الإثنين 14 ديسمبر 2015 / 21:27

لماذا نتجه شرقاً

لا شك أن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان - حفظه الله- للصين لها أسباب عديدة، وتكتسب هذه الزيارة أهمية كبرى في ظل المتغيرات التي حدثت وتحدث في الشرق الأوسط، ولا شك أيضاً أن للزيارة دوافعها السياسية والاقتصادية والأمنية التي تشكل محور اهتمام مشترك بين دولة الإمارات والصين.

وعلاقة الشرق بالغرب علاقة تاريخية منذ الأزل، حيث جسد طريق الحرير أهمية اقتصادية كبرى للمنطقة قديماً، تشكلت من خلالها الكثير من الروابط التجارية والثقافية المشتركة، ولذلك كان لزاماً العمل على إحيائها وتعزيزها في زمن لم يعد للعالم فيه قطباً واحداً كما كان في السابق، بل شهدت الحقبة الراهنة بروز عدد من القوى الجديدة، أحدثت تغييراً في موازين القوى المؤثرة.

فأصبحت الصين وروسيا والهند من القوى المؤثرة والفاعلة في تغيير المشهد السياسي والاقتصادي للعالم أجمع، ولم تعد أوروبا أو الولايات المتحدة المنفردة وحدها بالتأثير في أوضاع المنطقة، وهذا لا يعني أن نتخلى عن أصدقائنا القدماء، بل نقول إنه من الواجب أن نتعامل مع الآخر الذي فرض نفسه على الساحة الدولية، ونتعاون معه في شتى المجالات التي تخدم المصالح المشتركة بين البلدين.

وتعتبر السياحة أحد الركائز الأساسية للدخل القومي لكثير من الدول، وتمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة العديد من عوامل الجذب السياحي الذي يجعل منها وجهة سياحية مهمة في المنطقة، ووجهة سياحية للعالم أجمع.

ويعتبر الصينيون من أكثر شعوب العالم إنفاقاً على السياحة، وبالتالي فإن تعزير العلاقة والشراكة مع الصين ستعود على البلدين (الإمارات والصين) بفوائد كثيرة، إذ تقول الأرقام إن الصينين هم أكثر شعوب الارض إنفاقاً على السياحة الخارجية، وهذا الأمر يطرح عدة تساؤلات عن أهمية التركيز على الترويج السياحي في بلد يمثل شعبه ما يقرب من مليار وسبعمائة نسمة.

هناك جالية كبيرة صينية تعيش وتعمل في الإمارات واستقطاب الصينين لزيارة الإمارات هدف استراتيجي مهم لكافة مؤسساتنا المعنية بالسياحة، ويجب على الجهات المعنية دراسة احتياجات الشعب الصيني والسعي لتوفيرها.

في حديث ودي مع أحد الأصدقاء البريطانيين قال لي: إن ابنه يتعلم اللغة الصينية كلغة ثانية حيث تدل كل المؤشرات على أن اللغة الصينية هي المنافس الأقوى للغة الأعمال وهي اللغة الانجليزية.

اهتمت دولة الإمارات مبكراً بتعليم أبنائنا وبناتنا اللغة الصينية إدراكاً منها لأهمية هذه اللغة في المستقبل القريب المنظور، والعكس صحيح فإن الصينيين يسعون لتعلم اللغة العربية إيماناً منهم بأهميتها وجمالياتها.

زرنا مؤخراً مركز الشيخ زايد بن سلطان لدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية في جامعة بكين، وهو صرح ثقافي مهم، سمي باسم رجل عظيم أدرك مبكراً أهمية تعزيز العلاقات الإماراتية الصينية، والعشرات من السفراء والدبلوماسيين الصينيين العاملين في المنطقة هم من خريجي مركز الشيخ زايد لتعلم اللغة العربية، ويكنون محبة خاصة للإمارات.

إطلاق صندوق استثماري بقيمة 10 مليار دولار بين حكومة أبوظبي والصين هو خطوة مهمة جداً في تعزير العلاقة التجارية بين البلدين وتخدم سياسة الامارات في تنويع مصادر الدخل والاستثمار بعيد المدى.

وضع الشيخ زايد- رحمه الله - ركائز هذه العلاقة المميزة مع الصين، وسار على نهجه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ومن أجل مصلحة الامارات نتجه شرقاً.