إحدى الطرقات في الجزيرة (أرشيف)
إحدى الطرقات في الجزيرة (أرشيف)
الخميس 3 سبتمبر 2015 / 19:52

جزيرة أمريكية على شفير الاختفاء

أطلق سباق ضد الزمن للحؤول دون اختفاء جزيرة في ولاية لويزيانا تسكنها جماعة من هنود الكاجون باتت مياه البحر تغمرها تدريجاً.

فقد خسرت ولاية لويزيانا الواقعة جنوب الولايات المتحدة حوالى 5 آلاف متر مربع من أراضيها الساحلية، وذلك منذ الثلاثينيات. وبذلت جهود كبيرة للحفاظ على المنطقة الساحلية والحد من تآكل الشاطئ. لكن الولاية لا تزال تخسر كل ساعة أراضي توازي مساحتها ملعب كرة قدم.

وتشهد مارلين ناكان (70 عاما) على هذا التدهور وهي تقول "كانت الأشجار تنتشر بكثافة هناك. أما اليوم، فلم نعد نجد سوى المياه".

وبدأت جزيرة جان شارل تتوسع عندما انتقل فرنسي نبذ من منطقته لأنه تزوج هندية إليها في مطلع القرن التاسع عشر. وتزوج جميع أولادهما تقريباً من سكان أصليين.

وكانت المستنقعات المجاورة تجلب لهم غلات وافرة من السمك وسرطان البحر والقريدس يقتاتون منها ويبيعونها في المدينة.

وكانت الجزيرة تضم نحو 700 عائلة وسط مراع خضراء للبقر والأحصنة عندما كانت مارلين ناكان طفلة.

ولم يبق اليوم فيها سوى 30 عائلة ويخشى الكثيرون منهم أن يضطروا إلى المغادرة بعد العاصفة المقبلة.

وتقول ناكان "نحن نعيش هنا منذ ولدنا ولا يمكننا تصور العيش في شقق ضيقة".

وأطلقت ورش كبيرة لتشييد السدود وحماية سكان ساحل لويزيانا، لكن السلطات ارتأت أن هذا النوع من المشاريع هو جد مكلف في جزيرة جان شارل.

تدهور مستمر
ولا تتمتع مارلين ناكان ببوليصة تأمين وهي لن تتمكن من إعمار منزلها في حال ضربته عاصفة كبيرة. وهي تدرك خطورة الوضع تمام الإدراك، لكنها تريد ان تبقى فيه قدر المستطاع.

وأدت السدود المبنية للتحكم بمياه مياه نهر ميسيسيبي إلى خفض تدفق الرواسب إلى سواحل الدلتا انخفاضاً شديداً. وعندما ضرب إعصار كاترينا المنطقة في 29 أغسطس (آب) 2005، كان الساحل الهش أصلاً في حالة سيئة.

وركزت غالبية الجهود على نيو أورلينز، لكن الناس كانوا يواجهون صعوبات جمة في الإعمار في مناطق أخرى ثم هب إعصار ريتا بعد بضعة أسابيع، فزاد الطين بلة.

وتسبب الإعصاران لوحدهما بأضرار جمة تخطت تلك الناجمة عن 25 عاماً من تآكل الأراضي.

كما أن التلوث النفطي في العام 2010 ألحق أضراراً بالساحل والأراضي الزراعية الساحلية.

كريس شيسون (32 عاماً) هو من السكان الذين غادروا الجزيرة بحثاً عن حياة أكثر استقراراً من أجل عائلته. وهو يشعر بالحزن لأنه لن يستطيع أن يربي ابنه في الجزيرة التي عاش فيها أجداده منذ أجيال عدة، حتى أنه لا يعلم إذا كان أحفاده سيتمكنون من زيارتها.

ويقول هذا الناشط في مجال مكافحة ظاهرة تآكل الساحل منذ عشر سنوات "تخسرون إرثاً وثقافة الناس الذين كانوا يعيشون هناك. وتندثر هذه الجماعة بسبب التآكل وما من حل فعلي لحمايتها".

ويستذكر القس كيث ناكان طفولته في الجزيرة قائلاً "كان الجميع يستمع إلى أغنيات فرنسية صباحاً، وبعد الظهر كنا نجد دوماً من يطهو الأطباق خارجاً".

ويروي أن مستنقعات المياه كانت جد غنية بالموارد بحيث أنه تمكن في يوم من الايام من اصطياد 500 كيلوغرام من القريدس في بضع ساعات.

ولا يزال من الممكن الاسترزاق من غلات الصيد، لكن عليهم الابتعاد كثيراً للقيام بذلك وأصبحت جزيرة جان شارل اليوم مدينة أشباح.

ويختم كيث ناكان بالقول "فات الأوان" لإنقاذ الجزيرة.