الثلاثاء 1 ديسمبر 2015 / 23:29

عبث تركي بنار الطوائف السورية

تدخل محاولة التأطير السياسي لعلويي سوريا في دائرة استمراء السياسة التركية استحضار تجارب الدولة العثمانية في اللعب بنار الطوائف والاثنيات واستعدائها على بعضها.

ففي رعايتها لمؤتمر تيار "غد سوريا" الذي عقد في اسطنبول مؤخراً قطعت الدوائر التركية المعنية بالملف السوري خطوة عملية وإن كانت هزيلة في هذا الاتجاه.

الهدف من تشكيل التيار حسب ما جاء على لسان بعض رموزه تأليب الطائفة المحسوبة على نظام بشار الأسد أو المحسوب عليها النظام وتطمين السنة بوجود الشريك العلوي الذي يمكن التعايش معه لكن مسارب الحدث الذي شغل شرائح واسعة من نشطاء الطائفة متشعبة إلى الحد الذي يصعب التنبؤ في مآلاته.
  
هوامش التفكير التي فتحها المؤتمر اتسعت لتفسيرات أخرى بعيدة بعض الشيء عن ما ذهب إليه خطاب القائمين عليه ومدى صدق نواياهم وصحة تقديراتهم للأثر الذي سيتركونه في مجرى الأزمة.

أبرز التفسيرات التقاء الرغبة التركية باستخدام الورقة العلوية في مساعيها الدائمة لخلط أوراق نظام الأسد مع طموح ثلة من المعارضين العلويين لتمثيل سياسي في أطر ائتلاف المعارضة.

في مثل هذه الحالة تتفاوت حسابات الربح والخسارة فمن السهل ضم تشكيل سياسي علوي إلى تشكيلات أخرى بلا قواعد على أرض الواقع لكن جدوى التشكيل للمراهنين عليه تبقى محدودة.

ينخفض سقف الخطوة مع المبالغة في اللغة الاتهامية التي يستخدمها نشطاء "غد سوريا" ضد طائفتهم لكسب الرضى التركي وتضخيم مسؤولية الطائفة العلوية عن ممارسات نظام استخدم مختلف الطوائف السورية بنسب متفاوتة في تنفيذ سياساته مما يعني تنفير ابناء الطائفة العلوية من التيار المفترض أنه جاء لتأطيرهم وزيادة قلقهم من مرحلة ما بعد الأسد.
  
كما يضيف تشكيل التيار واحتمالات ضمه إلى ائتلاف المعارضة عبئاً على نخب سياسية وثقافية من أبناء الطائفة العلوية تعارض النظام القائم منذ عقود وترفض فكرة الفرز الطائفي التي يقوم عليها التشكيل الجديد علاوة على أن نظام الاسد المتهم بتوظيف الطائفة واستخدامها لم يفكر في تاطيرها.

علامات الاستفهام التي أحاطت بالتحرك ليست معزولة عن ملاحظات متراكمة على طرق الاستخدام التركي للطوائف والأعراق السورية بدء من تحويل "المجلس الوطني" إلى حاضنة تهيمن عليها جماعة الأخوان المسلمين رغم قلة تأثيرهم في المشهد السياسي السوري وانتهاء باستخدام التركمان موطئ قدم بين عدة مواطئ في الخارطة السياسية السورية مروراً بتجيير مواقف المجلس الوطني الكردي ضد حزب الاتحاد الديمقراطي.

تلخص تجليات النزعات التركية للعب بنيران الأعراق والطوائف التي كان آخرها الدفع باتجاه بلورة تشكيل سياسي للطائفة العلوية في سوريا انماط تفكير وسياسات تعود إلى زمن السلاطين الموغل في إثارة القلاقل بين مكونات الدولة العثمانية والاستقواء بمكون على آخر ولا تخلو الخطوة الأخيرة من محاكاة لآليات إمساك حزب العدالة والتنمية بزمام الأمور في الداخل التركي ومن شأن استمرار قوى المعارضة السورية في التجاوب مع هذه الخطوات زيادة الاحتقانات بين السوريين وتغذية احتمالات التقسيم الآخذة في الاتساع.