الجمعة 9 أكتوبر 2015 / 09:07

روسيا في سوريا.. أين الحرب الباردة؟

د.عبدالله العوضي- الاتحاد

يعتقد بعض المحللين أن ما يدور في رحى العالم المضطرب اليوم هو عودة ثانية للحرب الباردة بين روسيا وأميركا وذلك على خلفية الدخول الروسي العلني إلى سوريا بعد موافقة العرب قاطبة في الاجتماع الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة الحرب على "داعش" ودخول روسيا المدججة باستعداد إرسال 150 ألف جندي وكل ما يخطر على البال من أخطر وأشد وأفتك أنواع الأسلحة المعروفة لدى الروس سلفاً منذ غزوهم لأفغانستان في أواخر السبعينيات من القرن الماضي.

روسيا تريد خلط الأوراق في المنطقة أكثر مما هي مختلطة وخاصة بعد إبرام العراق اتفاقيات أمنية واستخباراتية مع سوريا وروسيا وإيران لمواجهة "داعش"، وكذلك يشمل هذا الاتفاق مصر وتركيا والأردن وألمانيا وفرنسا إضافة إلى أعضاء آخرين في التحالف الدولي الذي يتألف من 60 دولة، وبالأخص روسيا التي تشعر بالقلق من وجود آلاف من الروس أعضاء في "داعش".

وذكر مصدر روسي أنه من الواضح جداً أن روسيا تريد اكتساح غرب البلاد والسيطرة على الرقة، وجميع موارد النفط والغاز في جميع أنحاء تدمر.

تأتي هذه التطورات في أعقاب إقرار الجنرال لويد أوستن أعلى قائد عسكري أميركي في الشرق الأوسط، بأنه لم يعد يقاتل «داعش» في سوريا من مقاتلي المعارضة السورية المسلحة الذين درّبتهم الولايات المتحدة سوى أربعة أو خمسة مقاتلين فقط.

وقال الجنرال إن أول 54 ممن أنهوا برنامج التدريب هاجمهم مسلحو "داعش" فور دخولهم سوريا في يوليو. وكان قد قبض على بعضهم، وقتل بعضهم الآخر، أما الباقون فتفرقوا في البلاد. ويعد هذا الاعتراف اتهاماً صارخاً لاستراتيجية أوباما لهزيمة "داعش"، في الوقت الذي لا تزال فيه القوات الأميركية بعيدة عن جبهة القتال.

علِقت سوريا حقاً بين الفك الروسي والقرش "الداعشي" والمعارضة المعتدلة التي تقصفها روسيا وفق المصادر الغربية وبنسبة 95% من الضربات الجوية والاستباحة الإيرانية مع أجناد "الحرس الثوري" و"حزب الله".

ولم تسلم كذلك من دخول بريطانيا على خط الضربات الجوية التي وجهتها طائرات من دون طيار ضد مقاتلين بريطانيين يقاتلون في صفوف "داعش"، حتى أن الصحافة البريطانية علقت على هذا الحدث الذي جاء بعد مناقشات ومداولات صعبة في أروقة الحكم ومؤسساته بقولها "يمكننا أن نترك سوريا لشأنها، إلا أنها لن تتركنا لوحدنا".

وتأتي هذه التحركات البريطانية الأخيرة على خط النار السوري بعد تزايد القلق من خطر عودة المقاتلين البريطانيين الذين كانوا يقاتلون في صفوف "داعش" إلى أرض الوطن، بل من قيامهم بالتخطيط لشن هجمات قاتلة في بريطانيا من مدينة الرقة السورية.

وهذا ما حدا بالدكتور أنور قرقاش تأكيده عندما قال في تغريدات على "تويتر" إن "إيران تواجه مستنقعاً في العراق وسوريا وهزيمة في اليمن، وانكشافاً للتدخل في البحرين، والسياسة الإيرانية تجاه العالم العربي فشلت".

هذا وأثناء إلقاء الرئيس الإيراني خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة تظاهر الآلاف من أبناء الجالية اليمنية والعربية المقيمة في أميركا منددين بالتدخل الإيراني السافر في اليمن. وفي أحدث استطلاع للرأي أجري في مصر أظهر أن المصريين يرون أن إيران وإسرائيل ألد الأعداء.

أهذه فعلاً حرب باردة أم أنها أكثر حرارة من بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، فقد خرجت أوروبا وأميركا من تلك الحروب منتصرة على نفسها تحكم العالم حتى بعد ذلك مرة كالقطب الواحد وأخرى كالقطبين وثالثة في سياسة متعددة الأقطاب وكل ذلك على حساب العرب الذين ينحدرون ويتراجعون فيما الدول المتقدمة تتقدمهم تقريباً في كل شيء إلا في المزيد من التقسيم والتشتت والمزيد من الحروب الأهلية والطائفية على مدى البصر، فدعاة الحرب الباردة يغالطون أنفسهم عندما يرون الرقاب تنحر والأطفال تسحل والعيون تسمل من جديد وليس هناك نظام دولي يبالي بما حصل ويحصل مجدداً مرات عصية على العد.