"حزبلة" دول الخليج هدف الحزب اللبناني الأول والأخير(تعبيرية)
"حزبلة" دول الخليج هدف الحزب اللبناني الأول والأخير(تعبيرية)
الأربعاء 23 مارس 2016 / 17:39

وثيقة أمريكية: خطر حزب الله على دول الخليج والعراق واليمن

24 - رواد سليمان

عقدت اللجنة الفرعية الخاصة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، المنبثقة عن لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، أمس الثلاثاء، جلسة استماع خصصتها لنظر في "التهديدات المتنامية لحزب الله على المصالح الأمنية القومية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط"، وفيها كشف أحد أبرز الباحثين من مركز واشنطن لسياسات الشرق الأوسط، والمدير السابق في برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب، الدكتور ماثيو ليفيت، الخطر الإرهابي لحزب الله على دول المنطقة.

وفي حديثه عن حزب الله اللبناني وما يُشلكه من مخاطر أمنية واجتماعية وسياسية على المنطقة العربية ومن ورائها كامل منطقة الشرق الأوسط والعالم، يُبرز الباحث التهديد الذي يُشكله الحزب بسبب تمدده وشبكاته الدولية والإقليمية على أمن عدد كبير من الدول، وفي مقدمتها دول الخليج العربي، خاصة بعد قرار مجلس التعاون ثم الجامعة العربية بإعلان حزب الله منظمة إرهابية، التي شكلت حسب الباحث تحولاً سياسياً حاسماً على الساحة الإقليمية، وهو الجزء الذي نعرضه اليوم قبل التعرض إلى شبكة حزب الله الدولية وامتداداتها في جزء ثان من التقرير المطوّل.

خلفيات
يؤكد الباحث الأمريكي أن قرار دول الخليج لم يكن وليد صدفة، أو قراراً متسرّعاً، أو كما أراد الحزب ومعه إيران، تصويره في إطار "مؤامرة على المقاومة" وعلى المشروع القومي في لبنان، ذلك أن القرار الخليجي ثم العربي، حسب الباحث، يعود إلى ثلاث سنوات على الأقل، ولكن دول الخليج التي كانت تسعى على امتداد الفترة الماضية إلى "إعادة إيران" إلى طريق الصواب، وإقناعها باعتماد سياسة جوار جديدة في تعاملها مع دول المنطقة، أدركت أن تورط الحزب في سوريا عسكريا ومخابراتياً، أولاً ثم في الجوار الخليجي، في اليمن بشكل متنامٍ وعلني، أجبر دول الخليج على إعلان قرارها رسمياً، لتكون الخطوات المتلاحقة التي اتخذتها أو ستتخذها متناسبةً مع الوضع القانوني الجديد للحزب في منطقة الخليج.

تصينف خليجي
ويكد الباحث أن "سوريا ليست منطقة التوتر الوحيدة التي يعمل فيها حزب الله بالتنسيق مع إيران، ذلك أن جهودهما امتدت إلى دول ومناطق أخرى محيطة مثل اليمن، بعد تعمد الحزب إرسال مسلحين وخبراء تدريب وتخطيط لدعم الحوثيين في حربهم ضد التحالف العربي، بمباركة إيرانية صريحة"، الأمر الذي أفضى بدول الخليج إلى إعلان موقفها الرسمي من الحزب اللبناني، وهو الموقف الذي بدأت ملامحه في التشكل منذ يونيو(حزيران) 2013، بعد "القناعة التي توصلت إليها قيادات الدول الخليجية، بأن حزب الله منظمة إرهابية" رغم تأجيل الأمر في انتظار ما ستفضي إليه المفاوضات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران حول البرنامج النووي الإيراني، ورغبة من دول الخليج في تفادي التأثير على المفاوضات وعلى نتائجها المحتملة.

وإذا كان إعلان دول الخليج حزب الله رسمياً تنظيماً إرهابياً محظوراً فيها، فإن لدول الخليج قصة طويلة مع إرهاب الحزب اللبناني، قصة كما يقول الباحث لم تبدأ بالطبع مع إعلان السعودية، إلغاء قرارها دعم لبنان بـ3 مليارات دولارات من المساعدات العسكرية.

حزب الله على ضفاف الخليج
وبحسب الباحث الأمريكي، لم ينتظر الحزب طويلاً بعد تأسيسه في بداية الثمانينات، ليُعمل مخالبه في مختلف دول الخليج، وكانت الكويت من أول الدول التي تعرضت لضربات الحزب اللبناني بعد فترة قصيرة فقط من تأسيسه.

ففي ديسمبر(كانون الأول)  1983، تعرضت الكويت إلى هجمة كبيرة من التفجيرات المنسقة، بعد استهداف ما لا يقل عن 7 مؤسسات نفطية وسيادية وسفارات أجنبية ومحطة كهرباء، وسريعاً ما تبين أن حزب الله اللبناني وحزب الدعوة العراقي، اشتركا في العملية التي خلفت 6 قتلى، بعد اكتشاف ما يُسمى جماعة الـ17 التي خططت ونفذت الهجوم الدامي، بمن فيهم القيادي الخطير في الجهاز السري للحزب، مصطفى بدرالدين، صهر القيادي الآخر في الحزب عماد مغنية، والذي أشرف على الجهاز الإرهابي الخاص بالحزب لاحقاً، الأمر الذي شكل بداية لظهور الحزب على ضفاف شواطئ الخليج.

وفي 1986 بدأت الحكومة البحرينية بإسقاط حزب الله البحريني، وبعد سنة واحدة من ذلك التاريخ، قبضت السلطات البحرينية على 52 متورطاً في دعم هذا الحزب، الذي كان أول فرع رسمي لحزب الله اللبناني في الخليج، لتنطلق بذلك رحلة طويلة خاضتها أجهزة الأمن الخليجية، ضد حزب الله مباشرة ووكلائه في المنطقة.

وفي 1997، كشفت السلطات الكويتية النقاب عن حزب الله الخليج، الذي يضم خلايا في كامل المنطقة، لتكشف بذلك حجم التطور السياسي والتنظيمي الذي عرفه الحزب في السنوات الماضية في دول الخليج، وذلك بعد اعتقالها شبكة تضم بحرينيين وعراقيين في الكويت، تخطط لشكيل خلايا فيها بتمويل سوري وإيراني وبإشراف مباشر من الاستخبارات الإيرانية.

حزبلة الخليج
ويكشف الباحث الذي ابتدع بالمناسبة مصطلح "حزبلة" دول الخليج في السنوات الماضية للتعريف باستراتيجيته، أن الحزب اللبناني لم يكف يوماً، عن محاولة التغلغل، والتمدد في دول الخليج، وفي مايو(أيار) 1987، أعلن حزب الله السعودية عن نفسه رسمياً، ثم قدم نفسه بشكل دموي بعد 10 أشهر، بتفجير منشأة صدفة البتروكيميائية في الجبيل السعودية، ثم باغتيال الدبلوماسي السعودي، السكرتير الثاني في السفارة السعودية، في تركيا عبد الغني بدوي، ثم محاولة اغتيال نظيره في سفارة السعودية كراتشي في باكستان أحمد العامري الذي أفلت من الكمين ولكنه تعرض إلى إصابات خطيرة، وفي 1989، اغتال الحزب السكرتير الثالث في السفارة السعودية في تايلاند، أمام منزله.

أما أشهر عمليات الحزب ضد السعودية فهي بلا شك الهجوم على أبراج الخبر في السعودية في 1996، الذي تسبب في مصرع 19 أمريكياً، إلى جانب عدد غير مُحدّد من السعوديين

من العراق إلى اليمن
من الخليج إلى سوريا، وصولاً إلى العراق، الذي يُشكل إلى جانب اليمن ما يُشبه الخاصرة الرخوة لدول الخليج، الذي عرف منذ الحرب الأمريكية وغزو بغداد، تنامياً مثيراً لحزب الله بدعم مالي وعسكري مباشر من طهران، بعد تشكيل وحدة سرية باسم الوحدة 3800، لتجنيد الطيف الشيعي الموالي لإيران من جهة وتشكيل فرق وميليشيات عسكرية يقوم حزب الله اللبناني بتدريبها وإمدادها عسكرياً تحت إشراف خبراء إيرانيين من الحرس الثوري.

واستمر الحضور العسكري والمخابراتي لحزب الله في العراق، بين تأكيد ونفي حتى إعلان زعيم حزب الله حسن نصرالله شخصياً، حضور وحدات مقاتلة في العراق، خلال كلمة له في مارس(آذار) الماضي، والذي قدمه تحت غطاء "الالتزام بالواجب القومي العربي، والأخلاقي والأنساني بدعم العراق".

تمويل
ولكن الحضور في العراق يتجاوز هذه الأبعاد الأخلاقية بشكل كبير حسب الباحث، استناداً إلى معلومات وزارة المالية الأمريكية، إلى البعد المالي، بإقامة تجمع تجاري لدعم عملياته العسكرية والسياسية في العراق، برئاسة أحد كبار المستثمرين العقاريين اللبنانيين من أعضاء الحزب، أدهم طباجة، مالك أغلبية أسهم مجموعة الإنماء، بالاشتراك مع شخصيات مقربة من حزب الله، مثل قاسم حجيج وحسين علي فاعور، وهذا الأخير عضو في الشبكة الدولية الإرهابية التابعة لحزب الله.

خليل حرب في اليمن
وإلى جانب العراق، كان التدخل في اليمن، قديماً قدم التمرد الحوثي نفسه، ويُشير الباحث الأمريكي إلى أن الحزب زاد من حضوره في اليمن بعد احتلال الحوثيين العاصمة اليمنية صنعاء، فأرسل عدداً من العسكريين لتدريب الحوثيين والقتال في بعض الأحيان، بقيادة خليل حرب، أحد القياديين السابقين في جهاز العمليات الخاصة للحزب، وأحد أهم المستشارين المقربين من زعيم الحزب شخصياً، حسن نصرالله.

ويُشرف حرب في اليمن على العمليات العسكرية، وعلى نقل الأموال وتهريبها إلى الحوثيين، وكذلك على نقل تعليمات القيادات العسكرية الإيرانية إلى الحليف اليمني، في ظل الرحلات الكثيرة التي يقوم بها المسؤول العسكري اللبناني إلى طهران، لتنسيق المواقف بين حزب الله والحرس الثوري في اليمن، ما يكشف الأهمية التي يوليها الحزب إلى اليمن لتنفيذ استراتيجيته في المنطقة.

ويكشف هذا التركيز على اليمن، قرار الحزب في منتصف 2015، إرسال القيادي العسكري البارز في صفوفه أبوعلي الطبطبائي، للإشراف على تطوير القدرات العسكرية للحوثيين في اليمن، ما يعكس كل الإصرار والتمسك باليمن من قبل إيران وحزب الله بضمان مساحة تحرك واسعة لهما في اليمن، تفادياً لأي تطورات عسكرية محتملة.