السبت 10 أكتوبر 2015 / 21:35

شهداء الإمارات وأروع أمثلة الفداء

قال تعالى:" ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها" والظلم هو الجور ومجاوزة الحد، وقال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا".

إنه لردع عظيم وزجر شديد عن هذا الفعل القبيح، وظلم الإنسان قد يكون لنفسه وقد يتعدى ظلمه لغيره ،ومن أعظم أنواع الظلم التعدي على الآخرين بالقتل. وقد ضرب الله تعالى لنا مثلا في القرآن الكريم لهذا النوع من الظلم في قصة إبني آدم عندما قتل قابيل أخاه هابيل ظلما وعدوانا وحسدا، فقال تعالى "واتل عليهم نبأ إبني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين"فقتل قابيل أخاه هابيل حسدا وحقدا على ما آتاه الله من فضله من الخير والقبول.

وها هي قصة إبني آدم تتكرر على مر الأزمان فلكل عصر قابيله، وها هم ظلمة هذا العصر يعيثون فساداً وقتلاً في ارض الايمان والحكمة اليمن، فكان لزاماً الأخذ على أيديهم ومنع شرهم من الامتداد الى غيرها من البلدان، فتحالفت الدول العربية لنصرة الضعيف وردع الظالم، وقد حققت هذه القوات تقدما كبيرا، وفي المقابل دفعت ثمن هذا التدخل من دماء أبنائها وبلادي الغالية دولة الإمارات العربية المتحدة، إحدى دول التحالف التي نال أبناؤها شرف الشهادة في سبيل مرضاة الله تعالى وقتال البغاة الظلمة، وكلما ودعت الإمارات أحدهم وقد كفن بعلمها ارتفعت هامات الآخرين عاليا ترنو للشهادة ملبين نداء الوطن في سبيل إعلاء كلمة الدين ورفع الظلم عن المظلومين.

لقد كنت أزور مجالس العزاء التي سبقني اليها قادتنا وشيوخنا حفظهم الله تعالى لأعزي نفسي واهالي الشهداء، فالمصاب جلل والفقد كلنا شعر به، فما من بيت في الامارات إلا واحس ان هذا الشهيد منه، وكنت كلما هممت بزيارة أحد هذه المجالس استحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بمقدار)) ولكن ما إن أدخل المكان حتى يفاجئني ما أجده وما أسمعه من أهالي الشهداء من عبارات الصبر والجلد والإحساس بالمسؤولية لحماية الدين والوطن، فأقول في نفسي ما أعظم هذا الشعب، وما أعظم قيادة هذا الشعب، فلقد ضرب قادة هذه البلد وأبناء هذا الشعب أروع الأمثلة في التلاحم والمحبة والوطنية والتضحية والصبر والجلد.

لقد ذهب أبناء الإمارات إلى اليمن لرفع الظلم عن أهله ومد يد العون لهم، فواجهوا عدوهم بكل قوة وحزم، ومع ذلك نرى قلوبهم تفيض رحمة ورأفة بأبناء الشعب اليمني من المستضعفين فنراهم يوزعون المساعدات الإنسانية والطبية بيد، واليد الأخرى تمسح رأس يتيم أو تكفكف دمع مستضعف مسكين ودموعهم تنهمر على وجوههم المباركة.

لقد ذهب ابناء الإمارات لمساندة أشقائهم في اليمن في شتى المجالات: جنود يطهرون أرض اليمن من كل ظالم معتد وغادر، وسواعد تبني ما هدمته معاول الغدر والخيانة والظلم وأيادي تضمد الجراح وترسم الإبتسامة على الشفاه.

ولكن النفوس التي يتملكها الظلم و يملؤها الغدر والحقد تطاولت فلم تراع حرمة لمصل ولا ابتهال ساجد ولا أعراف ولا قيما، فغدرت بالنائمين وقضت مضاجع الآمنين، وهذا حال الخائفين الجبناء الظالمين لا يستطيعون المواجهة وإنما يحاولون الوصول لمبتغاهم بالغدر والخيانة؛ أما والله إن الظلم شووم ومازال المسيء هو الملوم
الى ديان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصوم
ستعلم في المعادإاذا التقينا غدا عند الاله من الظلوم

فما عذرهم عند من لا تاخذه سنة ولا نوم (( والله يكتب ما يبيتون )) (( ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار)) .

لقد سطر أبناء الإمارات قيادة وشعبا بدماهم وأفعالهم أروع الأمثلة في جميع المجالات سواء على الصعيد السياسي أو في المجال العسكري او المجال الإنساني، وكلما ارتفعت رايات العطاء بيضاء ناصعة امتدت إليها أيادي الظلم والغدر والخيانة لتدنسها، ولكن الله غالب على أمره؛ فكلما حاولوا كسر الراية بقتل حاملها تصدى لها آخر قبل أن تقع لتزداد علوا وشموخا، فيحق الله الحق ويزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا، اللهم ارحم الشهداء واشف الجرحى وصبر المكلومين ووفق قادتنا ووفقنا لما تحبه وترضاه.