الإثنين 28 سبتمبر 2015 / 21:13

الطفل العربي الماجد

إطلاق قناة ماجد للأطفال، أعاد ذاكرتي سنوات إلى الوراء لأرى نفسي وأنا أستجدي أساتذة قسم اللغة العربية في جامعة إماراتية ليوافقوا على عنوان رسالة الماجستير الذي أردته عن أدب الأطفال، وتلك محاولات باءت بالفشل لسبب لا أجزم به ولن يكون من اللائق أن أخمنه. بعدها بسنتين وجدت نفسي في الرباط وفي جامعة محمد الخامس أقدم للأستاذة مقترحا لرسالة الدكتوراة عن "أدب الأطفال في الإمارات" . سألني أحد أعضاء اللجنة: وهل أدب الأطفال في الإمارات يحوي نتاجا يستحق الدراسة؟ وقبل أن أرد أجابه العضو الثاني: كيف يا أستاذ؟ أليست مجلة ماجد من الإمارات؟ عندها أشر المشرف بالقبول وقال: الموضوع معتمد.

جميل أن ترتبط أسماء الدول بمعالم حضارية معمارية، أو بقادة استثنائيين، أو بمفكريين وأدباء، أو بمنتوج زراعي، أو بصناعة ما، والأجمل أن تربط بمعلم ثقافي. مجلة ماجد حققت هذا المنجز، كانت منذ زمن بعيد ولزمن طويل وعلى مدى أجيال متلاحقة أمنية كل طفل عربي، زاده الأسبوعي الذي ينتظره، رفيقه الأحب الذي يسامره وينادمه، موسوعته الثقافية والعلمية والمعرفية، ومعلمه الخفي الذي كان يغرس فيه قيم الوحدة العربية، والسلوك الحضاري، والدعوة إلى التفوق.

لكم كنا نشعر بالفخر حين كنا نرى عدد شهر ديسمبر من مجلة ماجد يتزين احتفالاً بالاتحاد، أما ما لم نكن نشعر به كأطفال إماراتيين حينها هو أن أعداداً مضاعفة من الأطفال العرب من المحيط إلى الخليج كانت تعيش معنا معنى الوحدة، وتحلم بالوحدة الكبرى.

أجيال من الصحفيين عملوا في قنوات وإذاعات ومؤسسات إعلامية عملاقة وحملوا شاراتها وبطاقاتها، وما زالت البطاقة التعريفية الأحب إلى قلوبهم هي بطاقة "مندوب ماجد". أطفال من الزمن القديم كبروا وصاروا آباء وأمهات، وراسلوا المجلة وهم يثنون ويشكرون ويجددون لها عهداً أن أبناءهم سيكملون مسيرة الصداقة مع المجلة.

لكن طفل اليوم لم يعد كما كان بالأمس، الانفتاح الإعلامي ووسائل التواصل التقني والفضاء الإلكتروني أتي بالعجائب، وبراءة الطفولة جرحتها مناهج في التربية داعشية الفكر، داعشية اللسان، داعشية السلوك، من كان يتخيل أنه سيشاهد الطفل العربي يتدرب على القتل بذبح دميته، بل من كان يتصور أن نفاخر بأول طفل عربي يذبح عدوه بالسكين، إنه زمن الدعشنة، الذي فتحت فيه مدارس لهذا التنظيم، بل صار الأمر أسوأ حين غزت هذه المدارس الفضاء الإلكتروني وصممت ألعاب فيديو إلكترونية، لا تقل في تقنيتها عن ما تنتجه كبرى الشركات المتخصصة في هذه الألعاب، يتم فيها الترويج للتطرف وتجنيد الأطفال والمراهقين والشبان في داعش.

في مثل هذه الظروف تأتي ماجد اليوم قناة للتواصل الأعمق والأوثق، والأرحب والأعذب، في علاقة تتجاوز الورق إلى عالم متحرك ومبهر قادر على أن يقود الطفل إلى الحياة كما ينبغي أن تكون.

تأتي قناة ماجد من أبوظبي لتؤكد ريادة أبوظبي، حتى لا تكون الساحة خلوا من واجب أوجبته الظروف التي تحيط بالأمة، إنه الحل الذي اختاره الحكماء للأمة، بل هو ما أملته متطلبات الساعة والساحة، فإما أن نترك الزمام لحمقى يرمون أطفال العرب ومستقبلهم في الدعشنة، وإما نهوض وسعي نحو المجد.