الإثنين 3 أغسطس 2015 / 15:29

أعداء.. ولكن حلفاء!

الإرهابيون الذين أحرقوا منزل عائلة الدوابشة وقتلوا الرضيع "علي" في قرية دوما في الضفة الغربية المحتلة هم أصوليون يهود يؤمنون بأن قتل "الأغيار" يضمن لهم الجنة، والإرهابيون الذين يحرقون منازل حمص وحماة والموصل والرمادي وبنغازي ويقتلون الأطفال ويسبون النساء هم أصوليون إسلامويون سنة يؤمنون أن حرق البشر يضمن لهم الحظوة بحوريات الجنة، والإرهابيون الذين ينكلون بأهل السنة في غرب العراق هم أصوليون شيعة يؤمنون بقدرة الإمام على صرف تذاكر الدخول إلى الجنة.. بعد تطهير انصال السكاكين بدماء المساكين.

وكذلك، فإن الإرهابيين الذين اقترفوا مجزرة صبرا وشاتيلا كانوا أصوليين مسيحيين يؤمنون بأن الطريق إلى الجنة تمر من شارع المذبحة.
لا تعريف للأصولية في زماننا غير الإرهاب، ومن لا يرى هذا الواقع عليه أن يفحص عينيه وأن يختبر حواسه.

كل ما حولنا مخيف، ويحاصرنا الإرهاب الأصولي من كل الجهات، ويتكاثر الإرهابيون في بلادنا كما تتكاثر الديدان في حواضن مجتمعية دفعها القهر واليأس والإحباط من حكم الرجعيات الفاسدة إلى البحث عن الموت بحزام ناسف أو سيارة مفخخة لنيل ثواب الآخرة سبيلاً للخلاص من عقاب وعذاب الدنيا!

وهناك من يستثمر في هذا الانتحار الجماعي في مركزي الخلافتين الأموية والعباسية وعلى امتداد التراب العربي، وهناك جهات تستورد الإرهابيين من كل جهات الأرض لتعزيز الأصوليات المحلية وتمكينها من حكم البلاد والعباد بحد السيف وفتاوى التكفير. وقد صار مألوفاً أن نستورد الإرهابيين من الشيشان وأفغانستان وأوروبا مثلما نستورد السيارات والتجهيزات المنزلية من الولايات المتحدة واليابان وكوريا!

ومثلما تعززت الأصولية التكفيرية في بلادنا برعاية أنظمة تقاتلها الآن، تتعزز الأصولية اليهودية في كيان الاحتلال برعاية حكومة جلها من الأصوليين، وجيش كله أصوليون. لذا تتواصل جرائم اليهود في فلسطين ويستمر العبث اليهودي في كل بلاد العرب.

من بعيد، يبدو وكأن هناك تحالفاً أو تواطؤاً على الأقل بين الأصوليين اليهود والأصوليين الإسلامويين السنة والشيعة، لأنهم جميعاً يستهدفون العرب.

وأمام هذا الواقع يسقط الادعاء الكاذب بالعداء بين الأصوليتين، فالذين قتلوا الرضيع علي الدوابشة حرقاً وقبل ذلك اقتحموا المسجد الأقصى ودنسوه واعتدوا على المصلين فيه، لم يجدوا من يوقفهم من الأصوليين المنهمكين في قتل الأطفال وتدنيس المساجد في المدن العربية.

إنهم جميعاً شركاء في الجريمة وفي المخطط التخريبي الذي دشنه امتطاء جماعات الاسلام السياسي للربيع العربي، وأدخل بلادنا في دوامة من العنف والقتل والخراب لا يعرف نهايتها الا الله.

رغم ذلك، ورغم تشابه الفعل الاستيطاني اليهودي مع الفعل الظلامي الداعشي والقاعدي والنصروي، لا تزال جماعات الإسلام السياسي تواصل رفع الشعار الكاذب بمعاداة اليهود، وتستمر في الوقت نفسه بالتحريض على القتال في كل الأرض إلا فلسطين.. وتجد من يصدقها ومن ينجر وراءها في شوارع العرب والمسلمين.

قبل أيام اقتحم الإرهابيون اليهود قبلة المسلمين الأولى في القدس، فهب الإسلامويون لنصرة الأقصى بمظاهرة في عمان.. وبالسلاح في دمشق وسيناء!

كانت مظاهرة عمان ترفع شعار الدفاع عن الأقصى لكنها في الواقع كانت توجه رسالة سياسية إلى النظام في استعراض واضح لقدرتها على الحشد في الشارع الأردني، وقدرتها المجربة على تفريخ الدواعش والقاعديين وكل أنواع الظلاميين.

وكانت المسيرة الشعبية في منطقة "وسط البلد" في عمان فعلاً استعراضياً لا قيمة حقيقية له، بينما كانت السيارات المفخخة في المدن السورية تحصد أرواح الأبرياء من السوريين في المدن والفلسطينيين في اليرموك وباقي المخيمات.

تتحالف الأصوليات الآن ويتناغم فعلها على الأرض، لأن تحقيق مشروع الدولة اليهودية في فلسطين، وانتقال إسرائيل من المشروع الصهيوني إلى المشروع التوراتي يتطلب قيام "دولة الخلافة" في أجزاء من أرض العرب.

يقولون إنهم أعداء، لكنهم في الحقيقة حلفاء.