عسكري تركي ينتشل جثة الطفل أيلان كردي السوري من الماء(أرشيف)
عسكري تركي ينتشل جثة الطفل أيلان كردي السوري من الماء(أرشيف)
السبت 5 سبتمبر 2015 / 19:17

بعد صورة الطفل السوري: 10 صور هزت الضمائر وغيرت المصائر

رغم مأساويتها ودمويتها تتزامن الحروب والنزاعات والكوارث المختلفة أحياناً وتقترن بصور، صادمة ومشحونة بالرمزية على عنفها، فتصفع الإنسان وتهز الضمير الإنساني بما يُغير مصائر الأفراد وأحياناً الشعوب، وربما ساهمت والثابت أنها فعلت وإن بعد حين في تغيير مسار الأحداث في العالم.

ومثل الكثير من المواقف المؤثرة، فإن صورة الطفل السوري الغريق أيلان كردي الذي دفع عمره القصير ثمناً للبشاعة والفظاعة، ستجعل من الواقعة المؤثرة رمزاً يصعب نسيانه وستنضم إلى تاريخ الصور الفوتوغرافية التي حولت مسار التاريخ عن مجراه عاجلاً أو آجلاً، مثل صور شهيرة أخرى، أصبحت من كلاسيكيات التصوير الفوتوغرافي، وترجمةً على قوة الصورة وتأثيرها في الرأي العام.

مأساة محمد الدرة
ولم تقتصر الصور الشهيرة على منطقة دون أخرى، وفي عالمنا العربي، ذاع صيت عدد من الصور الدامية والصادمة، مثل صورة محمد الدرة، الطفل الذي تناقلت القنوات التلفزيونية ووكالات الأنباء والصحف صورته في سبتمبر(أيلول) 2000 محتمياً بوالده، عندما وجدا نفسيهما وسط عملية عسكرية إسرائيلية كبيرة في القدس، ورغم كل المحاولات لم ينجح الوالد المكلوم في إنقاذ ابنه، ولكنه نجح على الأقل على في تعرية الوجه الحقيقي لآلة القتل الإسرائيلية، ما ترافق مع حملة دولية كبرى للتنديد بجرائم إسرائيل، ضد المدنيين الفلسطينينن، في أرضهم وفي بلدهم.

محمد الدرة محتمياً بوالده دون جدوى


مجزرة صبرا وشاتيلا
وبالحديث عن الفلسطينيين فإن ألبوم صور هذا الشعب يحفل بالصور المأسوية، وأشهرها طبعاً صور مذبحة صبرا وشاتيلا في لبنان ذات 16 سبتبمر(أيلول) 1982، وعندما كانت إسرائيل تحتل بيروت، وتطوقها اقتحمت قوات من الكتائب اللبنانية وبدعم وغطاء من القوات الإسرائيلية، وقوات الجنرال المتمرد اللبناني سعد حداد، مخيمي صبرا وشاتيلا، لارتكاب مذبحة ذهب ضحيتها ما بين 700 و 3500 مدني أغلبهم من الفلسطينيين، لتطير الصور والتغطيات الصحافية بالمجزرة إلى العالم أجمع، ما ساهم في إجبار إسرائيل على الانسحاب والاكتفاء بالسيطرة على الشريط الجنوبي، وفي تعاظم التأييد للقضية الفلسطينية عربياً ودولياً رغم خروج المسلحين الفلسطينيين من لبنان في إطار اتفاق دولي، ورحيل ياسر عرفات إلى تونس.
عشرات الجثث تكدست في المخيمين المنكوبين


مذبحة قانا 
وفي لبنان أيضاً ارتكتب إسرائيل واحدة من أكثر المجارز بشاعةً ما ارتد عليها بموجةٍ غير مسبوقة من التنديد والاستنكار وحتى العزلة الدولية في فترة من الفترات، بعد إقدامها على ارتكاب مذبحة قانا الشهيرة في مجزرة قانا في 18 أبريل(نيسان) 1996، وقصفها مركز القيادة التابع لجزر فيجي التابع ليونيفل، في إطار قوات حفظ السلام الأممية، ما تسبب في استشهاد أكثر من 106 مدني هربوا إلى المعسكر للاحتماء به بعد الهجوم الإسرائيلي الذي حمل وقتها اسم عناقيد الغضب.

وتسبب انتشار صور المذبحة والتنديد الدولي الذي رافقها في وقف العملية العسكرية وإجبار إسرائيل على الانسحاب إلى الشريط الحدودي، المحتل، وكان الهجوم من بين العوامل الداخلية والدولية الأخرى التي عجلت بانكفاء إسرائيل وخروجها من جنوب لبنان بعد ذلك بـ4 سنوات.

جثة رضيع في قانا استخرجت من تحت الأنقاض



أطفال الحجارة
ومن أشهر الأحداث التي كان للصور فيها دور بارز، الانتفاضة الفلسطينية الأولى، في ديسمبر(كانون الأول) 1987، التي فاجأت العالم قبل إسرائيل، لعفويتها وحيويتها، وإصرار شبابها على كسر الجمود الذي تردت فيه القضية الفلسطينية، ولم يكن صدفة أن تتحول الانتفاضة سريعاً إلى مسمى آخر نادر"أطفال الحجارة".

ولقيت صور الأطفال المحتجين على الاحتلال الإسرائيلي وعلى ممارساته، تعاطفاً عالمياً واسعاً خاصة بعد أوامر وزيرالدفاع الإسرائيلي اسحاق رابين، وقتها بكسر عظام الفتية الفلسطينيين لمنعهم وإرهابهم، ولكن صور الانتفاضة كانت أشد قوة وتأثيراً خاصة بعد التحولات الدولية والإقليمية، ما انتهى بالاسرائيليين إلى المشاركة في أول مؤتمر للسلام في الشرق الأوسط، في العاصمة الإسبانية مدريد، لينطلق بعدها مسار من التحولات الكبيرة، التي انتهت إلى السلطة الفلسطينية بعد مفاوضات أوسلو الشهيرة، وبداية عودة بعض القيادات الفلسطينية إلى الداخل وعلى رأسها ياسر عرفات شخصياً.

طفل فلسطين من جيل أطفال الحجارة


مذبحة سربرينيتشا البوسنية
في منتصف التسعينات انفجرت الحرب الأهلية التي عصفت بيوغسلافيا السابقة ما أدى إلى تفكك الجمهورية الاتحادية، إلى دول كثيرة، وإذا كان الصرب والكروات أهم مكونات الدولة السابقة، فإن مسلمي البوسنة والهرسك، كان لهم حضور هام في الدولة الاشتراكية السابقة، ولكنهم كانوا بين المطرقة والسندان، وبين عدوين كبيرين استهدفا الحضور الإسلامي في قلب أوروبا بهدف التوسع وتطهير مناطق واسعة من البلاد.
ويُعد الحصار الخانق الذي فُرض على العاصمة البوسنية سراييفو، من أشهر مراحل وفترات الحرب المدمرة، ولكن سريبرينيسا، المدينة المسلمة الصغيرة، تحولت إلى رمز البشاعة، والجريمة العرقية، بعد احتجاز آلاف المسلمين على يد الجنرال ملاديتش الصربي، في معتقلات ومحتشدات، تحت أنظار الأمم المتحدة، وفرقها العسكرية، ولكن الجنرال الصربي، أمر رجاله بالتخلص من المعتقلين فوراً ما أسفر عن إحدى أبشع المجازر في أوروبا ما بعد الحرب العالمية الثانية.

وبعد سنوات طويلة من الإنكار والتشكيك في التقارير ومن رفض الدعوات بالتدخل لإنقاذ مسلمي البوسنة، تحرك الناتو، لضرب القوات الصربية، ووضع حد للمجازر، مثل سريبرينيسا، التي خلفت حسب آخر الأرقام أكثر من 8 آلاف قتيل في يومين.

صور مجزرة المدينة البوسنية كانت سبباً في تدخل الناتو الحاسم




هجوم 11 سبتمبر 2001

ومن الصور التي علقت بالذاكر ة البشرية والتي يصعب نسيانها بسبب نتائجها الخطيرة والمستمرة، تفجيرات 11 سبتمبر(أيلول) 2001، لمركز التجارة الدولية في منهاتن وإسقاط البرجين الشهيرين، بعد ضربهما بطائرتين مدنيتين اختفطتهما القاعدة بأمر من أسامة بن لادن، ودكت بهما البرجين الشهيرين ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل إلى جانب آلاف الجرحى والمصابين والمتضررين الآخرين.

ولكن صور البرجين تحولت كابوساً يطارد كامل منطقة الشرق الأوسط بسبب النتائج الكارثية التي ترتبت عن الهجوم، فبعد غزو أفغانستان، استهدفت الولايات المتحدة العراق، ثم احتلت بغداد، لدخل الولايات المتحدة ما أصبحت تسميه بالحرب على الإرهاب، الذي استفحل في المنطقة وخاصة في دول الشرق الأوسط بشكل غير مسبوق، وليكون داعش آخر تجلياته المأسوية البارزة.




رجل تيان ان مين الصينية
في 1988، أدت الأوضاع الداخلية في الصين إلى اضطرابات ومظاهرات وشغب، بعد نزول الطلبة إلى ساحة تيان ان مين الشهيرة في قلب العاصمة الصينية، واضطرت السلطات إلى محاولة فرض الأمن والهدوء، ولكن تطور الأحداث وحدة المواجهات أجبرت السلطات على الاستعانة بالجيش لفرض الهدوء.

ومع نزول الجيش، عمت موجة من الرعب والذعر الصين والعالم تخوفاً من العواقب الوخيمة المحتملة، ومن بين عشرات وآلاف الصور، طفت صورة واحدة، على السطح وطبقت شهرتها أرجاء العالم، الصورة التي أصبحت تعرف باسم الرجل والدبابة في الساحة.

وفاجأ طالب صيني العالم باعتراضه الدبابة، ومنعها من العبور، ما تسبب في تعطيل الرتل العسكري، ومنعه من التقدم إلى الساحة، وبعد انتشار الصورة، اضطرت السلطات والمحتجون إلى التفاوض ما سمح بإنهاء حركة الاحتجاج، وعادت الدبابات لتدخل ثكناتها من جديد ويدخل الطالب المجهول تاريخ الصور الأشهر في العالم، وتتجنب الصين أحداثاً لا يمكن تخيل عواقبها.

طالب صيني يمنع دبابة من المرور



المجاعة الأثيوبية
وكشفت صور صادمة حجم الكارثة التي ضربت دول القرن الإفريقي وخاصة أثيوبيا وبدرجة أقل أريتريا، أسوأ مجاعة منذ مئات السنين، وفي 1984، نجحت صور التقارير الصحافية في استثارة همة الدول والمنظمات بعد نشر صورة الطوابير الجائعة التي تبحث عن لقمة بسيطة لمقاومة الجوع، ما كان سبباً في إطلاق عدد من البرامج الدولية مثل برنامج سايف ذا شيرلدن، التابع للأمم المتحدة، أو الحملة التضامنية الضخمة، التي شارك فيها كبار المغنين في العالم مثل الأغنية الشهيرة "وي ار ذا وورلد بمشاركة مايكل جاكسون وستيفي ووندر ودايا روس وغيرهم، لجمع التبرعات الخيرية لفائدة أطفال أثيوبيا.

إحدى أشهر الصورأثناء المجاعة الأثيوبية


الفتاة والعقاب المفترس
في 1993 أطبقت شهرة المصور الجنوب أفريقي كفن كارتر، الآفاق وفاز بجائزة بوليتزر للتصوير، بعد أن نجح بصورته الفتاة والعُقاب، في إثارة ضجة دولية ولفت الأنظار للمأساة الدائرة في جنوب السودان منذ سنوات طويلة، مأساة المجاعة، التي كادت تقضي على عدد كبير من السكان في مناطق مختلفة من البلاد، ما سمح بإقرار برامج ومخططات دولية عاجلة لإنقاذ ملايين السودانيين في الجنوب وقتها من الموت جوعاً.
الجارح الشرس في انتظار ضحيته الصغيرة


طفلة النابالم
 ومن أشهر الصور وأقدمها في هذا المجال صورة "طفلة النابالم" التي اعتبرها البعض بعد تصدرها أغلفة أشهر وأكبر المجلات والصحف العالمية في 1973، المنعرج الحقيقي في خسارة الولايات المتحدة حربها في فيتنام واضطرارها للانسحاب المذل في 1975، رغم تفوقها العسكري، بعد أن قلبت الصورة الرأي العام الأمريكي والدولي ضد الإدارة الأمريكية وأجبرتها على قبول الهزيمة، وذلك بعد الشهرة التي عرفتها صورة الطفلة فان تي كيم فوك، التي كانت في التاسعة من العمر، حين هربت عارية من قصف بقنابل النابالم الحارقة.

صورة طفلة النابالم التي حولت مسار حرب فيتنام