الثلاثاء 1 سبتمبر 2015 / 09:20

حقل الغاز الجديد

محمود خليل - الوطن

الطريقة التى تم التعامل بها مع اكتشاف حقل غاز ضخم على سواحل مصر على البحر المتوسط تستحق وقفة.

بداية لا بد أن نقرر أن أغلبنا تعامل مع هذا الخبر بفرحة وتفاؤل يعبران عن حاجتنا إلى الأمرين، الفرحة والتفاؤل أمر طبيعى وإنسانى، وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم: «تفاءلوا بالخير تجدوه»، لذلك أجد أن حالة البهجة التى انتابت الكثيرين بعد سماع هذا الخبر طبيعية، فكل مواطن يتعلق بأى حبل يؤدى إلى تحسين أحوال هذا البلد الطيب الذى عانى أهله الكثير، الفرحة والبهجة بالاكتشاف ليست موضوعنا، لكن طريقة التناول العلمى والسياسى للموضوع هى التى تستوجب التوقف أمامها وتأملها، وهى طريقة تراوحت بين الشطط فى وصف الآثار الإيجابية لهذا الاكتشاف، وبين محاولة التهوين منه بصورة أو بأخرى، فى إطار رغبة فى المكايدة السياسية للسلطة الحالية.

ذكر المتحدث باسم وزارة البترول -على عهدة موقع «الوطن»- أن حجم احتياطات الحقل يلبى احتياجات مصر لمدة 10 سنوات، وفقاً لمعدل الاستهلاك الحالى، وأكد أنه تم وقف أية اتفاقيات بترولية لمدة 3 سنوات قادمة بعد هذا الاكتشاف، لست أدرى مدى الدقة فى هذا الكلام، لكن رائحة الشطط والمبالغة تفوح منه بدرجة كبيرة، ويذكرنى هذا الكلام بخبر تداولته وسائل الإعلام عام 2010 قال فيه وزير البترول الأسبق «سامح فهمى» إن الاحتياطى المرجح للغاز الطبيعى فى مصر يكفيها لمائة عام، وإن الاحتياطى المؤكد للغاز يكفى 55 عاماً مقبلة!. ومؤكد أن الواقع أثبت بعد ذلك أن كلام سامح فهمى كان ينطوى على قدر كبير من المبالغة. وهو درس ينبغى أن يتعلم منه المسئولون ألا يشتطوا فى وصف الآثار الإيجابية للإنجازات التى يقومون بها، وأن يجنحوا إلى الموضوعية فى تصريحاتهم، مع كامل احترامى بالطبع لرغبتهم فى منح أمل، لا أختلف فى أن الناس يحتاجونه بالفعل، وحقيقة فإننى لست أفهم فى هذا السياق كلام المتحدث باسم وزارة البترول عن وقف أية اتفاقيات بترولية لمدة ثلاث سنوات بعد هذا الاكتشاف؟!

على الجهة الأخرى خرج البعض مهوناً من شأن الاكتشاف، واحتج بأن الشركة الإيطالية تستهدف بالإعلان والترويج للحقل دعم أسهمها فى البورصات العالمية، وأغلب من ردد هذا الكلام من تلك الفئة التى تخاصم السلطة الحالية بشكل قاطع، وهذا حقهم بالطبع، لكن يبقى أن ثمة فارقاً بين التحليل الموضوعى للأحداث، وتبيان أوجه القوة والضعف، أو أوجه الخلل والإجادة فيها، وبين محاولة البحث عن حجج -بصورة انتقائية- من أجل تبرير الخصومة. مؤكد أن هذه الطريقة فى التفكير تتناقض مع أبسط قواعد التفكير العلمى فى الأمور. الخصومة مبررة ولا شك، والنقد حق لا مراء فيه، لكن اللدد فى الخصام والخصومة هو الذى يوجد عليه تحفظ، ويستحق المراجعة. ويظن من يتبنون هذه المنهجية فى التفكير أن أداءهم هذا يؤدى إلى النيل من خصمهم، وحقيقة الأمر أن النتيجة تكون عكس ذلك، لأن هذا الأسلوب يخصم من صاحبه أكثر مما ينتقص من خصمه!