الأربعاء 29 يوليو 2015 / 18:20

من هو الملا عمر؟

24- نيفين الحديدي

كما اتسمت حياة الملا عمر، زعيم حركة طالبان، بالسرية وهاجس الابتعاد عن الأضواء، يأتي اليوم نبأ وفاته مغلفاً بكثير من الغموض، ودون توضيح للملابسات، إذ أوردت وسائل الإعلام عن مصادر حكومية أفغانية، أنه مات قبل سنتين أو ثلاث سنوات في باكستان، بسبب المرض.

ورغم أن تقارير إعلامية تعلن موت الملا عمر، صدرت أكثر من مرة في الماضي، ولكنها المرة الأولى التي يتم فيها تأكيد النبأ من جانب الحكومة الأفغانية، فيما يتوقع أن تصدر حركة طالبان تصريحاً بعد وقت قصير.

وشكل هاجس السرية الذي كان يبديه الملا عمر، الزعيم الروحي لحركة طالبان الأفغانية في فترة حكم الجماعة بين 1996 و2001 قبل الغزو الأمريكي لأفغانستان، سبباً في اختلاف المختصين والباحثين في شؤون حركة طالبان حول نواح كثيرة من حياته، بما في ذلك ولادته ونشأته.

ولادته ونشأته
ولد الملا عمر عام 1960 لأسرة فقيرة جداً، بالقرب من قندهار، العاصمة الأفغانية القديمة، حيث تلقى تعليمه وتدريبه الديني، وانتقل إلى سنغسار خلال حرب العصابات ضد الاتحاد السوفياتي في الثمانينات.

اسمه الكامل هو الملا محمد عمر مجاهد، أما والده وأجداده فهم من المولوية، الذين كانوا يشتغلون بالإمامة في المساجد، ووصف والده بأنه كان "شخصية اجتماعية محترمة"، وتوفي عندما كان الملا عمر في الخامسة من عمره.

اضطر عمر إلى ترك دراسته الدينية بعد الغزو السوفييتي لأفغانستان، حيث التحق بالمجاهدين "تنفيذاً لواجبه الديني"، وكان عمره آنذاك حوالي 19 عاماً، وهكذا فإن حركة طالبان ولدت في كنف كره شديد للاتحاد السوفييتي الملحد الذي غزا بلادهم.

وكلمة "ملا" في أفغانستان هي الطالب الذي يدرس العلوم الشرعية، أما المولوي فهو الذي أتم دراسته بالفعل.

الخلفية الفكرية
ينتمي الملا محمد عمر وكل زعماء حركة طالبان إلى المدرسة الديوبندية، وهي اتجاه سني في المذهب الحنفي تأسس في مدينة ديوبند بالهند، وبعد قيام باكستان زاد عدد المدارس الدينية الديوبندية والتحق بها عدد كبير من الأفغان ويشكل الكثير منهم أفراد حركة طالبان، وتتميز هذه المدرسة بآرائها الفقهية المتشددة من المرأة والعديد من الشعائر الإسلامية.

بدأ الملا عمر كرجل دين بسيط، ليس لديه أي فكرة أو رؤية عن مستقبل الدولة الأفغانية، زهد في السلطة، وأراد فقط تخليص أفغانستان من أمراء الحرب، والعصابات، والفساد الذي انتشر آنذاك.

عرف عن الملا أنه عاش حياة بسيطة وتمتع بروح دعابة "خاصة"، وأنه لم يكن يحب الأضواء، إذ كان يمنع المصورين من تصويره بالفيديو لأنه يعتقد أيضاً أن هذا الشيء "حرام"، وهي من الأسباب التي دفعت أسامة بن لادن للإعجاب به لاحقاً، عندما تحالفت حركة طالبان مع القاعدة في منتصف التسعينات.

زعيم طالبان
تولى الملا عمر في عام 1994 قيادة المجاهدين الذين كانوا يحاولون إيقاف الاقتتال، الذي كان يدور آنذاك بين زعماء الحرب الأفغان، عقب انهيار النظام الشيوعي الذي كان يحكم البلاد في 1992.

وفي عام 1996، خلع عليه لقب "أمير المؤمنين" وأصبح زعيماً لحركة طالبان، واستطاع الملا محمد عمر قيادة الحركة إلى النصر على الميليشيات الأفغانية المنافسة لها في الحرب الأهلية التي تبعت انسحاب القوات السوفييتية من أفغانستان.

غير أن تحالفه مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن كان هو السبب الذي دفع بالولايات المتحدة إلى غزو أفغانستان على رأس تحالف دولي في 2001 بعيد هجمات سبتمبر(أيلول) في نيويورك وواشنطن.

وهرب الملا عمر آنذاك، فيما أعلن الأمريكيون عن مكافأة تبلغ 10 ملايين دولار لمن يقبض عليه، ليصبح الرجل الثاني، وأشهر المطلوبين للولايات المتحدة الأمريكية، بعد زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، الذي تم اكتشاف مكانه في باكستان، ومن ثم قتله.

وبعد انسحاب مقاتلي طالبان من العاصمة كابول، ظل الملا محمد عمر متوارياً عن الأنظار بصمت، ومصيره مشابه لمصير أسامة بن لادن، حتى هذا اليوم الذي أعلن فيه عن نبأ موته، ومن المقرر أن تعقد الحكومة الأفغانية مؤتمراً صحافياً للحديث حول إشاعات وفاته.