أردوغان (أرشيف)
أردوغان (أرشيف)
السبت 1 أغسطس 2015 / 00:12

فورين أفيرز: حرب أردوغان ... المغامرة الكبرى للرئيس التركي

24 - إعداد: مروة هاشم

تناول مقال تحليلي نشرته مجلة فورين أفيرز الأمريكية على موقعها الإلكتروني ما وصفته بالمغامرة الكبرى التي يقوم بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يسير إلى منطقة مجهولة باختياره فتح حرب على جبهتين في وقت واحد من خلال الضربات الجوية التي تشنها أنقرة ضد حزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش الإرهابي.

أردوغان يسير في منطقة مجهولة باختياره فتح حرب على جبهتين في وقت واحد وهما حزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش الإرهابي وعلى ما يبدو أنه بات واضحاً أمام أردوغان أن الأمن التركي لم يعد ممكناً من دون اتخاذ إجراء استباقي إذ أنه يواجه ثلاثة تهديدات من بشار الأسد والأكراد وتنظيم داعش الإرهابي

وأكد المقال أن الحسابات السياسية للرئيس أردوغان ستؤثر سلباً على العلاقات ما بين أنقرة وواشنطن، وقد تؤدي إلى حدوث حالة من عدم الاستقرار الداخلي في تركيا والإضرار بالاقتصاد التركي إلى حد كبير.

استهل المقال: "يرى الغرب أن المواجهة التي تمت الأسبوع الماضي بين تنظيم داعش الإرهابي وتركيا وأسفرت عن مقتل جندي تركي وأحد المقاتلين المتشددين تُعد أول مواجهة عسكرية تركية مباشرة مع التنظيم الإرهابي منذ اندلاع الانتفاضة ضد الرئيس السوري بشار الأسد في عام 2011. وعقب وقت قصير من ذلك الهجوم، أعلن رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو أن تركيا سوف تشن حملة عسكرية ضد "كل المنظمات الإرهابية"، إذ أوضح أن الضربات العسكرية لن تكون قاصرة على تنظيم داعش الإرهابي فقط، وإنما ستستهدف أعداء تركيا الآخرين، وتحديداً حزب العمال الكردستاني".

أردوغان والمخاطرة المحسوبة
وعلى الرغم من أن المراقبين كانوا يتوقعون من أردوغان القيام بمثل هذا التصعيد، فإن ثمة عدد من العوامل التي كان لها دوراً في تشجيع أردوغان على اتخاذ هذا القرار المتهور، حسبما وصفه المقال. ولا يتبقى سوى الانتظار لتحديد ما إذا كانت تلك المخاطرة المحسوبة للرئيس أردوغان ستؤتي ثمارها بتحقيق قدر أكبر من الأمن أو المزيد من النفوذ الإقليمي والمزيد من السلطة داخل البلاد، أم سينتج عنها نتائج عكسية.

لفت المقال إلى أن نشاط تركيا المفاجىء جاء بعد ضغوط أمريكية استمرت عدة شهور. وفي غضون أسبوع، قامت تركيا بتكثيف تبادل المعلومات الاستخباراتية، ورفع القيود المفروضة على الطائرات الأمريكية لكي تحلق من قاعدة انجرليك العسكرية في تركيا إلى سوريا. كما دعت أيضاً تركيا حلف الناتو لعقد اجتماع طارىء نتج عنه إظهار التضامن مع حق تركيا للدفاع عن نفسها ضد الإرهاب، ولكن من دون أن يتم الاتفاق على الخطوات المقبلة.

إرادة سياسية منفردة
وأشار المقال إلى أن تركيا اقترحت إنشاء منطقة حظر طيران حول الحدود السورية، وأفشلت واشنطن هذه الخطة، بيد أن كل من الرئيس التركي أردوغان والرئيس الأمريكي أوباما اتفقا بالفعل على زيادة التنسيق مع تركيا بشأن الغارات الجوية الأمريكية ضد تنظيم داعش الإرهابي والاستمرار في تدريب مقاتلي المعارضة السورية، لتعزيز الجهود التركية.

وقال المقال: "لا تُعد رغبة تركيا في إقامة مناطق آمنة بشمال سوريا شيئاً جديداً، وإنما إرادتها السياسية لتحويل هذه الخطط إلى واقع بمفردها من دون انتظار الدول الأخرى، يُعد من الأشياء الجديدة اللافتة للنظر. وطوال فترة الصراع، جادلت تركيا أن هناك حاجة إلى مثل هذه المناطق الآمنة لحماية حدودها والسماح للاجئين السوريين بالعودة إلى بلادهم".

وذكر المقال أن وزير الخارجية التركي أكد هذا الرأي الأسبوع الماضي عندما قال: "بمجرد أن يتم إخلاء تلك المناطق من تنظيم داعش الإرهابي، سوف تتشكل المناطق الآمنة بصورة تلقائية، وسيتم تسوية قضية النازحين في تلك المناطق".

وعلى الرغم من استبعاد أنقرة لفكرة نشر قوات برية لدعم هذه العملية، فإن أردوغان قد أكد على التزام تركيا بتأمين تلك المناطق. وبحسب المقال، مازال الوقت مبكراً لمعرفة إلى أي مدى سوف يلتزم أردوغان بهذا الوعد، وإذا ما كان سيمتد إلى ما هو أبعد من غارات جوية وعمليات خاصة لمساعدة المعارضة. ولكن على الأرجح يحتاج أردوغان إلى أن يكون مستعداً لمواجهة قوات بشار الأسد إذا قامت بمهاجمة المناطق الأمنة، أو إرسال قوات برية إذا عجزت المعارضة السورية عن تأمين تلك المناطق.

تركيا ومخاطر صعود داعش
أما العامل الآخر الذي كان له دوراً في التوقيت الذي اتخذ فيه أردوغان قراره بالمغامرة الكبرى - كما أوضح المقال - فيتمثل في تنامي عدم ارتياحه تجاه تنظيم داعش الإرهابي. في خلال الشهور الأولى التي أعقبت صعود تنظيم داعش الإرهابي، يبدو أن أنقرة تعاملت مع هذا التنظيم على أنه مثل أي جماعة معارضة أخرى في سوريا، ومن ثم وضعت على قائمة الأولويات التي تهدد استقرارها كل من نظام بشار الأسد والأكراد فقط.

ولفت المقال إلى أن أردوغان قد اشتكى بالفعل من أن هوس الغرب بداعش ترجع جذوره إلى كراهية الإسلام والتحيز ضد الأتراك، مشيراً إلى أن الصحافة الغربية فضلت التركيز على تجارة السوق السوداء التي يقوم بها تنظيم داعش عبر الحدود التركية بدلاً من التركيز على الدول التي نشأ فيها بالفعل مقاتلي داعش.

وتابع "حدث خلال الأشهر الستة الماضية أن تحولت الحسابات السياسية لأردوغان مع تصاعد خطابات تنظيم داعش حول إقامة الخلافة المزعومة في اسطنبول، وكانت تلك التصريحات مزعجة داخل تركيا، لاسيما أنها جاءت قبل الانتخابات الوطنية، التي كان أردوغان يروج فيها أن حزبه الإسلامي المحافظ يحقق النهوض الديمقراطي لتركيا كقوة إقليمية مهمة تتجاوز التراث العثماني لها. والأسوأ من ذلك أيضاً كان التفجير الانتحاري في سروج الذي راح ضحيته أكثر من ثلاثين قتيلاً فضلاً عن مئات المصابين، الذين كانوا يستعدون للذهاب إلى معقل الأكراد في كوباني بسوريا. ويبدو أن ذلك الحادث كان القشة التي قصمت ظهر البعير".

حرب على جبهتين في وقت واحد
ورأى المقال أن أردوغان يسير في منطقة مجهولة باختياره فتح حرب على جبهتين في وقت واحد وهما حزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش الإرهابي. وعلى ما يبدو أنه بات واضحاً أمام أردوغان أن الأمن التركي لم يعد ممكناً من دون اتخاذ إجراء استباقي، إذ أنه يواجه ثلاثة تهديدات من بشار الأسد والأكراد وتنظيم داعش الإرهابي.

وأكد أن تلك العمليات سوف ترهق الخدمات العسكرية والأمنية في تركيا، وستجعلها أكثر اعتماداً على المساعدات الأمريكية. وخلال الشهور القادمة، سيقوم حزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش الإرهابي بتكثيف عملياتهما العنيفة ضد الحكومة التركية، والبنية التحتية والمواطنيين الأتراك. وإذا تصاعدت الهجمات، فإن الاقتصاد التركي يمكن أن يتضرر إلى حد كبير.

حسابات أردوغان السياسية
توقع المقال أن تضر حسابات أردوغان السياسية علاقة تركيا بواشنطن وذلك في الوقت الذي ستكون فيه تركيا أكثر احتياجاً إلى الولايات المتحدة من أي وقت مضى.

وعلى الرغم من تأييد واشنطن للعمليات العسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابي، فإن أوباما لا يتفق مع أردوغان على قراره بتوجيه ضربات ضد حزب العمال الكردستاني، وتعتقد واشنطن أن المجتمعات الكردية في سوريا والعراق أطراف شريكة فاعلة في دحر تنظيم داعش الإرهابي.

 وسيكون من الصعب السيطرة على الخلافات الاستراتيجية ما بين الولايات المتحدة وتركيا إذا استمرت أنقرة في تصعيد حملاتها العسكرية ضد الجماعات الكردية في جنوب حدودها.

المغامرة الكبرى
ورأى المقال أن تحديد تأثير كل ما سبق على مصلحة أردوغان الشخصية لايزال من الأشياء الغامضة. ففي السابق كان الرئيس التركي على استعداد للمغامرة بإجراء سلام مع الأكراد، ولكن أفعال تركيا اليوم ضد حزب العمال الكردستاني وخطابها القوي يمكن أن يؤديان إلى تقويض الوحدة الكردية على المستويين المحلي والإقليمي. وهذا سيخلق المزيد من عدم الاستقرار الداخلي في الوقت الذي ستكون فيه قوة عسكرية كبيرة لتركيا على المحك في حربها ضد الجماعات القتالية الإرهابية التي تسيطر على مساحات من سوريا.

واختتم المقال "في الوقت الذي تتشاحن فيه الأحزاب السياسية التركية فيما بينها للسيطرة على السلطة في المفاوضات الائتلافية، سيكون فوزاً واضحاً بالنسبة إلى أردوغان أن يُظهر قدرته على قيادة البلاد بشكل قوى، الأمر الذي سيجعله قادراً على إجراء انتخابات وطنية مبكرة".

ويمكن أن يستخدم أردوغان مثل هذه الانتخابات في استعادة أغلبية مقاعد البرلمان لحزبه، وتأمين حصة كبيرة من المقاعد بما يكفي للتحرك بحرية لإقرار إصلاحات دستورية لتحويل تركيا إلى نظام رئاسي.

وبناء على ما سبق يمكن أن يكون أردوغان الفائز الأكبر أو الخاسر الأكبر من جراء أحدث المعارك التي تخوضها تركيا في الوقت الراهن، ومن المؤكد أن علاقاته بالولايات المتحدة ستنتهي بالتوتر بغض النظر عن نتيجة المغامرة التي يقوم بها.