الأحد 31 يناير 2016 / 19:54

الخلوة الوزارية .. هكذا تدار الأمور

وقفة متأنية عند كتاب "رؤيتي" لسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، كفيلة بأن توضح للقارئ كيف تدار الأمور، وكيف تقاد الأمم، وكيف يصنع النجاح. الخلوة الوزارية التي عقدت على مدار يومين، هي ترجمة عملية لفكر إداري ناجح، وتجربة أنموذج في حقل الإدارة، ونظرية نهضوية عربية المنشأ، وعلامة جودة إماراتية تحمل دلالة لا تخفى على العقلية الإماراتية التي تقرأ بابتكار، وتبتكر بإلهام.

لفترة طويلة من الزمن، وربما إلى لحظتنا الراهنة، يعتبر البعض التجربة الغربية في الإدارة أنموذجاً، والكتاب الغربي في الإدارة مادة قيمة، والمحاضر الغربي في فن الإدارة مرجعاً، والجامعة الغربية في الإدارة شهادة معتبرة، خلاف ذلك هو الفراغ العربي. ولا منجز للعرب في علم الإدارة.

فكرة الخلوة الوزارية وتطبيقها، على مستوى النظرية والممارسة، وعلى صعيد الأثر والنتيجة، تثبت عكس ذلك، وتقدم منجزاً على أرض الواقع، حري بأن يُدْرَسَ ويدرَّس، ويُطبَّق ويُعمَّق، ليكون نفعه ممتد الأثر قوي التأثير.

تمثل التجربة الإماراتية في التنمية عموماً، وفي هذه الخلوة كممارسة خصوصاً، أنموذجاً فريداً ينطلق من الإنسان وينتهي به، يبنيه ويعلي شأنه، يستثمر فيه ويطوره، يغليه ويقدره، ولهذا نجحت. ليس أدل على نجاحها من التتبع الملهوف لكافة أطياف المجتمع لها ولنتائجها وحتى لصورها، فمنذ دورتها الأولى إلى يومنا هذا تتلمس الخلوة احتياجات المجتمع وتطلعاته، وتستشرف مستقبله وآماله.

ففي الوقت الذي لا تملك فيه بعض الدول سوى تصويب الأعين إلى مؤشر أسعار النفط، تراقبه بخوف وترقب، فإن الإماراتي يرنو ببصره لاقتصاد ما بعد النفط، ترجمة لرؤية القيادة التي استبقت تقلب أسعار النفط بتصريح نافذ البصيرة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إبان القمة الحكومية حين صرح قائلا: "سنحتفل بتصدير آخر برميل نفط".

كما أن هذه الخلوة الوزارية في الوقت نفسه إعلاء لقيمة الروح الإنسانية، وإنسانية العلاقة بين زملاء العمل ورؤساء المهنة، فالمسؤول ممارس للتخطيط والتنفيذ، وحضور سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وسمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان جنبا إلى جنب مع الوزراء والقادة، هي رسالة بأن اليد باليد، والبيت متوحد.

لقد كانت الخلوة الوزارية مثار حديث، ومحط أنظار، وملء أسماع المجتمع الإماراتي، وكانت كذلك مهوى أفئدة العرب وطيف أحلامهم. وكما تحققت الأولى لأهل الإمارات بفضل الله وبحمده على نعمة قيادة الرشد والحكمة، فنأمل أن تتحقق لأمة العرب الأحلام، وتجد القلوب هواها.