الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس حسن روحاني في إيران خلال لقائهما في اوفا  بروسيا 9 يوليو  2015(أرشيف)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس حسن روحاني في إيران خلال لقائهما في اوفا بروسيا 9 يوليو 2015(أرشيف)
السبت 3 أكتوبر 2015 / 23:57

"جيروزاليم بوست": سوريا أصبحت قطعة شطرنج للقوى الدولية والإقليمية

24. إعداد: طارق عليان

حاولت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية سبر غور العلاقة بين روسيا وإيران في افتتاحيتها بعد أن شنت روسيا ضرباتها الجوية الأولى ضد أهداف للمتمردين بالقرب من مدينة حمص السورية، على ما يبدو بعد إبلاغ الولايات المتحدة وإسرائيل.

وشبهت الصحيفة سوريا الآن برقعة الشطرنج التي تلعب القوى الأجنبية والإقليمية عليها لعبة السياسة الواقعية الساخرة، مشيرة أن الرئيس الروسي بوتين هو المناور الأول المتوفق بلا منازع حتى الآن، وليس من الواضح حتى الآن ما هي الاستراتيجية طويلة الأجل التي يتبعها نظيره الأمريكي باراك أوباما الذي ضرح مؤخرا بأن هزيمة داعش تكمن في رحيل الرئيس السوري بشار الأسد دون أن يُلمح إلى تورط أمريكي.

وترى الصحيفة أن روسيا تلوح في الأفق مرة أخرى، بعد غياب طويل، باعتبارها القوة المهيمنة في منطقة الشرق الأوسط التي تحدد، من خلال مصالحها، الفائزين والخاسرين.

وتنوه الصحيفة أن الاتحاد السوفيتي المنحل كان دائما ما يصف هذه المنطقة بأنها "متاخمة لحدوده الجنوبية" في إشارة إلى ضرورة وأهمية منطقة الشرق الأوسط للأمن الاتحاد السوفياتي، وبالتالي يمكن ضمها إلى مجال النفوذ الذي تريده موسكو، ولا تزال نظرة روسيا للمنطقة هي نفسها.

فك الارتباط

في الوقت نفسه، يبذل أوباما قصارى جهده لفك الارتباط الأمريكي عن المجالات التي تتطلع إليها روسيا، وقد ساعد بوتين أوباما في هذا الاتجاه عندما التقيا في نيويورك هذا الأسبوع.

وأشارت الافتتاحية إلى أنه في عام 2013، دفع بوتين الرئيس الأمريكي إلى خانة عدم الرد عسكرياً على استخدام الأسد للغاز السام ضد شعبه، ولكنه سمح للزعيم السوري التخلي عن المخزونات الكيميائية التي يملكها، لم يكن أوباما حريصاً إلا على تأمين مخرج له حتى لو استمر الأسد في ذبح المدنيين في سوريا بوسائل أخرى.

وتعتقد الصحيفة أن موسكو استغلت الاتفاق النووي الإيراني لإقناع واشنطن مرة أخرى باتخاذ موقف توافقي تصالحي لتجنب المواجهة، مؤكدةً أن وضع روسيا لموطئ قدم في ميناء اللاذقية السوري يعتبر أحد التداعيات الملموسة لسوء تقدير إدارة أوباما.

تؤكد الصحيفة أن هذه الظروف لعبت دوراً في إعطاء دفعة لإيران إلى الأمام لتظهر بمظهر قوة إقليمية تعمل جنباً إلى جنب مع روسيا لدعم الأسد في تحالف مزعوم لمكافحة الإرهاب تبينت تفاصيله في يوليو (تموز) الماضي، في أعقاب الاتفاق على رفع العقوبات عن نظام آية الله في مقابل الإغلاق المفترض لبرنامج طهران النووي.

وتلفت الصحيفة إلى التنسيق بين روسيا وإيران في سوريا بالإشارة إلى زيارة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس النخبة الإيرانية، إلى موسكو مرتين لإجراء مشاورات مع بوتين، ليبدأ بوتين بعدها مباشرة بشحن دباباته وناقلات جنده المدرعة وغيرها إلى سوريا. وأعقب ذلك إرسال طائرات مقاتلة وبناء قاعدة جوية روسية مأهولة ناشئة.

وعرضت الصحيفة سلبية البيت الأبيض تجاه تلك التحركات والاكتفاء بانتقاد التعزيزات الروسية، مما أدى إلى تشكيل محور عسكري ثلاثي- يضم روسيا وإيران وحزب الله- أمام أعين الإدارة الأمريكية.

وتوضح الصحيفة أن إيران أسست هذه الشراكة مع موسكوا بفضل تحررها من الضغط النووي للدول الغربية وتدفق المال إلى خزائنها. تعتبر روسيا هي الممول الرئيسي للسلاح الإيراني وأحد المشرفين على بناء منشآتها النووية وقد حرصت على التساهل مع إيران خلال المفاوضات النووية الأخيرة.

سلبية أوباما
وعزت الصحيفة جرأة إيران المتنامية وصعود قوة الدب الروسي إلى السلبية المقيتة لإدارة أوباما، مشيرة إلى تراجع القوة العظمى الأمريكية بينما تستعيد روسيا الصدارة.

ونوهت الصحيفة إلى الحماس الذي تبديه السياسة الخارجية لموسكو في تسويق نفسها، ولم يكن نتنياهو أول من سافر إليها لبحث العلاقات والتنسيق، فقد سبقته دول مثل المملكة العربية السعودية والكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة والمغرب والأردن، وبالطبع مصر، الذي تجافيها الإدارة الأمريكية لأسباب غير معروفة، بل ويعتزم بوتين زيارة الرياض قريباً.

وتشدد الصحيفة على أن الخطر المحدِق بإسرائيل لا ينبع من أن إيران قد تصبح الآن لاعباً رئيسياً صريحاً في سوريا فحسب، وإنما من أن يأتيها العدوان من الموارد الإيرانية التي وافقت الولايات المتحدة على الإفراج عنها وفرص التجارة الهائلة الموجَّهة إلى طهران، فهذه الأموال جنباً إلى جنب مع الطموح الروسي لا يساعد على ضمان بقاء الأسد فحسب، وإنما يسمح بمزيد من التسليح لحزب الله وحماس أيضاً.

وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن محادثات نتنياهو مع بوتين الأسبوع الماضي تناولت التنسيق العسكري بشأن تصرفات روسيا في سوريا فضلاً عن طرح التحذيرات الإسرائيلية الخاصة بعدم السماح بتسليح حزب الله الرابض على عتباتها في لبنان.