الأحد 30 أغسطس 2015 / 08:47

الإمارات وقوة فعل الخير

الخليج- محمد خليفة

الحياة معراج إلى الحق والطريق الواضح إليه دلنا عليه الإيمان القائم على الصدق الكلي والخير الأسمى، فالله مصدر الخير ولا يصدر منه، بحق الربوبية، إلا الخير، والوجود قائم على الصراع بين الخير والشر، الخير الأسمى المركوز في الفطرة النقية، والذي تسعى إلى تحقيقه سائر الجماعات الأخلاقية.

فعلاقة الشعوب بعضها ببعض وعلاقتها بغيرها من الأمم وفهمها للواجبات الأخلاقية والمبادئ التي تسير في مجتمع الإمارات كلها مرجعها القيم الأخلاقية التي تتسم بها كل أمة، والتي تتشابه فيها كل الأمم باعتبارها قيم أخلاقية إنسانية. لذا فالأخلاق تجعل كل أمة تحرص على غرس مجموعة من القيم الأخلاقية، منبعها الخير والمصلحة العليا، في نفوس أبنائها، ولا يمكن أن تسمح لطائفة ما أن تتجاوز هذه القيم الأخلاقية التي تعتبر السياج الحامي للمجتمع.

ودولة الإمارات عندما تشارك في عمليات الإغاثة الإنسانية للكثير من شعوب الأمم إنما تنطلق من قيمها الأخلاقية التي تسعى إلى مدّ يد العون، وبذل الخير للإنسانية دون تمييز. ومن هذا المنطلق سارعت دولة الإمارات لنجدة الشعب اليمني المظلوم بين مطرقة تنظيم القاعدة في الجنوب، وسندان جماعة الحوثي في الشمال، وكلا الطرفين يعمل على تخريب اليمن تحت مسمى الإصلاح.

وقد استغاثت الحكومة اليمنية الشرعية بشقيقتها دولة الإمارات لمساعدتها على إعادة فرض الأمن والاستقرار في ذلك البلد المنهك، فبادرت القيادة الرشيدة بإرسال المساعدات العسكرية واللوجستية؛ لمنع انهيار اليمن ووقوعه بشكل كامل في قبضة الإرهاب، كما انتشرت بعض الفرق العسكرية الإماراتية لمساعدة القوات اليمنية في عملياتها ضد التنظيمين الإرهابيين، وبفضل هذه المساعدات فقد حققت القوات اليمنية تقدماً ملحوظاً في مدن الجنوب والوسط، والتقدم مستمر حتى يتم تطهير اليمن بالكامل من المتمردين وقِوى الظلام.

ومن الإنجازات التي حققتها القوة الإماراتية العاملة في اليمن هي إطلاق سراح الرهينة البريطاني روبرت دوغلاس ستيوارت سيمبل الذي كان محتجزاً لدى تنظيم القاعدة. وهذا ما أعلنه للعالم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بأن القوة الإماراتية في عدن تمكنت من الوصول إلى المكان الذي كان الرهينة البريطاني محتجزاً فيه لدى تنظيم القاعدة الإرهابي. وتمكنت من إطلاق سراحه في عملية عسكرية استخباراتية.

هذا العمل يأتي من جانب قوات دولة الإمارات في عدن، ليؤكد الموقف الثابت للدولة في مواجهة الإرهاب بكل صوره وتداعياته، وليعبر تعبيراً صادقاً عن علاقات الصداقة الوثيقة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة، ويؤكد أهمية تعزيز التعاون والتنسيق بين مختلف الدول الصديقة لمواجهة الإرهاب والقضاء عليه.

وكان تنظيم القاعدة قد اختطف روبرت دوغلاس ستيوارت سيمبل، الذي كان يعمل مهندساً للبترول، في منطقة حضرموت خلال شهر فبراير/شباط عام 2014. وأبقاه رهن الاحتجاز التعسفي لديه في مسعى منه للضغط على حكومة بريطانيا، غير مبالين بما يمثله هذا الاختطاف من تشويه للعروبة والإسلام. ومن هنا سعت دولة الإمارات، متمثلة في جهاز الاستخبارات، وجيشها الباسل في جمع المعلومات اللوجيستية، وتحديد مكان الرهينة البريطانية، ومن ثم تحريره وإنقاذه من براثن هؤلاء البرابرة.

إن إرهاب القاعدة والحوثيين لن يجعل الدول الوفية لمبادئها، كالإمارات، تتوقف عن مطاردة الإرهاب والإرهابيين، لأن الواقع اليوم لم يعد يحتمل المواقف الرمادية، فإما أن تكون مع الإرهاب أو أن تكون ضده. وما يدعو إلى الأسف أن هؤلاء الإرهابيين يستغلون الدين الإسلامي لتحقيق أهدافهم الفوضوية في سبيل الإضرار بالمصلحة السياسية للدولة، رافعين في سبيل ذلك شعارات، ومبادئ خاوية.

 فمن ينقلب على الشرعية بحجة تحقيق الإصلاح لا يملك أي مشروع إصلاحي، بل لديه مشروع تخريبي، ومن يحتجز الرهائن ويقتل ويفجر البشر هو أيضاً مدع، فشرف الغاية يتبعه نبل الوسيلة، ولا يمكن لمن يسعى لغاية نبيلة، أن يسلك إليها وسيلة وضيعة تصم بالعار نبل ما يسعى إليه.

إن قتال الإمارات للحوثيين والقاعدة معاً على أرض اليمن هو عمل احترازي وقائي يخدم العدل والتسامح، فالإرهاب لا يعرف حدوداً، وهو يمد يده من دون استئذان، ويرتكب الجرائم من دون أي وازع. وعندما سيتم تطهير اليمن من المتطرفين والمنحرفين، وهو أمر بات قريباً، فعند ذلك سيعرف العالم كله، معنى التضحية التي قدمتها الإمارات لهذا البلد العربي المسلم الشقيق ولمختلف بلاد العالم.