتحدة وحليفتها في الناتو تركيا، قد سارا أخيراً في نفس المسار الهادف للقضاء على داعش. إذ بعدما قتل داعش ٣٢ كردياً عند الجانب التركي من الحدود مع سوريا، في الأسبوع الماضي، أجرت أنقرة جولة من الاعتقالات لعناصر ينتمون لداعش داخل البلاد، وبدأت بشن ضربات جوية ضد أهداف تابعة للتنظيم داخل الأراضي السورية، وفتحت أخيراً قاعدتها الجوية في إنجيرليك للطائرات الحربية الأمريكية، مما سيوفر وقتاً إضافياً للطيارين لضرب عدد أكبر من الأهداف.

ولكن، برأي كريستيان ساينس مونيتور، قد تكون المظاهر خداعة. إذ تواصل تطبيق سياستها في اعتبار الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد كأولوية تسبق حربها لداعش. كما أنها تنظر بريبة وحذر للجيب الكردي المحكوم ذاتياً في سوريا، مما يعكس حالة من الاستقلال بفعل الأمر الواقع، كما فعل أشقاؤهم في كردستان العراق، ويعطي إشارة أو منارة لباقي الأقلية الكردية في تركيا.

وحتى عند بدئها شن غارات ضد داعش في سوريا، شنت تركيا هجمات ضد معسكرات لحزب العمال الكردستاني( بي كي كي) داخل كردستان العراق، وهو حزب يرغب بإقامة وطن للأكراد في جنوب تركيا. وقد أثبت الأكراد في المنطقة بأنهم من أكثر المقاتلين فعالية والتزاماً في الحرب ضد توسع داعش، وتلقوا دعما أمريكيا كبيراً.

لا منطقة حظر طيران
ولكن برأي الصحيفة، يبدو بأن تلك السياسية محفوفة بخطر قادم. فقد كشف مسؤول أمريكي لوكالة أسوشييتيد برس ووكالات إعلامية أخرى بأن الخطط الأمريكية للتعاون مع تركيا من أجل" تطهير المنطقة من داعش" على طول الحدود بين سوريا وتركيا، لن يؤدي لفرض منطقة حظر طيران.

ولكن المنطقة التي تقع حولها المعارك باتت في معظمها في أيدي مقاتلين أكراد، ومعظمهم من أكراد سوريا وبعضهم من العراق وتركيا، ممن تمكنوا بسواعدهم من تحرير المنطقة من داعش. وفي حين باركت الولايات المتحدة ذلك التطور، وقدمت دعمها للأكراد، يبدو أن تركيا راغبة بتدعيم المقاتلين الأكراد بقوات سورية أكثر ولاءً لمصالحها، ومعظمهم من القوات العربية السنية.

وقد تعهد مقاتلون أكراد بمحاربة القوات التركية إن غزت المنطقة، وفي نفس الوقت صعدت تركيا من خطابها الهجومي ضد الأكراد.

وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء التركي، أحمد داوود أوغلو في مؤتمر صحيفي عقد مؤخراً في لشبونة" لا فرق بين بي كي كي وداعش. لا تستطيع أن تقول بأن بي كي كي أفضل لأنه يحارب داعش. وإن عناصر بي كي كي يحاربون لنيل السلطة لا لتحقيق السلام أو الأمن. وقد شنوا سابقاً هجمات إرهابية داخل الأراضي التركية، وقد يكررون تلك الهجمات إن شعروا بأن أنقرة مهددة".

اقتراح خطر
وتقول كريستيان ساينس مونيتور بإن الإعلان عن إقامة" منطقة آمنة" دون السيطرة على المجال الجوي يعد اقتراحاً خطيراً. فإن قوات الأسد تركز حالياً في حربها حول المناطق الساحلية، أكثر من المناطق التي تسمى" منطقة آمنة" والتي تقيم فيها غالبية من السكان السنة والأكراد السوريين. ولكن إن بدأت سوريا، عند مرحلة ما، بشن غارات ضد مراكز سكانية في "المنطقة الآمنة"، فمن الصعب تخيل كيف ستتجنب الولايات المتحدة إنشاء منطقة حظر طيران فوق منطقة، وعدت بأن تكون آمنة.

وتلفت الصحيفة لما تحقق بعد فرض الولايات المتحدة منطقة حظر طيران فوق كردستان العراق خلال حرب الخليج الأولى، والذي مهد لإنشاء سلطة حكم ذاتي في كردستان العراق. ولا بد أن تنظر تركيا لوضع مشابه على طول حدودها بوصفه كارثة سياسية، وخطراً أكبر لمصالحها من بقاء نظام الأسد.

وخلاصة الأمر، يقصف الطيران الأمريكي داعش من أجل مساعدة حكومة بغداد والأكراد، والذين تعتبرهم واشنطن حلفاء لها. كما تتجنب الولايات المتحدة مهاجمة النظام السوري لأنها ترى فيه أهون الشرين. وفي نفس الوقت، تقصف تركيا الأكراد، وقد اضطرت لمهاجمة داعش، فيما تسعى للإطاحة بالحكومة في دمشق. ولا تثق تركيا ببغداد وعلاقتها العسكرية الوطيدة مع إيران.

ونتيجة لكل ما سبق، لا يلوح في الأفق احتمال إنشاء منطقة آمنة على طول الحدود السورية التركية.