الجمعة 28 أغسطس 2015 / 16:13

اللاجئون: حكاية الرحلة الطويلة من الموت إلى الموت

24 - راما الخضراء

فيما يستمر انتشال جثث آلاف المهاجرين الهاربين من جحيم بلدانهم، يقف المجتمع الدولي عاجزاً أمام أكبر أزمة لجوء عرفتها البشرية منذ الحرب العالمية الثانية، إذ لا يبدو لهذه المأساة نهاية قريبة.

300 ألف مهاجر عبروا البحر المتوسط منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2015، 2500 منهم غرقوا على شواطئ أوروبا، فيما وصل قرابة 200 ألف منهم إلى اليونان و110 آلاف إلى إيطاليا، مقابل عدد لم يتجاوز 219 ألفاً عام 2014.

ولا يشمل رقم الضحايا، القتلى والمفقودين قبالة سواحل ليبيا بعد غرق مركبين أمس الخميس، وانتشال 76 جثة حتى الآن، إذ ذكر تقرير أن قاربين كانا متجهين إلى أوروبا وعلى متنهما قرابة 500 مهاجر، وسط مخاوف بمقتل المئات.

في الوقت نفسه، عثر على 71 جثة بالنمسا داخل شاحنة متروكة على طريق، لمهاجرين ماتوا اختناقاً على الأرجح، في أسوأ مأساة للمهاجرين غير النظاميين يحاولون العبور براً.



ومع استمرار نيران الحروب والنزاعات في سوريا والعراق ومناطق أخرى، قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إنه من المتوقع عبور نحو 3 آلاف شخص يومياً إلى مقدونيا خلال الأشهر المقبلة من بينهم 700 طفل، وفي مقدمتهم سوريون فارون من الحرب في بلادهم ومن الدول المجاورة لها.



رحلة الانطلاق
تذاكر موت يدفع ثمنها الهاربون من الموت إلى الموت، أو إلى ظروف عيش بالغة القسوة، أسعاراً تصل إلى 5000 يورو، لإيصال أطفالهم إلى أوروبا بر الأمان، في رحلة قد تمتد أياماً بلا ماء أو غذاء أو حتى هواء، فتجار البشر يحرمون المهاجرين حتى من التنفس، ويسافر معظمهم في سفن شحن غير معدة للاستعمال البشري.

ونظراً لبعدها بنحو 4 كلم عن السواحل التركية، شهدت جزيرة كوس اليونانية تدفقاً كثيفاً للاجئين السوريين، الذين حملوا أرواحهم على أكفهم وركبوا البحر في ظروف سيئة للوصول إلى أوروبا، فيما تطلق رحلات الموت الأخرى من السواحل الليبية، حيث تشهد البلاد تدهوراً أمنياً من إسقاط الرئيس معمر القذافي.



وفي مخيمات مؤقتة أو في خيم فردية صغيرة بشوارع كاليه، يعيش آلاف من طالبي اللجوء من سوريا والعراق وإثيوبيا والسودان وباكستان وأفغانستان، بانتظار فرصة للعبور إلى بريطانيا، مما دفع السلطات لتشديد الحواجز الأمنية.

وتقطعت السبل باللاجئين في صربيا فاضطر كثير منهم إلى افتراش الأرض والانتظار في ظروف صعبة، ريثما يتمكنون من مواصلة رحلتهم بغية الاستقرار في دول أوروبا الغربية، ويواجه هؤلاء اللاجئون تعقيدات عدة بحكم أن عدداً من الدول الأوروبية ترفض استضافتهم تحت حجج مختلفة.



مؤامرة الإهمال
"لا نرى نهاية لتدفق البشر خلال الأشهر المقبلة"، أكدت المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين ميليسا فليمنغ، مشيرة إلى استمرار العنف في العراق وسوريا و"تفاقم أوضاع" اللاجئين السوريين في تركيا والأردن ولبنان.

فيما وصفت منظمة العفو الدولية أزمة اللاجئين في العالم بأنها "الأسوأ" منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، مشيرة إلى أن "إهمال وتآمر" قادة العالم أوصل الأوضاع لهذا السوء، في ظل استجابة "متقاعسة ومخزية" للمجتمع الدولي تجاه هؤلاء البشر.


وقالت المنظمة في تقرير لها، حمل عنوان "أزمة اللجوء العالمية.. مؤامرة قوامها الإهمال"، إن "إهمال قادة العالم لقضية اللاجئين يحكم على ملايين الأشخاص بحياة بائسة ويدفع الآلاف إلى حتفهم".

ورغم محاولات دولية لمعالجة أعراض الهجرة، إلا أن الاتحاد الأوروبي ما زال عاجزاً عن احتواء المأساة، إذ أعلنت المنظمة الأوروبية لمراقبة الحدود، أن نسبة المهاجرين غير الشرعيين، زادت بنسبة 250% خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) 2015، مقارنة بنفس الفترة من عام 2014، كما تضاعف العدد الكلي من نحو 100 ألف مهاجر خلال عام 2013، إلى قرابة 274 ألفاً في عام 2014.