متشددون في كابول
متشددون في كابول
الثلاثاء 6 أكتوبر 2015 / 20:01

تمرة وركعة

نتجول بين الماضي والحاضر، بين صور يجود بها أرشيف خير ما فعله صاحبه بأنه أغلق باب الخزانة على هذه الصور الثمينة والقيمة. هي ليست صور لشخصيات عالمية ولا مخطوطات أثرية، بل هي صور لمدن في منتصف القرن كانت بمثابة المدن السياحية التي نقصدها حالياً، مدن عصامية بنت نفسها بنفسها ولم يجُد ببنائها أحد سواء أبنائها.

اليوم، هذه المدن أضحت حطام أحفاد البناة الأصليين، وليس الغزاة، تقاسم هؤلاء الأبناء هدم ما بناه الأجداد فكان تسهيل الهدم يخصهم وفعل الهدم يخص الغزاة، فمدينة مثل كابول التي يظن البعض بأنها خارج تصنيف دول العالم الثالث ولم تصل لمستوى دول العالم الثالث كانت أفضل من بوخرست الرومانية ذات حضارة الألفي عام، ودمشق الأموية التي تعد قبلة للعلم والمعرفة والتي أصبحت اليوم موبوءة بسبب البارود والغازات العسكرية ورائحة الدم وقطع الأشلاء المنتشرة.

السؤال الأهم في هذه الحلقة: من الذي فعل هذا؟ من الذي وصل إلى عقول أهالي هذه المدن؟ من الذي شوه دين الإسلام؟ أليست فرقة ضالة خرجت من صلبه، أردنا منها كل خير فوجدنا كل شر؟ ففي السابق كنا نكن كل احترام لمن يجمعنا ويروي لنا قصص من السيرة النبوية والصحابة الكرام، أما اليوم أصبحنا نتجنب الجلوس مع هؤلاء لعدم أهليتهم والشك في نيتهم اتجاه الدعوة. في يوم من الأيام كفرني أحدهم بسبب تمرتين وصلاة! وكان هذا الشخص أشد الأشخاص ضياعاً وأكثرهم فساداً أخلاقياً فهداه الله عز وجل وفرحنا بهذه الهداية، بعد أن أطلق لحيته والتزم بتأدية فروضة وواجباته اتجاه الدين، ولكن للأسف وقع ضحية دعاة الزور فأوهموه بأن الدين هو التشدد وكان دائماً ما يقول لنا افعلوا كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، وإلى هنا يملك الحق في ما يقول، لكن هل كان الرسول عليه أفضل الصلوات والسلام كما يظن؟ بالطبع لا، وبالعودة الى التمرتين اللاتي أخرجاني من الإسلام، كنت ولا أعلم لماذا أحب أن ابدأ بتمرتين قبل فنجان القهوة، ولربما بنيت هذه الصورة في مخيلتي بسبب حديث كبار السن عندما كانوا يعلموننا على بروتوكول شرب القهوة فقالوا في بيت الضيف تشرب فنجانين فقط وليس عيب أكثر ولكن فنجانين من باب التهذيب، وبعفوية تعودت على أكل تمرتين فقط، وكنت أفعل هذا الأمر أمام صاحبنا المتشدد، وعند تأدية الصلاة، كنت من الذين لا يكتفون على المذهب المالكي، وكان كثيراً ما يقول لي هذا حرام ويقف أمامي ويضع يده على قلبه ويثني اليمنى عليها ويقبض صدره وكأن أحد أطلق على قلبه رصاصة وهو يحاول منع سيلان الدم بيده! فقلت هل الكتف أو السدل يبطل الصلاة؟ فقال نعم يبطلها! بالرغم من أن أحكام الصلام لم يأت بها شيء من هذا القبيل، وبعد خلاف بيني وبينه اكتشفت بأنه كفرني وأخرجني من الملة على طريقة بن لادن وباقي المشايخ المتشددين، قال صاحبنا وهو يقصدني في حديثه بأني أخالف سنة الرسول عندما حددت لنفسي تمرتين وليس وتراً على السنة! بالرغم من أنه لا أحد يُثبت ان الرسول صلى الله عليه وسلم قام بهذا الفعل أو أمر به، ما عدا عيد الفطر إذ ثبت عن الرسول عليه أفضل الصلوات بأنه يوتر ثلاث أو خمس أو سبع عدا ذلك تأكل ما تريد ومتى تريد، واستشهد صاحبي مؤكداً بأني أسدل مخالفة لصلاة المسلمين وتقية شيعية! وعليه قرر أخي المسلم بأن لا يقبل مني سلام ولا يرد علي سلام بسبب تمرة وركعة!

مثلاً هذا الصاحب بنسخة أفغانية دمر كابول، واليوم يفكر الكابوليون الجدد في اختراق مجتمعاتنا الخليجية التي فطرت على الإسلام وليسوا بحاجة إلى كابولي ينتقد دون أن يضع حلول فعلية، يدعوا إلى حزب وليس إلى الله، فعلى الأقل أركان الإسلام والإيمان قاطبة لم يأت ضمنها حزباً معيناً لتكتمل الأركان، لم يأت من شروطها بأن أكون سلفياً او إثني عشرياً أو إباضياً أو إلخ، هي لا إله إلا الله موحداً بالله ومحمد رسول الله، متبعاً لنهجه وسنته، ففي اعتقادي لو عاد هؤلاء إلى الشهادتين وفهموها سيتبرأون من حزبيتهم أو من إسلامهم المزعوم.