الأحد 29 نوفمبر 2015 / 18:19

الشهيد الشيخ محمد الفلاحي

عندما أمر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة أن يكون يوم الثلاثين من نوفمبر(تشرين الثاني) من كل عام "يوم الشهيد"، تخليداً ووفاء وعرفاناً بتضحيات وعطاء وبذل شهداء الوطن وأبنائه البررة الذين وهبوا أرواحهم لتظل راية دولة الإمارات العربية المتحدة خفاقة عالية وهم يؤدون مهامهم وواجباتهم الوطنية داخل الوطن وخارجه في الميادين المدنية والعسكرية والإنسانية كافة، تبادر إلى ذهني فوراً شهداء الإمارات الذين دافعوا عن أراضيهم قبل مئات السنين، قبل أن يتجسد حلم الوحدة بين الإمارات السبع في كيان سياسي واحد عام 1971م.

لقد شهدت هذه الأرض الطيبة، تاريخاً من البذل والعطاء، قدّمه الآباء والأجداد في سبيل حماية ترابها الغالي من الأخطار المحدقة بها، كما سجّل التاريخ وقفات مشرفة لحكام الإمارات وأبنائها مع جيرانهم ونجدتهم لهم لردع أي أخطار كانت تهددهم، وهو موقف لم يحد عنه قادة وطننا اليوم، ولا جنودنا البواسل الذين سجلوا أعظم المواقف خلال العقود الماضية، كان آخرها مسارعتهم لتلبية نداء الوطن لنصرة إخواننا والشرعية في اليمن الشقيق.

ومن المواقف التي بذل فيها أبناء الإمارات أرواحهم قبل قيام الاتحاد، وتحديداً قبل مئات السنين، تلك المعارك الشرسة التي دارت خلال القرن السادس عشر بين حلف بني ياس بقيادة الشيخ محمد الفلاحي الياسي، والقوات البرتغالية التي كانت تطمع لإخضاع المنطقة لسيطرتها، وقد استمرت تلك المعارك لأكثر من سنتين، وتم أسر الشيخ محمد الفلاحي بعد إصابته بجروح بليغة في إحدى تلك المعارك، لتنقله القوات البرتغالية إلى عمان، وهناك تمت محاكمته وإعدامه لينال شرف الشهادة في سبيل الدفاع عن هذا الوطن الغالي. ونقلت إحدى المخطوطات القديمة قصيدة قالها الشيخ الفلاحي في تلك المعركة قبل أسره، يصف فيها كيف أن للدار وأهلها حق عليهم كقادة وجنود للوطن، لحماية الأرض والعرض من كل اعتداء.

يقول الشاعر الشيخ محمد الفلاحي في قصيدته:

حل القضا والنفس تظهر علومها
ونعد في صملانها حَق يومها
لي ما يلحّ النفس في بهوة العلا
ترمي به شْتات النيا في ركومها
يا لابتي يا اهل النضا عدّوا النضا
غير المنايا بيّناتٍ سمومها
نركب على كِزم البلاسم لكنها
شهبٍ تهاوت في الغداري رسومها
للدار واهل الدر حقٍّ علينا
وشوفاتنا مرفوق تمزع هدومها
حميت من الساحل إلى رملة الغضا
لا هيه ترخصنا ولا احنا نسومها
يا يوم لا حيّيت وثّمت فينا
غيباتنا رغّبت فيها خصومنا
يوها اغرابٍ هوب منّا وفينا
كفّار لا من دينها ولا سلومها
طمّاعة في الدار والدار عَسره
حمرا الهوايا ما توانت عزومها
يوهم على سعّاية الموي ذايَه
متواليه نيرانها في خشومها
إسَوْا في ناسٍ دون حيلٍ وقوّه
وتوحّدوا فيها بغيبة قرومها
حاثوا ولاثوا في حماها وحرّقوا
وان صاح ساحلها تعزوَت حزومها
دغرنا عليهم والضحى يدهش الظهر
من تخّة الظفره وما حاز قومها
عصبه تحالاهم يلي دنّق اللقا
بمعطلاتٍ يرِّدت من كمومها
ما بين بو حدّين وجباب شلفا
بتّار من عظم المعادي ثلومها
يونا وييناهم وشلّوا وشلنا
والحايمات اليايعه زاد حومها

لقد شهدت الأراضي الإماراتية قبل قيام كيانها الاتحادي، استشهاد من ضحوا بأرواحهم لأجل حمايتها، وامتزجت دماؤهم بتراب هذا الوطن الغالي، الذين شاركوا بتضحياتهم في الوصول به إلى ما وصل إليه اليوم من علو ورفعة وإنجاز.