الأحد 7 فبراير 2016 / 10:43

هل تغامر السعودية؟

فهد الخيطان - الغد الأردنية

لم تكن تصريحات المستشار العسكري في وزارة الدفاع السعودية قبل أيام عن استعداد بلاده لإرسال قوات برية لمحاربة "داعش" في سوريا، كلاماً في الهواء. فقد نقلت محطة "سي إن إن" العربية أمس عن مصادر سعودية قولها إن الاستعدادات تجري لإرسال نحو 150 ألف جندي معظمهم سعوديون إلى سوريا عبر تركيا لخوض مواجهة برية مع مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي. وحسب نفس المصادر ستشارك قوات من دول عربية وإسلامية في تلك المواجهة.

روسيا كانت اتهمت تركيا بالتحضير لتدخل بري في سورية، ولم تشر لدور سعودي. واشنطن وعلى لسان الرئيس الأمريكي باراك أوباما رحبت بالمقترح السعودي. قادة حلف الناتو وعدوا بدراسة المشروع السعودي في اجتماع الحلف المقبل. إيران شككت بشجاعة السعودية، ووصفت الخطوة في حال حدوثها بالانتحار.

بعد تدخلها العسكري الواسع والمفاجئ في اليمن، لم يعد المراقبون يستبعدون اتخاذ السعودية نفس المنحى في سوريا.

لكن الوضع في سوريا مختلف تماماً عن اليمن، والتدخل العسكري وحتى وإن كان مبرره محاربة "داعش" في سورية، فهو يعني أيضاً مواجهة مفتوحة مع إيران وروسيا والجيش السوري، وحزب الله.

بمعنى آخر الانتقال من مرحلة الحرب بالوكالة مع إيران إلى الحرب المباشرة. وفي ضوء التسريبات عن حجم وعديد القوات المرشحة للمشاركة في العملية، يبدو جلياً أن الهدف من التدخل يتعدى القضاء على"داعش"، وصولاً إلى فرض توازن جديد لميزان القوى ميدانياً لصالح قوات المعارضة المحسوبة على الرياض.

هل تسمح روسيا التي نجحت قواتها بعد جهد كبير في تسجيل تقدم غير مشهود للنظام من قبل على الجبهات الرئيسية، بتدخل عسكري سعودي بهذا الحجم، يقوض خططها الاستراتيجية في سوريا؟

هل تغامر السعودية بمواجهة عسكرية مع دولة عظمى بوزن روسيا، وصدام مباشر مع حلفاء إيران، بل إيران نفسها في ميدان سوري يعج بالمليشيات والجماعات المتناحرة؟

بعد فشل جولة المباحثات الأولى في جنيف بين وفدي المعارضة السورية والنظام، مالت كل الأطراف إلى التصعيد العسكري. المقاتلات الروسية شنت أعنف هجوم في حلب، وفرضت بقصفها المكثف واقعاً ميدانياً جديداً في الشمال، تواكب مع دعم جوي لقوات النظام في ريف درعا أسفر عن استعادة بلدات استراتيجية في الجنوب.

تركيا تبدو مشلولة تماماً في الشمال، وعاجزة عن إسعاف القوى الحليفة لها، ناهيك عن انشغالها بالتحدي الكردي؛ داخلياً وخارجياً.

أما الولايات المتحدة، فيبدو من تصريحات الرئيس أوباما المرحبة بالتدخل السعودي عدم نيتها المجازفة عسكرياً في سوريا، والاكتفاء بالضربات الجوية لشل قدرات "داعش"، تاركة المسرح للروس لفرض وقائع جديدة ربما تساهم آجلا أم عاجلا في دفع الجميع إلى طاولة المفاوضات كخيار لابديل منه.

المقاربة هذه برمتها لم تكن تعجب السعودية، وتأكد لقيادتها بعد جولة جنيف الفاشلة عدم جدواها. ومثلما فعلت كل الأطراف لتبرير تدخلها العسكري في سوريا، تنوي السعودية تبني حجة مكافحة الإرهاب عنواناً لخططها المقبلة في سوريا.

رغم المعلومات المتواترة عن التوجه السعودي الجديد، إلا ان السؤال الكبير يظل مطروحاً: هل تقدم السعودية حقاً على هكذا مغامرة؟