الجمعة 20 نوفمبر 2015 / 18:36

مهرجان الشيخ زايد

يبدو المشهد، كطائر نهض، خض بأطراف جنحانه منتشياً من الواقع، محلقاً في سماء الوثبة، مختزلاً الفكرة التي كبرت، ونمت، ثم ترعرعت متنامية كشجرة وارفة الظلال، بجذورها الغارفة الممتدة بصلب الأرض، عيناه كنجمتين، تنظران إلى الأمل المسفر، المتلألئ من بقاع هذه الأرض.. بقاع الوثبة، ورقاعها..

في حينها تبدو الوجوه كعشاق مدنفين، مهرولين نحو أحلامهم المرسومة على قارعة الطريق، آمالهم التي باتت تداعبها نسمات الرياح، وهمسات الصحراء الباهية.. الزاهية.. الخالية من الضجيج، والعجيج.

في الوثبة.. تنمو الطموحات، وترنو إلى البعيد، حاملة على عاتقها صورة المشهد التاريخي، مشهد الإنسان الإماراتي العريق، مقدمة رسالة للعالم خلاصها، هنا الإنسان.. هنا الأمان، والاطمئنان.

في الوثبة.. تسير قافلة الاتحاد بخطى واثبة، كنياقٌ تخب فزة لرحيلها، كجواد في حزة صهيلها مستلهمة من العنفوان الوجودي الذي سكن بداخلها.

في الوثبة.. مساحة أضاءت الفكرة، متسربة في خفايا الروح والوجدان، متشربة من مياه الجوف لتنمو وتعشوشب أزاهير الحياة الحافلة ببساتين أشجارها قلوب ملتفة حول أسوارها الشاهقة التي شيدت بعراقة الماضي، واناقة الحاضر المذهل.

في الوثبة.. تصير القلوب قوافل تسير فوق كثبانها التي رشت بماء الذهب، والأجساد تبدو كحبات أدق من الذرة، وأرق من النسمة اللطيفة التي تداعب وريقات الروح الخضراء.

في الوثبة.. ترفل الأعلام، معلنه عن أقمارٍ أضاءت، وأنوار سلطت اضواءها على شيءٍ حافل، تكتظ القلوب معلنة عن البوح، والفوح عن ما يجول في وريدها، وما يسري في شريانها، عن شيءٍ .. عن فطرة.. عن فكرة.. عن مهرجان به جود ووجود، صمود وعهود ووعود، عن مهرجان يعيد الإنسان، ويشيد البنيان..

مهرجان الشيخ زايد التراثي، في الوثبة، فعالياتة تكاد تكون أقماراً في مساراتها، وأفلاكاً في مداراتها، والناس تلتف من حولها كنجوم مسفرة، نيره، متلألئة بابتسامة الانتشاء، والاحتفاء بهذه الفكرة التي كبرت بحجم الطموحات، والأمنيات، والأحلام التي باتت تحتضنها قلوبهم.

مهرجان الشيخ زايد التراثي، يأتي اليوم تقديراً للمسيرة الحافلة بالإنجازات والدور التاريخي الذي سكن في وجدان كل إماراتي، ومقيم على هذه الأرض الطيبة. الدور الذي بات ينمو بنمو الذات الإنسانية، ويسمو بسمو الروحانية. الدور الذي نقشه والدنا المغفور له "بإذن الله" الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة.. حيث أن يأتي هذا المهرجان في مدينة الوثبة مقدماً إطلالة شاملة، وصورة واضحة وبيّنه على حياة الإنسان الإماراتي، والحياة المحلية التي يعيشها هذا الشعب الكريم.

يأتي مهرجان الشيخ زايد التراثي، مبيّناً حياة الأجداد، راسماً نهجهم الذي خطوه، وتقاليدهم التي علقت حلقة على آذاننا، ووساماً على صدورنا.. تقاليدهم الأصيلة، والنبيلة، والجميلة، والجزيلة التي أعطتنا معنى لهذه الحياة، ولهذا الوجود..

مهرجان الشيخ زايد التراثي في الوثبة، يعيد لنا الحياة بجلب، وجذب مقتطفات عن سيرة المغفور له "بإذن الله" الشيخ زايد الأول، والذي يعتبر من أعظم حكام إمارة أبوظبي، لغرس تلك النظرة القيادية في قلوب الأجيال ولتصبح ملمة، وملهمة لهم في نفس الوقت..

ولا يخلو المهرجان من ذكر حماة الوطن حيث أن بهم تعلو راية الوطن، وتسمو هامته، وقامته، ورفعته، مستعرضاً مراحل تطور القوات المسلحة الباسلة، مستذكراً بسيرة الشهداء الأبرار، والجنود البواسل الذين ضحوا بأرواحهم فداء لهذا الوطن الغالي، وقدموا جل ما يملكون ليحملوا راية الوطن عالية مرفرفة في سماء الروح..

مهرجان الشيخ زايد التراثي، الذي تنوع، وتفرع بأغصان وارفة، مشرفة على الماضي، بعين الحاضر، مرتوية بأنامل تفانت في العطاء، والسخاء، والوفاء، والانتماء حتى باتت الناس من حولها ملتفة كعصافير تزقزقُ، مرفرفه بجنحانها، منتشيه بما جادت به هذه الطبيعة الكونية.