تعبيرية (المصدر)
تعبيرية (المصدر)
الأربعاء 2 ديسمبر 2015 / 01:11

صحيفة: كيف تستخدم فرنسا قوتها الناعمة لمكافحة التطرف في الداخل

24 - إعداد: طارق عليان

نشرت صحيفة Le Temps السويسرية الناطقة بالفرنسية، تقريراً للكاتب الصحفي "كريستيان ليكومتيه" يسلط فيه الضوء على برامج مكافحة الأصولية والتطرف الذي بدأته فرنسا العام الماضي لمعالجة الأسباب التي دفعت الشبان المسلمين نحو التطرف.

ويشير التقرير في البداية إلى عالم الاجتماع "جمال مصراوي" الذي يعمل في السجون "كمعلم" ضمن برنامج الحكومة الفرنسية لمكافحة التطرف الإسلامي، حيث يستضيف مجموعتي حوار على مدار ساعتين- في باريس وغيرها- تضم رجالاً كانوا قد ذهبوا إلى سوريا أو العراق، ويخضعون لعقوبات تمتد لفترات طويلة.

يشرح جمال مهمته قائلاً: "لا أوجه لهم أي نقد. أستمع إليهم فحسب، وأمهلهم فرصة للتفكير في العناصر الحاسمة التي زجّت بهم خلف القضبان. مهمتي هي التفكيك لإعادة البناء. إنهم لا يزالون يعتقدون بأنهم فعلوا الصواب من خلال ترك بلادهم وتوجههم للقتال. وقال لي أحد السجناء بأنه قد فعل أشياءً حمقاءً، بل إنه كان مجرماً، حتى انضم إلى الجهاد الذي أعطاه الشعور بأنه كان على الطريق الصحيح".

يتميز مصراوي بجذور فرنسية جزائرية. "ويعد امتلاكنا لنفس الخلفية بمثابة ميزة، فنحن نعلم السياق الاجتماعي والثقافي الذي نتحدث حوله. أقول لهم لقد تركت عائلتي في الجزائر وأعيش بشكل كامل في المجتمع الفرنسي. وعانيت من العنصرية ولكني لم أخضع لمشاعر الضحية لأنني أبحث عن الحوار".

تطوع عالم الاجتماع مصراوي في مهام في هايتي ومدغشقر وإثيوبيا. ويحكي للسجناء عن الناس الذين التقى بهم في تلك البلدان، والناس الذين فقدوا أطفالهم وبيوتهم وأراضيهم وحيواناتهم، لكن لا يزالون يتمتعون برغبة قوية في البقاء.

الإرهاب الأكبر
في نهاية الأسبوع الماضي، انضم مصراوي، في مدينة نيس، إلى نحو 30 من الأخصائيين النفسيين والمحامين والمعلمين وعلماء الأنثروبولوجيا والأئمة الذين جمعتهم جمعية Unismed المتخصصة في الوساطة الاجتماعية وتتخذ من مرسيليا مقراً لها. تأسست هذه الجمعية في عام 2005 بعد موجة من العنف اجتاحت المناطق الحضرية في فرنسا.

يقول مدير جمعية Unismed والمحلل النفسي "آلان روفيون": "قمنا في العاميْن الماضييْن بتدريب أكثر من 2000 مهني لاكتشاف التطرف وفهمه. قبل هجمات باريس في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) بفترة طويلة، قررنا إدخال تعديل على خططنا بإنشاء مجموعة الهدف منها الوقاية من التطرف". تبلور شكل المجموعة في يونيو (حزيران)، وضمت أعضاءً من مختلف الدول الأوروبية وشمال أفريقيا.

كان هناك محام دنماركي من أصول تركية ضمن مجموعة الوقاية من التطرف، وكان يعمل على مكافحة التطرف على مدى السنوات الثلاث الماضية في مدينة يعيش فيها 300 ألف مواطن. تعتبر الدنمارك واحدة من البلدان الأوروبية التي سجلت أعلى معدل للمجندين المتطوعين للـ"جهاد" في سوريا (150 دنماركي منذ عام 2011).

يشرح المحامي الدنماركي بأن عودة هؤلاء المتطرفين إلى الدنمارك "تتم بسلاسة، مع خضوعهم بطبيعة الحال لأحكام بالسجن جنباً إلى جنب مع تقديم المساعدة النفسية والاجتماعية في إطار خطة لإعادة دمجهم مهنياً". ويضيف قائلاً: "أقضي ما يصل إلى ثماني ساعات يومياً معهم، فضلاً عن عائلاتهم والأشخاص المسؤولين عن المساجد التي يصلون فيها وأرباب أعمالهم وأصدقائهم. إنها شبكة كاملة".

ويعمل حامد مكرلوف، ضمن برنامج مكافحة الارهاب الفرنسي، في سجون المدن الجنوبية بمدينتيْ طولون ومرسيليا. يبدأ مكرلوف حديثه عن المالكية، التي تعتبر أحد "المذاهب المعتدلة في الإسلام، والتي يمكنها التكيف بشكل فعلي مع الحياة في العصر الحديث".

يقول مكرلوف إن هناك الكثير من المعلومات في الإسلام التي لا يعرف المتطرفون الشباب عنها شيئاً. "وإنني أقوم بتذكيرهم مباشرة بالقيم العلمانية والجمهورية الفرنسية، وأحكي لهم قصة الدين الإسلامي منذ بدايته إلى اليوم. وأخبرهم عن "الجهاد الأكبر"، الذي تابعته منذ أن كنت في الثلاثين من العمر وذلك من خلال الدراسة والبحث عن فرصة عمل وإنجاب الأطفال. إنها طريقة جيدة تجعلهم يعيدون التفكير".

يقول آلان روفيون إن نداء التطرف عدو يصعب مكافحته "فهم يرون أن التطرف يعني الخروج من دائرة الاحتقار إلى دائرة الضوء. إنه انحسار وانكفاء على الذات يقاوم الاندماج. ولذا، نحاول أن نقدم لهم جذوراً جديدةً ترتكز على كل من الأسرة الإيجابية، فضلاً عن المكونات الاجتماعية والثقافية".