"طفل الشاطئ" مقال للصحافي الإسباني بيدرو سيمون (ال موندو)
"طفل الشاطئ" مقال للصحافي الإسباني بيدرو سيمون (ال موندو)
الخميس 3 سبتمبر 2015 / 14:36

من وحي صورة الطفل السوري: متى كان للأرض قلب يا بني؟

24 - إعداد سليم ضيف الله

نشر الصحافي والكاتب الإسباني بيدرو سيمون، أحد أبرز الأقلام العاملة في صحيفة "ال موندو"، مقالاً مؤثراً في الصحيفة الإسبانية الشهيرة تحت عنوان "طفل الشاطئ" بعد فاجعة غرق اللاجئين السوريين في تركيا وتحديداً بمناسبة عاصفة الألم التي أثارتها فيه صورة الطفل الغريق، إيلان كردي، فقال في نصه المؤثر والجميل:

العادي والطبيعي، أن تمرح وتلهو أيها الطفل الشقي على حافة البحر، مرتدياً لباس البحر، كاشفاً صدرك الصغير، فتقفز هنا وهناك في الهواء، لا أن تصطنع النوم أو تمثل مشهداً بهذه الطريقة: وجهك في الأرض قليلاً، وكأنك تحاول استراق السمع والشعور بدقات ونبض قلب الأرض، ولكن متى كان للأرض قلب، يا بني.

لهو
أمر عادي وطبيعي أن يلهو مثلك في الثالثة من العمر، وأن يؤدي مشهد الميت، قبل أن يجري في اتجاه الأمواج صغيرة كانت أو كبيرة فيتحداها وتبلله، وأن تلعب مع شقيقك الأكبرمثلاً ، فيغطس بك وبرأسك في الماء، ثم تستنشق الهواء وتملأ رئتيك، قبل أن تنطلق نحو الشاطئ ضاحكاً أو ربما تعود إلى الماء، مكسواً بالرمال البيضاء، بعد أن تمرغت فيه طويلاً.

وأمر عادي وطبيعي أيضاً وأنت في الثالثة، أن يلتقط لك أحدهم صورةً للذكرى في ساعة من المرح الطفولي الجميل.

لكن ليس صورة مثل الصورة التي التقطها نيلفور ديمير، المصور التركي الذي نشر صورة الطفل، صورة لا تُطاق، كأنه عجل صغير، يتكوم بين الماء والرمل، صورة ألقت على الوجوه حامضاً فتاكاً، لا مشهداً، وإذا كنا نبحث عن وجه المأساة فيجب أن نتوقف عن البحث، أعطينا الفظاعة أخيراً اسمها النهائي.

إنه إيلان، ولهذا الطفل ولأمثاله أقول احذروا، فليس كل صيف يعني كرسياً متأرجحاً على الشاطئ، يحدث أحياناً أن يعني كذلك أنه قبرٌ.

قميص أحمر أو أزرق
ويبقى السؤال الأهم بعد هذه الفاجعة، كم طفلاً بلا اسم ولا هوية مثل إيلان، بعده أو قبل، ابتلعه البحر، هل كانوا يرتدون مثله قميصاً أحمراً أو أخضراً أو أزرقاً، وهل سبق لكم رؤية قصور الرمال؟

تأخذني الذكريات إلى مواقف أخرى بعضها مشابه وبعضها مختلف، مثل جوزيفين اللاجئة على مركب في اتجاه جزر كناريانس الإسبانية قادمة من أفريقيا، التي اضطرت إلى مناولة ابنتها الصغيرة بدل الماء، بولاً وهي ترفض تصديق وفاة ابنتها قبل ذلك بسبعة أيام، وأذكر صورةً أخرى، صورة مماثلة، لطفل على شاطئ كونيل، كان يبتسم ويضحك بصوت مرتفع، عادي جداً ألم يكن في الثالثة من العمر؟

يا بني لن تفهم الصورة مهما تأملت ومهما حاولت، ولكن تذكر ما قلته ألف مرة سابقاً، يا ولدي في الصيف ورغم الحرارة يمكن للشواطئ أن تتحول إلى مكان شديد البرد وحالك الظلام، تذكر.