الجولاني خلال ظهورة في لقاء صحافي (أرشيف)
الجولاني خلال ظهورة في لقاء صحافي (أرشيف)
الثلاثاء 1 ديسمبر 2015 / 22:36

تقرير: هل تحاول "النصرة" استرضاء الغرب؟

24 - إعداد: ميسون جحا

لفتت صحيفة ناشونال إنترست الأمريكية، إلى تنظيم متطرف مرتبط بالقاعدة ينشط في سوريا، ولكنه لا يلقى نفس الاهتمام، ولا التركيز الإعلامي والمخابراتي الذي ينصب على تنظيم داعش الإرهابي.

تشير الصحيفة إلى رغبة الجولاني لاسترضاء الغرب من خلال تصريحاته وللتقليل من مخاوف جهات غربية بشأن أهدافه وقدراته ولكن ذلك لا يمنع من إدراك أن جبهة النصرة استخدمت أساليب وحشية ضد خصومها في الميدان

ويتخذ ذلك التنظيم المتشدد لنفسه اسم "جبهة النصرة"، وهو يضم، كسواه من منافسيه المتطرفين، عناصر وقادة مدفوعين برغبة جامحة لمهاجمة أهداف في الولايات المتحدة أو في أوروبا. وارتكب عناصر جبهة النصرة أعمال عنف وقتل شبيهة بما نفذه إرهابيو داعش.

صلات بالقاعدة
وتشير الصحيفة إلى كون كبار قادة وأعضاء النصرة وداعش يعادون اليوم بعضهم البعض، ولكن التنظيمين يعملان ضمن نفس الأطر، ولتحقيق نفس الغايات، حتى أن بعضاً من كبار قادة النصرة كانوا سابقاً أعضاء في تنظيم داعش، عندما كان في العراق، وكان يحارب عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين الذين كانوا يعملون على تطهير أحياء عراقية من متشددين، ويقومون على تدريب قوات أمن عراقية.

وأوكل أبو بكر البغدادي لزعيم النصرة، أبو محمد الجولاني، مهمة تأسيس فرع للتنظيم في سوريا للاستفادة من المناخ الأمني المتدهور، عندما نشبت الحرب الأهلية هناك.

وتشير ناشونال إنترست لدور قام به ميسر علي موسى عبد الله الجبوري، وأنس حسن خطاب الجبوري، واللذان استهدفتهما وزارة الخزانة الأمريكية في عام 2012،  لدورهما في تسهيل تشكيل جبهة النصرة لصالح شبكة القاعدة الأوسع.

وفي ذلك الوقت، صنفت وزارة الخزانة الأمريكية جبهة النصرة بوصفها على ارتباط مباشر بالقاعدة في العراق. ولذا تقول الصحيفة، يمكن التأكيد على أنه، وقبل انخراط قادة النصرة وداعش في قصف وقتل بعضهما البعض في ميادين القتال في سوريا، كان التنظيم الأول فرعاً للثاني.

تنظيم فتاك
وتلفت ناشونال إنترست إلى أنه فيما يشتهر داعش بقتل أعدائه، ودفن سجنائه في مقابر جماعية، وإرباك الجيش العراقي في مدن الموصل والرمادي، كانت بطاقة حضور النصرة في نجاحه في التخطيط وتنفيذ عمليات ضد الجيش السوري ومنشآت رسمية تحظى بحماية من قبل أجهزة أمن الأسد. ولا غرابة أن التفجيرات الانتحارية كانت الوسيلة المفضلة لدى التنظيم. وفي معظم الحالات، كانت عمليات انتحارية تشكل جزءاً من أية مهمة، بحيث تستهدف التفجيرات لإضعاف الهدف، ولاعتقال جنود من الجيش السوري، أو عناصر من مليشيات موالية للنظام، وخلق نوعية الظرف والبلبلة التي تمكن النصرة من الاستيلاء على مبنى حكومي، أو أمني أو حي.

ضرب في الصميم
وتلفت ناشونال إنترست إلى أنه، وقبل دخول داعش على خط المعارك البرية في سوريا، كانت جبهة النصرة تشن هجمات إرهابية فتاكة في قلب المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد. وكان أول هجوم لفت أنظار الصحافة العالمية للتنظيم، عندما قام مقاتلو الجبهة بتنفيذ تفجير انتحاري مزدوج أمام مبنى إدارة المخابرات العامة، ومقراً للجيش في دمشق، ما أدى لمقتل 44 شخصاً من المدنيين في العملية. وفي مايو (أيار) 2012، وقع تفجير انتحاري آخر في دمشق ذهب ضحيته 55 مدنياً، وبث التنظيم شريطاً مصوراً للعملية ادعى فيه أنه جاء انتقاماً من الأسد بسبب قصفه للمدنيين السوريين. وتتالت الهجمات الانتحارية.

لقاءات صحفية
وتقول الصحيفة إنه من النادر لزعيم تنظيم إرهابي أن يجري لقاء مع جهة إعلامية. وفي حين أجرى أسامة بن لادن أول لقاء له مع صحافي غربي في نهاية التسعينيات من القرن الماضي، كما لم يعط أبو بكر البغدادي إي لقاء لصحافيين، باستثناء ظهوره العلني وإلقائه خطبة في مسجد في الموصل، بعد استيلاء التنظيم على المدينة في يونيو (حزيران) 2014. وأدت ندرة ظهوره العلني لمنحه هالة غامضة بين مناصري "خلافته" ولم تساعد بالتأكيد مسؤولو مكافحة الإرهاب الساعين للقضاء عليه.

لكن أبو محمد الجولاني، أجرى لقاءين، وكان أولهما مع قناة الجزيرة في عام 2013، عندما ظن كثيرون بأن بشار الأسد على وشك الرحيل عن السلطة، ومرة ثانية، في العام الحالي، عندما حاول شرح ما تريد جبهة النصرة تحقيقه، وما رآه بوصفه الوضع النهائي للعمليات الحربية في سوريا.

سرية فائقة
وبالاعتماد على ما ورد في كلا اللقاءين، تلفت ناشونال إنتريست إلى كون الجولاني رجل فائق السرية يريد من المجتمع الدولي أن يفهم ماهية أهدافه النهائية، حيث قال: "نحن هنا لنحقق مهمة واحدة، وهي محاربة النظام وعملائه على الأرض، بمن فيهم حزب الله وآخرين. وليس للطائفة العلوية في سوريا ما تخشاه من جبهة النصرة حالما انتهت الحرب. فإن حربنا ليست عملية انتقام من العلويين، بالرغم من أنهم، وفقاً للدين الإسلامي يعتبرون كفاراً. وإن كان لدى الأمريكيين أية مخاوف بشأن محاولة جبهة النصرة أن تضرب في واشنطن أو نيويورك، فإنهم ليسوا بحاجة للقلق. وطالما لم تستهدف الولايات المتحدة جبهة النصرة بشكل مباشر، فإن التنظيم لن يجد داعياً لتوسيع عملياته خارج الحدود السورية".

ومن هنا تشير الصحيفة إلى رغبة الجولاني لاسترضاء الغرب من خلال تصريحاته، وللتقليل من مخاوف جهات غربية بشأن أهدافه وقدراته. ولكن ذلك لا يمنع من إدراك أن جبهة النصرة استخدمت أساليب وحشية ضد خصومها في الميدان، بحيث قام عناصرها بقتل وتعذيب مدنيين اعتبروهم موالين للنظام السوري أو حاربوا في جيشه.