الإثنين 8 فبراير 2016 / 23:31

لدحر داعش: قوات برية... وحملات فكرية

الالتزام الكبير الذي بذلته دولة الإمارات في تحالفات القضاء على الإرهاب، هو التزام مبدئي، لا يتجزأ، لذلك فمن الطبيعي أن تكون الإمارات هي المرحب الأول بأي خطوة تساهم في القضاء على داء الإرهاب العضال، وتقليل فرص انتشاره، ومن هذا كان التصريح الذي تناقلته وسائل الإعلام بالأمس عن موقف الإمارات " الثابت لدعم القوات التي تحارب داعش" معقبًا "لا أتحدث عن آلاف القوات .. أتحدث عن قوات تقدم الدعم للقوات التي تقاتل على الأرض إن رأى التحالف على أن تلعب الولايات المتحدة دورا قياديا في ذلك".

لقد أثبتت التجربة، أن تكامل الجهود على أرض يحقق فرصًا عالية في تفتيت الكتلة الصلبة التي يرتكز عليها التنظيم الإرهابي، وينتهي من الامتياز الذي ظل يحققه على الأرض باعتباره العنصر الفاعل الوحيد، وأن الهجمات الجوية وحدها، لا تستصحب النظريات التي ظل يتجاوزها التنظيم الإرهابي.

لقد عملت نظرية المطرقة والسندان التي تقودها قوات التحالف على وقف تمدد داعش، ولكنها بفعل عدم وجود قوات أليفة وحليفة للسكان، فإنّ داعش تستفيد من التردد والمخاوف، وتعتمد على الانتشار على الأرض، ولكن وجود قوات برية سيفقدها الامتياز، ويعيد ترتيب المجتمع، وضمن اللجان التي تعمل الآن في التحالف الدولي، لجنة لتقدير هذه الرؤى، حول ضرورة معالجة العوامل النفسية، ودراسة أبعادها، في اتخاذ خطوات.

هذه النظرة التي طرحت بالأمس، لم تكن جديدة، وإنما طرحها قبل سنة تقريبًا، وزير الحرس الأمير متعب بن عبدالله في واشنطن، وعبر عنها توني بلير، وغيره، وأثبتت نجاعتها، في تجارب سابقة، وهنا يجب الانتباه لضرورة أخذ العوامل الاجتماعية بالاعتبار، فقد ذكر خير الدين الحسيب قبل سنة، مقترحًا شبيهًا، ولكن تركيبه يركز على ضرورة أن تكون قوات من المنطقة المحايدة، ومن جنسيات منتقاة، وهو ما يتم تدارسه هذه الأيام.

لقد امتازت الإمارات بنظرة متكاملة في حربها ضد الإرهاب، سواء الداعشي أو غيره، وهي مبنية على مرتكزات تصون الإنسان وحقه في العيش، وتحفظ قداسة الدين من رجس الذين يحاولون استغلاله لتحقيق أهدافهم، وهذه النظرة التي تجعل مكافحة داعش وإرهابها، جوًا وبحرًا، أمرًا واجبًا ومقدسًا، ترعى باهتمام كبير الجانب الفكري والسياسي، الذي يوفر الحواضن لهذا الفكر.

من المهم استيعاب جوانب المشروع الإماراتي المتكامل لمحاربة الغلو والتطرف والإرهاب، وذلك بالانتباه لمبادرات تعزيز التسامح، والعناية بها، وتقديمها في سياقها الذي يفتت الرأي الواحد، ويعتبر احترام الجميع واجبًا لازمًا.

إن التضحيات الغالية التي تبذلها بلادنا لضمان استقرار المنطقة، في هذه المرحلة ستنعكس على تاريخنا كله، فعلينا أن نعلم أننا نقدم هذه الدماء لشراء مستقبل أطفالنا، ولحماية ديننا وأوطاننا، وأن كل التضحيات الغالية التي نبذلها، سيسجلها التاريخ بأحرف من نور، وعلينا كمثقفين وكتاب، أن نواكب هذه المحطات، ببذل المزيد من الجهود الفكرية لدحر الفكر الظلامي، وتجفيف منابع التعصب، وتعزيز التسامح الذي تقوم عليه الحضارة التي تمثلنا.