الجمعة 12 فبراير 2016 / 18:46

مجرمو العراق وجرائمهم المنسية

منذ بداية 2005 وإلى اللحظة الراهنة دفعت إيران الأوضاع في العراق نحو حرب طائفية دموية غير مسبوقة نجحت فيها ومن خلال "الاستثمار" بتنظيم القاعدة الذي كانت تموله وتحركه بصورة غير مباشرة على تأجيج المشاعر الطائفية لدي الشارع الشيعي، ونجحت في تحويل كل من هو سني هدفاً للمليشيات التابعة لها، وكلنا يذكر عمليات القتل الجماعي وعمليات التعذيب النازية التي مارسها وزير الداخلية وقتذاك جبر باقر صولاغ "من أصول غير معروفة"، حيث كان لهذا الرجل الذي يشغل الآن منصب وزير النقل بصمات إجرامية يصعب نسيانها ومنها:

• جريمة معتقل ملجأ الجادرية السري الذي كانت ميليشيات صولاغ في وزارة الداخلية تقوم باعتقال السنة وتعذيبهم فيه، حيث وجدت عشرات الجثث لأشخاص تم اختطافهم إما من وزارات حكومية أو من بيوتهم أو من الشوارع في مدينة بغداد، وكانت آثار التعذيب البشعة ظاهرة على أجسادهم، ومنها التعذيب بثقب الجسم والأطراف بـ "الدريل" حتى إنه إلى الآن يلقب "صولاغ ابو الدريل".

• مذابح المستشفيات ومذبحة وزارة التعليم العالي، حيث داهم وقتها مسلحون يرتدي بعضهم زي قوات المغاوير (قوات وزارة الداخلية) واختطفوا أكثر من مئة وخمسين موظفاً عراقياً سنياً عثر فيما بعد على جثثهم ممزقة بالرصاص، بعضها رمي في مكاب النفايات وبعضها دفن في مقابر جماعية والبعض الآخر رمي في النهر .

• في عهده وبتواطؤ منه حدث تفجير سامراء الأول مرقد "الإمامين" والذي فتح الباب على مصراعيه للجنون الطائفي ضد السنة بحجة أن القاعدة من قام بهذا العمل، غير أنه وبمجرد مضي أيام قليلة انكشف تواطؤ رجال الأمن التابعين لصولاغ الذين كانوا يتولون حراسة المقام وحمايته في تسهيل مهام المخربين الذين قاموا بالتفجير .

• قبيل رحيله من وزارة الداخلية كُشف وبالوثائق عن جريمته في إدخال المليشيات الشيعية لقوات الأمن والمغاوير وبخاصة ميليشيا بدر التي كان يقودها الإرهابي المعروف هادي العامري الذي يقود الآن ميليشيات الحشد الشعبي .

في ذلك الوقت كان العالم كله مثلما هو الآن يركز على جرائم القاعدة "المصنعة" في طهران وفي أقبية المخابرات الإيرانية، ويتجاهل تماماً ما يجرى للسنة وبخاصة في بغداد التي تعرضت إلى تطهير على أساس طائفي ألغى هوية بغداد التاريخية الجامعة، وطرد السنة من أغلبية الأحياء التي كانوا يقطونها عبر عقود طويلة في الكرخ وبعض مناطق الرصافة، وأصبح السنة في عاصمتهم التاريخية أقلية، تماماً كما هو وضع القدس المحتلة التي أصبح سكانها الأصليون أقلية والمحتلون من الإسرائيليين هم الأكثرية.

بعد حكومة الجعفري واصل نوري المالكي الذي ترأس الحكومة العراقية عمليات التطهير والاضطهاد الطائفي للسنة العرب، وبوتيرة أكثر دموية وبجرأة ووضوح وبمبررات طائفية "يمكن مراجعة خطاباته الطائفية الموجودة على يوتيوب"، ومنها وصفه الشهير لخصومه بأنهم أنصار يزيد ووصفه أنصاره بأنهم أنصار الحسين .

كانت حصيلة حكومات المالكي في الأعمال الإرهابية والفساد أثقل مما يتصوره العقل، ففي عهده تحول العراق إلى دولة فاشلة بامتياز ومفلسة وعاجزة أمنياً، ترك الحكم ولم يترك في خزينة الدولة العراقية ما يكفي لدفع رواتب الموظفين، وها هي الآن الحكومة الحالية تعاني من الإفلاس التام، وتبحث عن مصادر لسد العجز في الموازنة، هذا عدا عن قيامه بإنشاء ميليشيات الحشد الشعبي التي تحولت مهامها من مواجهة داعش إلى التنكيل في السنة في ديالى ومدن محافظة صلاح الدين وأطراف الموصل بالإضافة لمدن محافظة الانبار وتغيير التركيبة الديمغرافية في بعضها، وذلك حسب بيان القوى السياسية السنية في الخامس والعشرين من الشهر الماضي والذي طالبت فيه الأمم المتحدة بتوفير الحماية للسنة في مدنهم وقراهم ضد ممارسات المليشيات الشيعية.

كنت قد كتبت في هذه الزاوية في تاريخ 12 يونيو الماضي وتحت عنوان "لماذا لا تعاقب ميليشيات النظام العراقي؟" طالبت فيه بضرورة التحرك القانوني من قبل الجامعة العربية ونقابات المحامين في العالم العربي ومنظمات حقوق الإنسان من أجل محاكمة رموز الإرهاب في العراق، وعلى رأسهم نوري المالكي وغيره من أمثال صولاغ والعامري والذين يتحركون بكل حرية في عدد من العواصم والمدن العربية والعالمية .

الحرب مع إيران يجب أن تطال هذه الزاوية المظلمة والمهمة في الوقت ذاته، وذلك لحماية عروبة العراق من جهة ولهزيمة مشروع التطهير الطائفي الإيراني فيه من جهة أخرى.