الأحد 9 أغسطس 2015 / 20:01

وكز!

أصبحت العقول بحاجة إلى زخم ثقافي وتوعوي، وجرعات مكثفة من الاتزان العقلي، والتوازن الفكري، فاليوم العقل أصبح خال، مجوف فارغ لا يحمل إلا هواء "لا يسمن ولا يغني من جوع".

نحن بحاجة إلى عقول كالقناديل تُضيء وتشتعل نوراً كلما زادت العتمة، لتنير لنا الطريق، عقول ممتلئة، متشبعة بالتفكر والتبصر، والتمحور والتبلور وتحليل المعجزات، وتجليل المنجزات لاستدراك ما يدور حولها لإنتاج الجديد والفريد من نوعه.

لماذا نحن دائماً نعاكس ونشاكس أنفسنا، ونتناول جميع المواضيع من دُبرٍ ثم نمضي في غياهب و"لواهبٍ".

أصبحنا اليوم بأنفسنا نساهم في تخريم الذات، وتهشيم الأنا الإنسانية، لتصبح هشة ركة لا تقوى على المجابهة والمواجهة.

أصبحنا اليوم تلهينا الأمور التي لا معنى لها، ونهول الأحداث، ونفبركها، لتصبح نكتة الموسم، ونرددها ونمررها ما بيننا سواء كان "تويتر" أو ما شابه ذلك من مواقع التواصل الاجتماعي.

هذه المواقع التي خُلقت مؤخراً من أناس عرفت معنى الحياة الحقيقي، وأدركت معنى الإضافة للناس "العادية" نحن الذين نستلم الفكرة جاهزة لنقلبها، ونشقلبها رأسا ًعلى عقب.

فنحن أصبحنا اليوم نقضي وقتنا فقط بانتظار الحدث القادم لنا، لكي نروّج، ونهرّج، ونفرّج عن ما بداخلنا من تراكمات، وضغوطات نفسية، ويصبح الحديث الأكثر تداولاً مابين الصغار والكبار، في المجلس والصالة.

أصبحنا لا نفرق في المجلس ما بين الأعمار، لأن العقول أصبحت واحدة، لا تحمل فكراً، بل مجرد معلومات خفيفة جاءت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والجميع أصبح مشتركاً بها. 

وفي الصالة للأسف يتهاوى الكبار من أعيننا حين نراهم بهذه السذاجه العقلية، والسماجة الفكرية لما يحملونه في جعبتهم من تفاهاتٍ وخرافات ..

نحن اليوم في دولةٍ فازت ونالت وحازت، وصالت وجالت، وسُطرت في بقاع الأرض قصيدةٌ جزلة كلماتها أنشودة، استطربت آذان العالم بها، طالما كانت تحت ظل قيادة رشيدة سديدة تحذو بخطواتٍ شاسعةٌ واسعة نحو آفاقٍ وأحداقٍ وأشواق الذين أحبوا بصدقٍ، ثم أخلصوا وتفانوا، ووضعوا أمام نصب أعينهم الوطن والمواطن.

فيجب علينا نحن كآباء ومربين للأجيال القادمة التي ستكمل المسيرة، أن نكون على قد الثقة التي أنيطت بنا، والأجيال القادمة بحاجة ماسة إلى آباء تُساهم في صياغة الاختزال الفكري، والبناء التوعوي الرصين، المتين، الرزين المبني على العلم، والثقافة، طالما كانت الثقافة ركيزة لنمو الذات.