طفل يبيع اللبن في أحد شوارع حلب(أرشيف)
طفل يبيع اللبن في أحد شوارع حلب(أرشيف)
الخميس 3 سبتمبر 2015 / 15:34

ذا أتلانتيك: داعش يُسيّر اقتصاده بفرض ضرائب باهظة

24 - إعداد: ميسون جحا

قبل غزو متطرفي داعش لمسقط رأسها الموصل في يونيو( حزيران) ٢٠١٤، كانت فهيمة عمر تدير صالوناً لتصفيف شعر النساء، ولكن مسلحي التنظيم الإرهابي أجبروها على إغلاق الصالون، وفقد مصدر رزقها الوحيد، لأنه كما قالوا لها" يشجع على الفسوق".

وتنقل صحيفة ذا أتلانتيك الأمريكية، عن فهيمة وعدد كبير من أصحاب المتاجر والمحلات، رجالاً ونساء،  قولهم إن داعش أجبرهم على إغلاق محالهم، مما حرمهم من قوت يومهم. كما منع التنظيم من رفضوا الانضمام لصفوفه من إيجاد أعمال بديلة، وفرض على المدنيين ضرائب مرتفعة.

هيمنة على كل شيء
وقال أبو مجاهد، سوري من مدينة دير الزور في شرق سوريا الخاضعة لهيمنة داعش، والذي هرب مع أسرته، إن التنظيم يسيطر على كل تفاصيل الاقتصاد. وقال ذلك الرجل لذا أتلانتيك: "لا يعيش أي إنسان حياة طيبة سوى مقاتليهم أو الذين يقسمون بالولاء لهم. وعندما سيطروا على دير الزور، عمد مسلحو داعش، وبشكل منهجي، للاستيلاء على الاقتصاد المحلي، فنهبوا المصانع وصادروا الممتلكات، ومن ثم أنشأوا شبكات تجارية محلية".

ويقول نشطاء وسكان من الرقة، عاصمة التنظيم الفعلية، أن مجموعة من التجار الموالين للمسلحين فرضوا حالة خناق على الاقتصاد المحلي.

سلة خبز
وفي يوم ما، تقول الصحيفة، كانت محافظات الرقة ودير الزور والحسكة، الواقعة حالياً في قبضة داعش، توصف بأنها سلة خبز سوريا. ولكن التجار الموالين لداعش هم الذين يسيطرون اليوم على جميع وسائل المواصلات الناقلة للمواد الزراعية من الرقة إلى مناطق أخرى خاضعة لداعش، بما فيها أماكن في العراق.

ويقول ناشطون "يتحكم تجار داعش، وليس التجار المحليين، بأسعار السلع في الأسواق".

ويقول حمود الموسى، عضو في مجموعة "الرقة تذبح بصمت"، والتي يعمل أعضاؤها على فضح ممارسات التنظيم الإرهابي: "أصبح تجار داعش أسياد الرقة ودير الزور والحسكة، وهم الذين يقررون الأسعار التي يتوجب على الناس قبولها، والتعامل معهم على أساسها".

اضطهاد سيدات الأعمال
وقال أولئك النشطاء إن داعش يضطهد النساء العاملات، وسيدات الأعمال، على وجه الخصوص، ويجبرهن على إيقاف أعمالهن، كما فعل عندما أمر فهيمة عمر بإغلاق صالونها، ما جعل من المستحيل على صاحبات حرف أو محلات أن يواصلن أعمالهن. وتقول أخصائية طب العيون، الدكتورة سهام محمود، أنها اضطرت لإغلاق عيادتها الخاصة في الموصل بعدما أجبرها المتشددون على ارتداء النقاب ـ حتى عندما كانت تجري عمليات دقيقة في العين.

ويشير نشطاء وسكان محليون إلى أنه بالإضافة لإغلاق المحال التجارية ومنع الناس من كسب لقمة عيشهم، فرض داعش ضرائب مرتفعة على من يعيشون تحت حكمه. ويقول أبو مجاهد" فقط الهواء الذي يتنفسه الناس ليس عليه ضريبة. وقد حلقت تكلفة فواتير الماء والكهرباء تحت إمرة داعش".

بروباغاندا مفضوحة
وتشير "ذا أتلانتيك" أن داعش يتفاخر عبر فيديوهات مصورة بأن أسواق المدن الخاضعة لسيطرته حافلة بالبضائع. ولكن السوريين من الرقة ودير الزور يقولون بإنه فيما هناك سلع في الأسواق، فإن أسعارها باهظة بحيث لا يستطيع شراؤها وتحمل كلفتها سوى متشددو داعش.

وبحسب أحد سكان دير الزور، حلقت أسعار المواد الغذائية بنسبة ١٠٠٪، فضلاً عن ضرائب حادة وبطالة مرتفعة، مما يعني أن السكان يصارعون من أجل تأمين اللوازم اليومية.

وقالت أم أحمد، من نساء الرقة:" تستطيعون إيجاد كل شيء، ولكن ليس لدى الناس ما يكفي لشراء حاجياتهم الأساسية. وليس بوسعنا دفع ثمن شيء سوى الخيار والبندورة والبطاطس، وأما اللحوم والدواجن فهي لداعش، وحسب.

بهدف الخضوع
ويقول ناشطون إن التنظيم يتعمد تكتيك إرهاق الناس اقتصادياً ومادياً من أجل إخضاعهم وإجبارهم على دعم متشدديه، فقد أدى الوضع الاقتصادي الخانق، وعدم توفر فرص العمل، لتيئيس الناس ودفعهم للانضمام لداعش. وبالفعل قال أبو المعتصم، من مدينة الراي بالقرب من الحدود التركية: "انضم عدد كبير من الشباب لداعش لأنه هذه هي الوسيلة الوحيدة لتحصيل المال وإعالة أسرهم. لقد استخدم داعش كل وسيلة ممكنة للتضييق على الناس على المستوى الاقتصادي، على أمل أن يدفعهم للالتحاق بصفوفه".

وتقول ذا أتلانتيك بأن ذلك التكتيك نجح في المناطق التي سيطر عليها داعش قبل أكثر من عام، وفي المدن التي سيطر عليها التنظيم مؤخراً. وبحسب ناصر محمد، أحد سكان تدمر الأثرية، في الصحراء السورية بالقرب من حمص، انضم قرابة ١٢٠٠ شاباً لداعش منذ أن استولى على المدينة في مايو(أيار) الماضي.

وقال أبو يونس التدمري، مقيم آخر: "في تدمر لم يعد الناس يجدون فرص عمل. وفي بعض المناطق التي سيطر عليها التنظيم في العراق، لم يجد بعض رجال الأعمال حلاً سوى في المخاطرة بحياتهم والهروب إلى مناطق آمنة بعيدة عن سيطرة التنظيم الوحشي".

وأما فهيمة عمر، صاحبة صالون تصفيف شعر النساء، فهربت من الموصل، وتعيش حالياً في إربيل في كردستان العراق، بعدما أغلق المتشددون صالونها وحرموها من لقمة عيشها.