لاجئ يحمل يافطة كتب عليها "لن نعود..افتحوا الطريق"
لاجئ يحمل يافطة كتب عليها "لن نعود..افتحوا الطريق"
الجمعة 4 سبتمبر 2015 / 11:24

مجلة بريطانية: لنسمح للاجئين بالدخول إلى أوروبا للاستفادة من مهاراتهم

24 - أعداد: ميسون جحا

دعت مجلة "إيكونوميست" البريطانية، للسماح بدخول اللاجئين إلى أوروبا، والعمل لكسب عيشهم، حتى يكونوا منتجين ويساهموا في خدمة اقتصاد الاتحاد الأوروبي.

وتستهل المجلة افتتاحيتها بالإشارة إلى أن تنظيم داعش لا يخفي وحشيته. إذ عندما يحرق الرجال وهم أحياء، أو تعلق رؤوسهم على أعمدة حديدية، فإنه يباهي بأعماله البربرية عبر بثها على شبكة الإنترنيت. وعندما يستعبد مقاتلوه ويغتصبون" فتيات كافرات"، يفاخرون أيضاً بأنهم ينفذون إرادة الله. ولذا عندما يقول هاربون من العراق وسوريا أنهم يخشون العودة إلى وطنهم، فلا مجال لتكذيبهم، بل هم ينطقون بالحقيقة.

أغنى وآمن
وتلفت إيكونوميست إلى كون منطقة الاتحاد الأوروبي من أغنى وأكثر المناطق أماناً على وجه الأرض، ويعتقد مواطنوه أنهم يتحلون بدرجة عالية من التعاطف. وتقر جميع دول الاتحاد الأوربي بوجوب الالتزام بواجب قانوني بتأمين ملاذ آمن لكل من "يثبت خشيته من الاضطهاد في وطنه". ولكن الموجة الأخيرة الكبيرة من طالبي اللجوء، كانت أكبر اختبار لالتزام أوروبا بمثلها. فقد أحرق نازيون جدد مراكز إيواء طالبي لجوء، كما استقطب حزب مناهض للهجرة أكبر تأييد شعبي في السويد. وأخذ رئيس الوزراء المجري يحذر من المهاجرين غير الشرعيين، وخاصة القادمين من أفريقيا، ويقول أنهم يهددون استقرار بلاده.

موجات أكبر
وتشير المجلة إلى وجوب التعمق في دراسة هذه الظاهرة. فقد وصلت إلى أوروبا عبر البحر، خلال العام الحالي، ٢٧٠ ألف لاجئ. ويفوق هذا العدد إجمالي ما وصل من هؤلاء في عام ٢٠١٤، ولكنهم ما زالوا لا يشكلون أكثر من ١ طالب لجوء لكل ١٩٠٠ أوروبي ـ وسوف يتم إعادة عدد منهم. ولكن دول أخرى أفقر استقبلت موجات أكبر. فقد استقبل لبنان الصغير المساحة، والضعيف الموارد، 1.1 مليون سوري، أي بما يعادل ربع عدد السكان. كما أخذت تركيا ١,٧ مليون آخرين. وأما تنزانيا، والتي يساوي وسطي معدل الدخل فيها خمس ما هو عليه في الاتحاد الأوربي، فقد احتضنت مئات الآلاف من اللاجئين الكونغوليين والبورونديين لعشرات السنين، ولم يصدر عن مسؤوليها شكاوى تذكر. وفي مقابل ذلك، طلبت دول أوروبية يصل إليها أولاً لاجئون عرب وأفارقة (مثل اليونان وإيطاليا) المساعدة من أجل رعايتهم، فوافق الاتحاد الاوروبي، وعلى مضض، وخلال عامين، بقبول ٣٢,٢٥٦ لاجئاً فقط.

حل مشكلة
وبرأي إيكونوميست، تستطيع أوروبا تحسين أدائها، ويفترض بها أن تتخذ مواقف جادة، وليس من أجل اعتبارات أخلاقية وحسب، بل لدواعي منفعة ذاتية. فقد استدانت حكوماتها أموالاً فائضة، وهي تخطط لإسقاطها على الأجيال القادمة. وسيكون تحقيق هذه الخطط أصعب منالاً فيما لو كانت الأجيال المقبلة أقل عدداً. وفي المقابل، يتسم المهاجرون، ومنهم طالبو اللجوء، بكونهم شباب وتواقون للعمل. ولذا يستطيعون المساعدة في حل تلك المشكلة، وهي الاهتمام بكبار السن، وتحمل عبء ديون لم يكن لهم دور فيها. فإن المهاجرين الأفارقة والعرب شباب، وتستطيع أوروبا الاستفادة من حيويتهم، ولكن بشرط أن تتعامل جميع الحكومات الأوروبية بعقلانية مع جميع أنواع الهجرة، وهو أيضا، أمر شاق سياسياً، ويتطلب إصلاحات في سوق العمالة.

تدقيق حازم
وتطالب المجلة بوجوب إجراء مسح حازم لطلبات اللجوء، فسوريا مثلاً منطقة خطيرة تشهد حرباً أهلية، فيما ألبانيا بلد آمن. ولكن يفترض أن تتم تلك العملية بصورة سريعة وكريمة. حيث لا يعقل أن من يقطعون الصحارى والبحار الهائجة من أجل الوصول إلى أوروبا، أن يكونوا كسالى أو رافضين للعمل عند وصولهم. وعلى خلاف ذلك، أثبتت دراسات أن المهاجرين في أنحاء العالم كافة، يكونون أكثر استعداداً للعمل ولتدشين مشاريع تجارية، من السكان الأصليين، وأقل قابلية لارتكاب جرائم خطيرة، وأنهم يشكلون عمالة جادة تخدم الخزينة العامة. كما أنه من الخطأ الشعور بالخوف من أنهم سوف يسرقون فرص العمل، أو يؤدي وجودهم لانخفاض مستوى الأجور. وعلى عكس ذلك، يأتي المهاجرون بمهارات تكميلية وأفكار جديدة، مما قد يساهم برفع أجور العمال الأوروبيين عامة، ولكن قد يقللون فرص العمل أمام الأقل خبرة ومهارة. ومن جهة أخرى يستفيد المهاجرون أنفسهم بشكل كبير. إذ من خلال انتقالهم إلى أوروبا، بقوانينها الواضحة وشركاتها الفاعلة، يضحون أكثر إنتاجية، وترتفع أجورهم تبعاً لذلك.

شكوك
وتلفت إيكونوميست إلى أن بعض المشككين قد يقولون بأن الأثر الثقافي للهجرة قد يكون عاملاً خطيراً، وأن أوروبا غير مستعدة، ولا قادرة على امتصاص موجات كبيرة. ويشعر الأوروبيون بالاشمئزاز عندما يرون مهاجرين عاطلين وغير مندمجين مع المجتمع، كما هو الحال في بعض أحياء باريس أو مالمو (ثالث أكبر مدينة في السويد). كما يخشى هؤلاء من المتطرفين، وخاصة بعد مذبحة شارلي إيبدو وتجريد مسلح مغربي من سلاحه على متن قطار فرنسي، قبل أسبوع.

متعصبون
ولكن، بحسب المجلة، ليس كل من يعبرون عن تلك المخاوف متعصبون. ومن الواضح بأن وسائل مراقبة الجماعات الجهادية يجب أن تتعزز. ولكن يبقى السؤال الأهم مطروحا: كيف يمكن لأوروبا استيعاب المهاجرين بصورة أفضل؟

تقول إيكونوميست أن هذا الهدف يتحقق بكلمتين: دعهم يعملون.

وإن هذه النصيحة يمكن تطبيقها في لندن ونيويورك وفانكوفر، وفي كل مكان. فإن العمل يبقي الشباب بعيداً عن المشاكل. وفي مجالات العمل يفترض بالمهاجرين الاختلاط بالسكان المحليين وتعلم عاداتهم، والعكس بالعكس. ولهذا السبب تتصف السياسات التي تمنع القادمين الجدد من العمل بأنها هدامة وكارثية، بدءاً من القيود البريطانية على طالبي اللجوء الباحثين عن فرص عمل، وصولاً لقوانين العمل الصارمة في السويد، والتي تمنع توظيف غير المهرة بسبب انتقاء الجدوى الاقتصادية.

وتختم أيكونوميست رأيها بأن أوروبا منفتحة بأسواق عمل أكثر مرونة، قد تحول أزمة اللاجئين إلى فرصة، كما فعلت أمريكا مع موجات متعاقبة من اللاجئين الذين وصلوا أراضيها خلال القرن العشرين، ومنهم أعداد كبيرة من أوروبا.

هيا لندخلهم إلى أوروبا، ولنسمح لهم بكسب لقمة عيشهم.