الأربعاء 25 نوفمبر 2015 / 08:59

لمن ذهب صوت الرئيس؟

محمد صلاح البدري - الوطن المصرية

إنه المشهد المعتاد الذى يغزو شاشات التلفاز صبيحة يوم الانتخابات، لا يهم إن كانت انتخابات رئاسية أو برلمانية أو حتى استفتاء، إنه مشهد سيادة الرئيس وهو يدلف إلى لجنته الانتخابية ويدلى بصوته بعد أن يحيى القائمين على العملية الانتخابية، كل الرؤساء يدلون بأصواتهم فى الصباح الباكر، ولا أعرف السبب!

ربما ينجح أحدهم فى الحصول على تصريح تليفزيونى منه، لا بأس أن يدلى سيادته بتصريح يحمل أملاً للمواطن البسيط الذى يعانى، وربما يحث ذلك التصريح البعض على المشاركة فى الانتخابات التى لم تعد تجذب الكثيرين، لا بأس على الإطلاق!

ما شغلنى هذه المرة هو صوت الرئيس نفسه، أين ذهب هذه المرة؟ أو بمعنى أكثر وضوحاً من الذى انتخبه سيادة الرئيس فى دائرته؟ أو أكثر شمولاً، ما القائمة التى يرى سيادته أنها أحق بالوجود فى مجلس النواب الذى سيشاركه حكم البلاد؟!

إنها المرة الأولى التى ينتخب فيها سيادة الرئيس فى انتخابات متعددة الاختيارات منذ أن تولى الرئاسة، كما أنها المرة الأولى التى نحظى فيها برئيس لا يملك حزباً سياسياً، لقد قضينا أعواماً طويلة ونحن نعرف أن صوت مبارك يذهب للهلال والجمل، ولم نحتج أن نتساءل أين ذهب صوت مرسى فى الاستحقاقات الانتخابية التى تمت وهو رئيس! ولكن الأمر يختلف هذه المرة، فالفضول يقتلنى لأعرف لمن ذهب صوت الرئيس السيسى؟!

ربما ليس من حق أحد أن يسأله مباشرة، خاصة أنه اقتراع سرى مباشر، ولكننى أعتقد أننا نملك الحق لنتساءل، أو ربما نخمن، أيهم حزب الرئيس؟ أى قائمة يؤيدها سيادته؟ أى برنامج قد اقتنع به؟

الفكرة لا تكمن فى فضول طفولى يجتاحنى لأعرف إلى من ذهب صوت سيادته، الفكرة أن صوت سيادته يهم الكثيرين بالفعل، فعدد ليس بالقليل فى هذا الوادى الطيب ما زال يعتبر رئيس الدولة بوصلته الشخصية، وفى ظل الضبابية التى تحيط بالبرامج الانتخابية للأحزاب والقوائم، وفقر التاريخ السياسى للمرشحين المستقلين، يصبح التوجيه الانتخابى غير المباشر عن طريق أن أحداً من أهل الثقة يؤيد تلك القائمة أو ذلك المرشح تحديداً مهمة بل وضرورية، ولا يحتاج الأمر إلى كثير من الدقة لأعلن أنه على رأس قائمة أهل الثقة لدى شريحة كبيرة من المواطنين!

الأسئلة تزداد فى ذهنى حين أتأمل القوائم المتاحة، فقائمة قوية قد تمكنت من اكتساح معظم مقاعد المرحلة الأولى للانتخابات -وتحمل بقايا الحزب الوطنى القديم- ربما هى الأقرب للحصول على صوت سيادته، فهل صوّت لها؟ وقائمة أخرى تمثل حزباً ليبرالياً يسعى لتشكيل الحكومة، بحسب تصريحات رئيسه، فهل حازت على قبول سيادته واقتناعه؟ وحزب حديث النشأة يترأسه شاب يدعون أنه قريب من سيادته كثيراً يدفع بعدد من المرشحين تحت رايته ليحصل على عدد لا بأس به من الأعضاء تحت القبة البرلمانية، فهل اختص سيادته أحدهم بصوته؟!

الاختيار صعب بالفعل، فإذا كانت القوائم المتاحة هى تحالفات لأحزاب قائمة بالفعل، فصوت الرئيس إذا ذهب لإحداها إنما يعنى تأييده الضمنى لحزب بعينه، وهو ما حاول سيادته -وما زال- نفيه منذ بداية فترته الرئاسية، وهنا يظهر العيب الأساسى فى عدم انتماء سيادته لحزب محدد، وهو ما أعتبره محاولة لخلق توافق لن يتم فى الأغلب.

إننا نستقبل برلماناً يعد الأقوى من حيث الصلاحيات ربما فى تاريخ مصر، ويحمل فى تشكيله مزيجاً عجيباً من المحنكين وحديثى العهد بالسياسة، فضلاً عن خليط من المنتفعين الذين تسللوا عبر بوابات القوائم الحزبية والعصبيات الريفية ليصبحوا ممثلين للشعب، فى ظل كل هذه النماذج المتباينة، كنا نفضل لو كان الأمر أكثر وضوحاً، كنا نفضل لو عرفنا أياً من الأحزاب هو حزب الرئيس، كنا نفضل لو عرفنا ضمناً، لمن ذهب صوت الرئيس؟