أفغان يجمعون زهرة الأفيون المخدرة(أرشيف)
أفغان يجمعون زهرة الأفيون المخدرة(أرشيف)
الأربعاء 10 فبراير 2016 / 18:49

تقرير: المخدرات وأموال داعش والقاعدة وحزب الله وبارونات الإرهاب

كشف تقرير أعدته صحيفة لاستامبا الإيطالية، عن مدى ارتباط الجريمة المنظمة، خاصةً تهريب المخدرات، بالإرهاب والتطرف الإسلامي في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالاستفادة من حركة الشحن في البحر الأبيض المتوسط التي تُشكل نقطة الضعف المفزعة حسب الخبراء الدوليين، في ظل غياب المراقبة المشددة على حركة السفن فيه.

ونقلت الصحيفة الإيطالية عن مركز تحليل العمليات البحرية في لشبونة، أن الإرهاب في المنطقة نجح في تحديد نقطة الضعف في مجال الرقابة على حركة الشحن البحري، ليحول البحر الأبيض المتوسط إلى مرتع خاص به يُهرّب عن طريقه ما يُعادل مليارات الدولارات من المخدرات، التي تضمن له مداخيل خيالية.

سفن شحن
وقالت الصحيفة إن تنظيم داعش، أبرز التنظيمات الإرهابية المستفيدة من حركة تهريب وتجارة المخدرات عبر العالم، خاصةً في ليبيا، ذلك أنه في الوقت الذي تُركز فيه الأنظار، ومجهودات الرقابة على التصدي للهجرة غير الشرعية وتدفق اللاجئين عبرالمتوسط، يعمل داعش في صمت على دعم موارده المالية بالاعتماد على المخدرات وذلك حسب معطيات أكدتها مراكز تحليل حركة سفن الشحن في المتوسط في لشبونة البرتغالية.

وأكدت الصحيفة أن عشرات السفن التي تعبر المتوسط، تنقل إلى جانب حمولته التجارية الشرعية في أكثرالأحيان حمولات ومواد ممنوعة، وأشارت الصحيفة في هذا السياق إلى قلق متنامٍ بين أجهزة الأمن الأوروبية من ارتفاع وتير حركة الشحن في هذا التوقيت بين أوروبا وموانئ سورية، وتركية، وليبية، ولبنانية كثيرة، بشكل مثيرٍ للإنتباه.

ففي يناير(كانون الثاني) وحده سجلت الموانئ الأوروبية 540 حركة رسو لبواخر وسفن، إما قادمة من هذه الدول أو مرت بموانئها، وقبل أسابيع قليلة، أبحرت باخرة من ميناء غولشوك التركي، نحو ميناء بوزالو في صقلية، ولكن في الأثناء اختتف عن رادارات المراقبة، بعد اقترابها من ميناء مسراطة الليبي، أين انطفأ جهاز رصدها ومتابعتها عبر الأقمارالصناعية ساعات طويلة، قبل أن يعود إلى العمل بشكل مفاجئ.

ولا تُعد هذه السفينة حالة استثنائية حسب الصحيفة نقلاً عن المركز البرتغالي، بعد تواتر اختفاء السفن، وانطفاء أجهزة الرصد والمتابعة، في أكثر من نقطة في غرب المتوسط بين ليبيا وتونس والجزائر.

مرتع الصحراء الكبرى
وإذا كان النقل البحري أهم طرق التهريب التي تعتمدها المنظمات الإرهابية لتأمين شحنات المخدرات، فإن الطرق البرية، تظل الخيار المفضل لديها، حسب الصحيفة، نقلاً عن الاستخبارات العسكرية الأمريكية التي تعتبر الصحراء الكبرى في شمال أفريقيا، النقطة السوداء الأخطر على طريق شبكات تهريب المخدرات.

وأوضحت التقارير الصادرة عن المخابرات الأمريكية، أن غرب أفريقيا، أصبح الوجهة المفضلة للتهريب ولتجارة المخدرات، حول قطبين كبيرين في المنطقة بفضل غياب أو ضآلة الرقابة الأمنية.

ويدور المحور الأول حول خليج غينيا، في حين يتمركز الثاني حول منطقة خليج بنين، لتأمين تدفق المخدرات القادمة من القارة الأمريكية عبر المحيط الأطلسي، ومن هناك، تنطلق المخدرات شمالاً عبر الصحراء الكبرى بفضل شبكات ضخمة موالية لبوكو حرام في نيجيريا والقاعدة في المغرب الإسلامي في مالي وموريتانيا، أخيراً ليبيا عبر أنصار الشريعة، وتتولي هذه الحركات تأمين وصول المخدرات إلى السوق الأوروبية التي تُمثل 150 طناَ بقيمة مالية تُعادل 40 مليار دولار.

مليارات الإرهاب
ولكن مُثل عالم الجريمة والتهريب والإرهاب لا يكتمل إلا بالحديث عن أفغانستان، التي تعد من كبار منتجي الأفيون في العالم، ورغم تراجع الإنتاج الوطني من المادة المخدرة في 2015، حسب الأمم المتحدة إلى 3 آلاف طن فقط، إلاّ أن ذلك لا يعني تراجع عائدات هذا القطاع الحيوي في تمويل الإرهاب، فتحويل هذه الكمية من الأفيون إلى هيروين يعني بضاعة ممنوعة تبلغ قيمتها في السوق الممتدة بين منطقة الأورال في روسيا وحدود أوروبا الغربية في ألمانيا، 35 مليار دولار.

وأوضحت لاستامبا، أن أبرز المستفيدين من حركة تهريب المخدرات من أفغانستان، حركة طالبان وشبكة حقاني، ثم القاعدة، أما في دول العبور، فأبرز المستفيدين على التوالي، داعش في سوريا والعراق، وحزب الله في لبنان، وصولاً إلى القرن الأفريقي، حيث يُسيطر تنظيم الشباب في الصومال على هذه التجارة.

وتؤكد الاستخبارات الروسية أن نصيب داعش مثلاً من الضرائب والمكوس المختلفة التي يفرضها على تجارة الهيروين في الأراضي الخاضعة لسيطرته تبلغ 1 مليار دولار سنوياً على الأقل.

استهداف السعودية
ولإدراكها أهمية المخدرات على الصعيدين المالي والاجتماعي، وضعت الحركات الإرهابية حسب الصحيفة يدها في السنوات القليلة الماضية، على صناعة وتجارة الأقراص المخدرات خاصةً الامفيتامينات، التي كانت حتى سنوات قليلة خلت، اختصاصاً هولندياً وبلغارياً، لتصبح أحد أبرز الاختصاصات في الشرق الأوسط، وبدرجة أولى في تركيا ثم سوريا والعراق، مع تركيز خاص على السعودية ومحاولة إغراقها بهذه المواد الخطيرة، كما تعكسه الأرقام الرسمية السعودية التي تؤكد مصادرة المملكة لأكبر جزء من الإنتاج العالمي لهذه الأقراص في العالم، الذي يُقول خبراء إنه في حدود 10 أطنان سنوياً.

وإلى جانب هذه الحركات، يُهيمن حزب الله اللبناني حسب الصحيفة على إنتاج وحركة تجارة القنب الهندي في البقاع اللبناني، المنطقة الحدودية بين سوريا ولبنان، في إطار احتكاره لتجارة وتهريب هذه المواد في اتجاه دول الخليج وأوروبا.

شيوعيون فوضويون وإسلاميون
وبعد أن كانت هذه الممارسة من أكثر الطرق المعتمدة لدى حركات الإرهاب العالمية في السابق، من ايتا الإسبانية، إلى اي ار ايه، في إيرلندا، ونمور التاميل في سريلانكا، أو الحركة الثورية في كولومبيا، والدرب المضيء في بيرو، التحقت الحركات الإرهابية الإسلامية بسابقاتها من الحركات الشيوعية والفوضوية والطوباوية التي اعتمدت الإرهاب وسيلةً إثراء ووجود، ولكن مع تغيير مسحة بسيطة على الممارسة والخطاب، والاحتفاظ بنفس الأساليب والأهداف، توفير التدفق المالي لخدمة المشروع الإجرامي.

ومن العراق وسوريا إلى ليبيا، ومن الصومال إلى أفغانستان، ومن لبنان إلى الفلبين وبنغلاديش ومن نيجيريا إلى مالي، تمتد شبكة الإرهاب ومعه شبكات الجريمة المنظمة وشبكة المخدرات.

(اضغط على الصورة للتكبير)