أردوغان خلال قمة العشرين (أرشيف)
أردوغان خلال قمة العشرين (أرشيف)
الثلاثاء 17 نوفمبر 2015 / 23:21

تقرير: أردوغان يكسب 200 مليون يورو من قمة العشرين

24 - إسطنبول - علي العائد

ربحت تركيا، وفق توقعات، حوالى 200 مليون يورو، ناتجة عن سياحة الوفود المشاركة والصحافيين والضيوف المدعوين لقمة العشرين في أنطاليا على البحر المتوسط.

وأتت تلك الأموال من جيوب ما يقارب 13 ألف زائر يعملون في وسائل إعلام تنتمي إلى 150 دولة حول العالم.

هذا كل شيء، لكن ماذا ربحت جمهورية أتاتورك من لقاء العشرين الكبار؟

بيان تقليدي
بالرغم من توقعات سبقت قمة العشرين في أنطاليا التركية بأن تشغل الأزمة السورية ما بين 95 و97% من إجمالي الوقت المكرس للقمة، فإن البيان الختامي للقمة أخَّر في نصه هذا الاهتمام، قائلاً إن دول المجموعة عازمة على جعل النمو الاقتصادي لدولها قوياً وشاملاً، وعلى توفير فرص عمل أكثر نوعية. مستدركاً أن المجموعة ستعمل مع البلدان الأخرى من أجل الاستعداد على المدى الطويل للتعامل مع موجات الهجرة والنزوح وتعزيز القدرة على إدارتها.

يبدو هذا منطقياً في موازين العشرين الكبار، بالنظر إلى أن الثورة السورية والأزمات المتولدة عنها لم تجعل الاقتصاد العالمي أكثر سوءاً مما هو عليه منذ الأزمة العقارية عام 2008.

12 ألف شرطي
القمة كانت مؤمنة من قبل 12 ألف شرطي، وبإجراءات استثنائية، يومي 15 – 16 نوفمبر (تشرين الثاني)، ليس فقط بسبب أنها تلت السبت الأسود في باريس بيوم واحد، ولكن لأن أنطاليا الواقعة غرب تركيا لا تبعد كثيراً عن الحدود السورية التركية حتى جغرافياً، حيث تربض داعش في أماكن عديدة من سوريا.

ولأن الانشغالات الاقتصادية مقدمة على غيرها، جاء النص التقليدي للبيان الختامي ليؤكد على زيادة معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للدول العشرين بمقدار 2% حتى عام 2018. أما بقية العبارات في البيان فجاءت بشكل إنشائي، وانتهى سحرها بانفضاض الاجتماع وسفر الزعماء إلى بلدانهم، لتنصرف كل دولة إلى شؤونها، وتتابع خططها منفردة، أو في إطار أضيق كثيراً من الإطار الموسع لمجموعة العشرين.

لاجئون وإرهابيون
في تركيا 2.2 مليون لاجئ سوري يقيم معظمهم وفق صيغة "المهاجرون والأنصار" التي ابتدعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

حاولت تركيا خلال القمة الوصول إلى حل لمشكلة اللاجئين، كون الأزمة تطالها قبل أوروبا، لكن جهودها لم تؤد إلى نتيجة.

حتى إلحاق تركيا لقضيتي اللاجئين، وقضايا مكافحة الإرهاب، بجدول الأعمال، لم تظهر في البيان الختامي بتحديد ووضوح كما كانت تأمل تركيا.

ولذلك، خرجت تركيا الرسمية خائبة من نتيجة القمة، فلا مال استفادت منه (ما عدا السياحة الدبلوماسية والإعلامية)، ولا مساعدات اقتصادية، أو إنسانية للاجئين السوريين فيها. كما أن تعقيدات الوضع السياسي في المنطقة على خلفية الحرب في سوريا جعلت أفضل النتائج عدم تفجير أزمة في القمة مع بوتين.

النزاع السوري
حسب تعبير وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، فإن اجتماع السبت الماضي في فيينا حول سوريا شدد على "رغبة" في "تنسيق الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب".

تلك "الرغبة" عند الكبار لحظت أن أكثر من 250 ألف سوري قتلوا منذ أربع سنوات ونصف السنة، كما لحظت أن إرهاب الدولة في سوريا أنعش الإرهاب في سوريا حتى طال فرنسا. لكن 130 ضحية للإرهاب في فرنسا كانت أثقل في ميزان الكبار من مئات آلاف القتلى السوريين، وملايين النازحين واللاجئين.

خيبة أردوغان
أراد أردوغان، بعد أسبوعين من فوز حزبه في الانتخابات التشريعية، الاستفادة من القمة لجعل تركيا شريكاً في حل قضايا الأمن والإرهاب، بالإضافة إلى شؤون اقتصادية هي في صميم اهتمامات مجموعة العشرين، لكن مساعيه لم تفلح سوى في اعتلائه المنصات كمضيف، أو رئيس للقمة في الإطار البروتوكولي.

المتوقع أن تتابع أوروبا مساعيها في إقناع تركيا ببذل جهد أكبر لمنع 2.2 مليون سوري من التفكير في اللجوء إلى أوروبا، عبر مساعدات مالية مجزية تساعد تركيا في منح السوريين حقوق اللجوء كاملة.

لكن هذا التوقع اصطدم سلفاً بتقرير أوروبي ندد بـ"التوجه السلبي" لوضع دولة القانون في تركيا وبـ"التراجع الخطير" لحرية التعبير.

المناخ
المناخ كان يتيماً في القمة، شأنه اللاجئين في دول جوار سوريا وأوروبا، بالرغم من أن القمة سبقت بأسبوعين فقط قمة للأمم المتحدة حول المناخ ستعقد في باريس، لمناقشة خفض غازات الدفيئة المسؤولة عن الاحترار المناخي، وتمويل ذلك.

نجوم الكواليس
بوتين كان أحد نجوم المنتجع التركي، من خلال اجتماعاته الثنائية، ومن خلال الأزمات التي فجرتها موسكو مسبقاً في سوريا وأوكرانيا، حيث التقى بوتين كلاً من زعماء السعودية والصين وبريطانيا وتركيا وألمانيا وإيطاليا، إضافة إلى قادة بلدان "بريكس"، ورئيسة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد.

في الموضوع الأوكراني، رشح من لقاء بوتين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، كلاً على حدة، أن موسكو ولندن تتبنيان فهماً مشتركاً لحقيقة أنه لا يمكن تسوية الأزمة الأوكرانية إلا عبر الحوار السياسي وإيجاد الحلول الوسط.

الصين المتباطئة
اقتصادياً، لا يزال تباطؤ الاقتصاد الصيني يثير قلق الأسواق الناشئة. فبعد طي صفحة أزمة اليورو على خلفية الأزمة اليونانية، كان من المفترض أن تتيح هذه القمة إقرار خطة عمل لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لمكافحة تهرب المجموعات المتعددة الجنسيات من الضرائب.

جدول أعمال موازٍ
في قمة أنطاليا، تم تأسيس مجموعة "سيدات العشرين"، لتضاف إلى المجموعات الأخرى مثل "شباب العشرين"، و"رجال الأعمال"، و"المنظمات المدنية" و"النقابات".

وجرى عقد أكثر من 70 اجتماعاً لهذه المجموعات التي تعمل في مجالات مختلفة، بينها الزراعة والطاقة. مع الإشارة إلى أن الاجتماعات لا تجرى في تركيا فقط، بل في بقية دول المجموعة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة.

وتبنت قمة تركيا شعارات "المقاربة الشاملة"، و"الاستثمار"، و"التطبيق". ومن المفترض أن يتم التركيز على دور الشباب، والنساء، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة. ووضعت اللجان هدفاً بضمان استثمار أموال تتراوح قيمتها بين 80 و100 تريليون دولار، حتى عام 2030.

G20
ومجموعة العشرين منتدى تأسس سنة 1999 عقب الأزمات المالية المتلاحقة في تسعينيات القرن الماضي. ويمثل مجموع قوى المنتدى ثلثي التجارة في العالم. كما تمثل المجموعة أكثر من 90% من إجمالي الناتج العالمي.

عقدت القمة على مستوى الزعماء لأول مرة يوم 15 نوفمبر 2008، بعد أن كانت تعقد اجتماعاتها من قبل على مستوى وزراء مالية الدول الأعضاء.

وتضم مجموعة العشرين كلاً من: السعودية وأستراليا، والأرجنتين، وفرنسا، والصين، وكندا، وروسيا، والبرازيل، وألمانيا، وإندونيسيا، وجنوب أفريقيا، والمكسيك، وإيطاليا، واليابان، والولايات المتحدة الأمريكية، وتركيا، والمملكة المتحدة، وكوريا الجنوبية، والهند، والاتحاد الأوروبي.