الإثنين 3 أغسطس 2015 / 15:21

دواعش إسرائيل والرد المفترض!

لا فرق بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وقطعان المستوطنين، فالطرفان يحملان عقيدة واحدة جوهرها العمل على محاربة الحياة الفلسطينية في مناحيها المختلفة، وتاريخياً كانت الحركات الإرهابية المتطرفة هي العامل الحاسم في قتل وتهجير وطرد الفلسطينيين من قراهم ومدنهم كمنظمة الهاغاناه والأرغون ولاحقاً كاخ وجماعة حماة الهيكل وجماعة إحياء الهيكل، وغيرها من الحركات الدموية التي تؤمن إيماناً قاطعاً بفكرة أرض "إسرائيل الكاملة" والتي تعني كل فلسطين وتعمل كلها على التنكيل بالفلسطينيين لترك أراضيهم، كما تعتبر هذه الجماعات قتل الفلسطينيين "عملاً مباركاً"، كما تحرم بشكل قطعي إخلاء المستوطنات وإقامة سلام مع الفلسطينيين أو السماح لهم بإقامة دولتهم مهما كانت نوعية هذه الدولة أو حجمها أو قوتها من عدمه.

هذا الفكر الشاذ والمريض لا يختلف أبداً عن الفكر الشاذ والمريض لداعش، فتوظيف الدين أو "الله" في أية قضية سياسية لا بد أن ينتُج عنه فكر مشوه للعلاقة الإنسانية بين العبد وربه أولاً، وفائض من العنف والدموية يستخدم فيها الدين سلاح لقتل الآخر ثانياً.

بعد جريمة حرق الطفل علي دوابشة وبقية أفراد عائلته عادت قضية "دواعش المستوطنين" وسلوكهم الإجرامي ضد الفلسطينيين العزل إلى واجهة الأحداث، بل عادت القضية الفلسطينية برمتها إلى الواجهة بعدما اختفت من العنوانين البارزة في نشرات الأخبار لفترة طويلة.

الجريمة بشعة بكل المقاييس ولكنها ليست الأولى فقد سبقتها جرائم بشعة ارتكبها هؤلاء الإرهابيون مثل إحراق الشاب محمد أبو خضير في القدس بعد اختطافه من المستوطنين، وقبلها الكثير الكثير من الممارسات الوحشية التي يقوم بها غلاة الدواعش الإسرائيليين، ولربما يكون لغياب رد الفعل الفلسطيني على الممارسات الخطيرة لهؤلاء المتطرفين وتحديداً حيال المسجد الأقصي أو في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية أحد العوامل التي شجعتهم على مواصلة "أجنداتهم" في تحويل حياة الفلسطينيين في الضفة إلى "جهنم" والاستهتار بأبسط القيم الإنسانية، ولهذا فإنه من الواجب على السلطة الفلسطينية أن تتخذ هذه المرة موقفاً جدياً وحاسماً حيال هذا الملف، حيث سبق لها أن هددت بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل بعد تزايد الاقتحامات للمسجد الأقصى من قبل الجيش الإسرائيلي والمستوطنين قبل أسبوع تقريباً، وهددت بعد جريمة حرق الشاب محمد أبو خضير قبل عام تقريباً وعلى لسان رئيسها إنها جريمة لن تمر مرور الكرام ولكنها مرت وسهلت ارتكاب جرائم أخرى غيرها لن يكون آخرها جريمة حرق الطفل دوابشة إن لم تتخذ إجراءات صارمة من أهمها نقل ملف الاستيطان كاملاً للجنائية الدولية، فالاكتفاء بتقديم شكوى جنائية ضد مستوطنين مجهولين هو إجراء لا قيمة له لا قانونياً ولا سياسياً، فالمطلوب هو ربط جريمتي أبو خضير والطفل علي دوابشة بالاستيطان والمستوطنين وجريمة استيلائهم على أراض الغير بالقوة ورعاية جيش الاحتلال الإسرائيلي لذلك، فهي جريمة حرب بامتياز.

الإسرائيليون وفي مقدمتهم نتانياهو انتبهوا لخطورة القضية بعد أن أصبحت دولة فلسطين عضواً في اتفاق روما وقُبلت كعضو في الجنائية الدولية، فسارعوا ولأول مرة في تاريخ الإجرام الصهيوني إلى إدانة جريمة يرتكبها إسرائيليون، فتصريحات الإدانة بل مطالبة البعض مثل وزير الدفاع الأسبق عمير بيرتس خلال العدوان على لبنان عام 2006 هدم بيوت المستوطنين الذي قاموا بالجريمة ومحاكمتهم وفق قانون الإرهاب، ما هي إلا محاولة لمنع السلطة الفلسطينية من تقديم شكوى بملف كامل بشان الاستيطان والمستوطنين، وهو أمر يدلل على مدى مخاوف الطبقتين السياسية والعسكرية في إسرائيل من فتح ملف الاستيطان والحروب على غزة.

رغم بشاعة جريمة حرق الطفل علي دوابشة، فهي تعد قوة نوعية جديدة لإنسانية وقدسية "الألم الفلسطيني" الذي بات بحاجة إلى تضحيات كبرى ولكن هذه المرة من الطبقة السياسية الفلسطينية العليا في السلطة الفلسطينية وعلى رأسها أبو مازن، على غرار ما فعله الشهيد الكبير ياسر عرفات عندما تحدى شارون الذي فقد أعصابه وشن عليه الحرب عبر عملية "السور الواقي" وحاصره حتى وفاته مسموماً!

هل يفعلها عباس ويكرر تجربة عرفات قرباناً لأقدس قضية في التاريخ الإنساني، إنه مجرد سؤال !