عناصر من داعش (أرشيف)
عناصر من داعش (أرشيف)
الأحد 30 أغسطس 2015 / 20:43

نيويورك تايمز: عندما يفوز مغتصبو داعش

24- إعداد: طارق عليان

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" اليوم الأحد، مقالاً للرأي للكاتب السياسي ديفيد بروكس، عبر فيه عن سخطه الشديد من الجمود الذي أصاب العالم إزاء التقارير الأخيرة التي تكشف عن برنامج الاغتصاب المنظم للغاية لتنظيم داعش، مطالباً الغرب بالتصدي لهذه الجماعة الجهادية قبل فوات الأوان.

في البداية أشار الكاتب أن الفظائع التي ترتكبها داعش وقعت على الضمير المخدر للعالم مثل كوابيس بعيدة، وكان للحادث الأول لقطع رأس الصحافي الأمريكي قوة الصدمة، ولكن توالى منذ ذلك الحين وابل مستمر من الأعمال الوحشية ما بين إعدامات جماعية للمسيحيين وغيرهم، وإلقاء المثليين من الرجال من فوق أسطح المنازل، وتدمير الكنوز الأثرية القديمة، والاستخدام الروتيني للغاز السام.

فظائع كالكوابيس
ويوضح الكاتب أن العبودية التي ترعاها الدولة بدت وكأنها شيء من الماضي السحيق، لكن داعش الآن دولة رقيق واضحة، حيث يتم وضع النساء من الطائفة الإيزيدية على قوائم وتخزينهن وعرضهن للبيع.

وتأخذ عمليات الاغتصاب صبغة دينية، حيث يصلي المغتصبون الأتقياء قبل وبعد فعلتهم، ويشتمل كتيب الزعيم الديني المشرف على برنامج الاغتصاب على قسم للأسئلة الأكثر شيوعاً للمغتصبين الشباب ومنها السؤال 12: "لماذا يقوم رجل بتقبيل العبدة الأنثى لآخر، بإذن المالك؟، الإجابة: يجوز للرجل أن لا يقبل الإماء الإناث لآخر، لأن التقبيل يتضمن متعة، وتحظر متعة ما لم يكن الرجل يمتلك الأمة حصرياً".

والسؤال 13: "هل يجوز وطء الإماء الإناث اللاتي لم يبلغن سن البلوغ؟، الإجابة: يجوز وطء الإماء الإناث اللاتي لم يبلغن سن البلوغ إذا كانت صالحة للجماع، ومع ذلك، إذا كانت لا تصلح للجماع فيكفي التمتع بها دون الجماع".

ويبدي الكاتب صدمته مما يحدث وصمت العالم تجاهه، مشيراً إلى أنه لم يكن من المفترض أن يحدث هذا في القرن الحادي والعشرين، ويحدق الخبراء الغربيون في المسألة لمحاولة معرفة السبب والمغزى من وقوع الكارثة الأخلاقية التي نشهدها في كل مرة نعتقد أن داعش روعت العالم وشوهت نفسها، فإنها تتماسك وتحمل مكاسبها وتمضي.

داعش وتدمير القومية العربية
ويتفق الكاتب مع الخبراء الذين يقولون إن داعش تقود الشرق الأوسط إلى عصر جغرافي استراتيجي مختلف، إذ تأثر العقل العربي بفكرة القومية على مدى العقود العديدة الماضية، لكن هذه الدول القومية ضعفت مثل مصر، أو تم تدمريها كالعراق وسوريا، ولم تعد القومية تحشد العاطفة الشعبية أو يقدم السرد التاريخي منفعة، ونشأت داعش لدفن القومية وتدمير الدولة القومية العربية.

وقال الكاتب: "تحاول داعش محو الحدود الفاصلة بين الدول القومية وتحطيم الهويات الوطنية، وتعمل على إزالة الذاكرة الوطنية وما قبل الخلافة، وفي الوقت نفسه، تقدم بديلاً عبارة عن رؤية مستقبلية واثقة وهي (الخلافة الموحدة)، بغرض استخدام هذه الفكرة للتوسع خارج قاعدتها في العراق وسوريا، وإضعاف الروابط القومية العلمانية في لبنان والأردن وحتى في أكثر دولة قومية بالفطرة وهي مصر".

حرب حول رؤية تاريخية
ويختلف الكاتب مع تصريح الرئيس أوباما بأن داعش لا تمثل شيئا سوى البربرية، مشيراً إلى أن القادة العسكريين الأمريكيين يتحدثون عن النضال ضد داعش كمحاولة لقتل أكبر عدد من قادة وجنود داعش، ولكن هذه حرب حول رؤية تاريخية، وتمتلك أفكار داعش شرعية لأنها تسيطر على الأرض وتمتلك مكاناً لتطبيقها.

ويرى الكاتب أن الرد على داعش لا يزال مثيراً للشفقة، مشيراً إلى تعهد الولايات المتحدة بتمويل برنامج بقيمة 500 مليون دولار لتدريب وتجهيز المتمردين المعتدلين السوريين، على أمل تكوين قوة قوامها 15 ألف مقاتل، وبعد 3 سنوات بلغ المجموع الكلي 60 مقاتل، تم القبض على ثلثهم.

ويدعو الكاتب إلى ضرورة التوقف عن التقليل من شأن هذه القوة ووصفها بأنهم مجموعة من المجانين، فداعش تشكّل تهديداً أخلاقياً وسياسياً للاستقرار الهش الموجود في ما تبقى في الشرق الأوسط، وحذر الكاتب من أن داعش ستزدهر وتنتشر أفكارها طالما كانت لديها أرض.

وخلص الكاتب إلى القول: "يتطلع الغرب إلى مستقبل مع دولة إيرانية متمردة وجماعة جهادية مُعْدية ونظام دولة منهارة، وكل هذه أسباب مثيرة للقلق وتدعو إلى إعادة تقييم الموقف ككل".