الثلاثاء 4 أغسطس 2015 / 15:32

وإذا الطفولة سُئلت: في أي شرع قَتلت؟

لطالما علقنا على كل تصرف طفولي ساذج أو ناضج ، مشاكس أو ملاطف بكلمة واحدة تختصر المواقف وتنقل العواطف: "البراءة". اليوم نردد بكل أسف وحنق: قاتل الله الدواعش، شوهوا كل جميل، لقد قتلوا البراءة وقتلوا بها.

ليس مقطعاً واحداً فقط هو ما يتداوله الناس عن طفل عربي يتدرب على السلاح، أو يهدد بالقتل، أو يقتل، أو ينحر. ليس مقطعاً واحداً وليست حالة شاذة، إنه عمل ممنهج، بدأ بتسلل آباء بعيداً عن الحياة الأسرية المسؤولة، وهروب نساء بهن لوثة من جنون للالتحاق بداعش، مصطحبين أبناءهم ومفاخرين بذلك، متزامناً بشكل لا يمكن أن يكون عشوائياً مع لقاءات إعلامية مع أطفال فقدوا عائلاتهم، وتلقفتهم يد داعش الدامية.

ليبدأ المشهد الثاني في مدارس داعش "غير الشرعية" فالأطفال يدرسون العلوم الشرعية "فقط" ويركزون على العقيدة التي تخالف الكفار وتجاهدهم مما بعدوا أو قربوا. لينطق اللسان البريء بأناشيد "طفولية جهادية" وتهديد للكفار والعلوية بأن "جئناكم بالذبح".

المشهد الثالث بدا قريبا من الخيال، فالأطفال ليسوا في المدرسة، إنهم في معسكرات التدريب، ويواجهون الحياة بصدور عارية، وعقول خاوية، أطفال في عمر الزهور، يحملون سلاحهم ويطلقون الرصاص فتردد أكتافهم الناعمة وتتحطم البراءة.

المرعب لم يكن بعيداً. سرعان ما أتى سريعاً، ومريعاً، وفظيعاً، طفل يقتل، أو ينحر، دون دمعة تذرف، أو قلب يرجف، لقد تحول الطفل إلى آلة قتل، إنها الجريمة الأبشع في تاريخ البشرية، أن تغتال البراءة بهذا الشكل الهمجي، وتفاخر بذلك: أول طفل عربي ينحر.

أمام هذا الواقع المرير، وأمام الانتشار السريع لهذه المشاهد، ووصولها إلى أيدي أطفالنا تتعاظم المسؤولية على المربين، ويبقى الإشكال الذي ينبغي البحث عن جواب له: ما أولويات العمل المقبل: هل هو البحث عن أسباب هذه الظاهرة أم علاجها أم ترميمها؟ وكيف السبيل إلى ذلك؟ ومن الذي يعيد للطفولة براءتها؟