الأربعاء 30 مارس 2016 / 17:33

تأهب في الأمم المتحدة تحسباً لانتخاب.. ترامب

تطرق كولوم لينش في مجلة فورين بوليسي الأمريكية إلى تيقظ ديبلوماسيي الأمم المتحدة لجهة احتمال وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فسارعوا في إنجاز اتفاقات تتعلّق بالهجرة وبعملية السلام في الشرق الأوسط، قبل أن تنتهي ولاية باراك اوباما في يناير(كانون الثاني) من السنة المقبلة. ومع أنّ العديد من هؤلاء يعتقدون بأرجحية وصول كلينتون الى رئاسة الجمهورية، إلا أن ما يجري في أمريكا هو "واحد من أكثر السباقات الرئاسية التي لا يمكن توقع نتائجها".

وتملك إدارة أوباما بحسب لينش، عدداً من الفرص المتبقية كي تترك بصمتها داخل المنظمة، من بينها تأدية دورها القيادي في اختيار خلف لبان كي مون الذي تنتهي مدة ولايته في آخر ديسمبر(كانون الأول) المقبل

"في سنة 2016 ، يجب أن ننفذ كل ما نستطيعه... لأننا نعرف ما نتعامل معه"، قالها ديبلوماسي رفيع المستوى في الأمم المتحدة يؤيد تحركاً لمجلس الأمن في الأشهر القادمة من أجل إصدار قرار يتعلق بالصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، إذ "مع إدارة أوباما، هناك أكثر إدارة حليفة للأمم المتحدة يمكن لأي منا أن يتذكرها".

وأتت هذه الملاحظات بعد أيام على مهاجمة ترامب للأمم المتحدة خلال حديثه أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية -الإسرائيلية (أيباك)، مثيراً مخاوف جديدة بشأن إعادة ظهور مشاعر دفينة ومعادية للأمم المتحدة في واشنطن.

وقال ترامب: "الأمم المتحدة ليست صديقة الديموقراطية. هي ليست حتى صديقة للولايات المتحدة الأمريكية التي، كما تعلمون، تضمّ مقرها، وهي بالتأكيد ليست صديقة لإسرائيل".

حروب في كل الاتجاهات
الواضح أن السياسة الخارجية لترامب كما يبدو الآن، تقوم على تعهّدات بتغيير النظام العالمي لما بعد الحرب العالمية الثانية ومكانة أمريكا فيه. وتشمل سياسته انتقادات متكررة ضد معاهدات أمريكا مع الحلفاء، مثل اليابان وكوريا الجنوبية. وهو وجه انتقادات قاسية بحق حلف الناتو (شمال الأطلسي) الذي ساعدت واشنطن في بنائه. وتوعد أيضاً بإطلاق حروب تجارية ضد أهم حلفاء أمريكا في قطاع التجارة، وإعادة إحياء آليات استجواب قاسية تعتبر على نطاق واسع بأنّها وسائل تعذيب. وشمل وعيده أيضاً استخدام سياسة لمكافحة الإرهاب تتضمن استهداف عائلات الإرهابيين، الأمر الذي يعد منافياً للقانون الدولي.

بين تغريدة وأخرى
وبعد أشهر من التأجيل، أعلن دونالد ترامب عن هويّة مستشاريه المغمورين في الشؤون الخارجية وذلك في حديث مع صحيفة واشنطن بوست الأمريكية. ويشير ديبلوماسيون الى أنّ مواقف ترامب بالنسبة الى السياسات الخارجية، بما فيها عمليات السلام في الشرق الأوسط، تتغير على ما يبدو من خطاب الى آخر، ومن تغريدة إلى أخرى. ويؤكد ديبلوماسي لاتيني للمجلة عدم شفافية ترامب في آرائه حول السياسة الخارجية وتناقض بياناته إزاء مسائل مفصلية فيقول:"المستقبل هو علامة استفهام. لا نعلم ماذا يريد. لا نعلم من هو فريقه. ولا نعرف ما الذي يؤيده".

إستنكارات ديبلوماسيّة سرّاً وعلناً
ويلفت لينش الى إن هذا الديبلوماسي هو واحد من بين كثيرين تحدثوا الى المجلة بشرط عدم ذكر أسمائهم كي لا يبدو حديثهم تدخلاً في الحملة الرئاسية الأمريكية. من جهة أخرى، سُجّل استنكار المفوض الأعلى للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الأمير زيد بن رعد الحسين، لدعوة ترامب الى منع المسلمين من الدخول الى الولايات المتحدة واصفاً إياها بأنها "غير مسؤولة على الإطلاق". هذا الموقف الذي أعلنه الحسين أمام وفد من المراسلين في ديسمبر(كانون الأول) الماضي، أتبعه بتأكيد على أنّ خطر التصنيف يجرّد الإنسان من إنسانيته وقد يؤذي الأبرياء.

دعم لأمريكا وإسرائيل
ورفض ناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، فرحان حق، الرد مباشرة على انتقادات ترامب للمنظمة الدولية، لكنّه دافع عن سجلّها في دعم أمريكا وإسرائيل، فقال للمجلة:" الأمم المتحدة تضم جميع ديموقراطيات العالم ضمن الدول الأعضاء، لاسيما الولايات المتحدة التي كانت دائماً شريكاً قويّاً للأمم المتحدة منذ أدت دورها الريادي في إنشائها". وتابع:" دعم الأمم المتحدة القوي لإسرائيل، ابتداءً من القرارات التي ساندت تأسيس دولة إسرائيل، استمرّ حتى يومنا هذا".

فرص أوباما المتبقية
وتملك إدارة أوباما بحسب لينش، عدداً من الفرص المتبقية كي تترك بصمتها داخل المنظمة، من بينها تأدية دورها القيادي في اختيار خلف لبان كي مون الذي تنتهي مدة ولايته في آخر ديسمبر(كانون الأول) المقبل. كما تقود أمريكا جهوداً لتأمين الدعم من أجل صدور قرار عن الجمعية العمومية يقوّي الالتزام الأممي في محاربة التطرّف.

استخدام حق النقض
وفي حديثه أمام أيباك انتقد ترامب الأمم المتحدة ل"ضعفها المطلق" وحذّر من فرض قرار يصدر عن مجلس الأمن ولا يرضي إسرائيل، إذ قال:"إنّ اتفاقاً مفروضاً من الأمم المتحدة سيكون كارثة كاملة وشاملة. على الولايات المتحدة أن تعارض قراراً كهذا وأن تستعمل حقنا في النقض، الذي سأستخدمه كرئيس مئة بالمئة".
كلينتون ليست بعيدة عن ترامب

لكنّ ترامب ليس وحده في مواجهة قرار أممي يفرض اتفاق سلام. فهيلاري كلينتون أعربت عن رفضها أمام أيباك أيضاً لأيّ قرار مشابه عبرالالتزام ب" معارضة حازمة لأي محاولة من قبل أفرقاء خارجيين لفرض حلّ، بمن فيهم مجلس الأمن الدولي". لكنّها لم تستبعد عملاً أمميّاً للضغط على إسرائيل من أجل وقف توسيع مستوطناتها داخل المناطق الفلسطينية، الأمر الذي كان دائماً مصدراً للتوتر بين أمريكا وإسرائيل منذ عقود. وابتعدت كلينتون عن توجيه الانتقادات للأمم المتحدة.

الملياردير وزخم الأروقة الدبلوماسية
وينقل لينش عن أحد الديبلوماسيين أنّ الزخم الذي تمتع به ترامب "سرّع" وتيرة العمل الديبلوماسي في الأمم المتحدة لأنهم وجدوا أنفسهم أمام خيارين: إمّا تسريع مناقشة عدد من القضايا وانتظار ما سينتج عنها، أو"الانتظار حتى 20 يناير(كانون الثاني) حين نواجه – في حال انتخاب ترامب- علامة استفهام كبيرة".

تناقضات ترامب مرّة أخرى
ويذكّر المقال بنظرة ترامب المتناقضة "كعدد من افكاره" الى الأمم المتحدة. ففي العام 2005، حين أراد الحصول على رضا الأمين العام السابق كوفي أنان من أجل التعاقد بشأن تجديد وصيانة المقرّات الرسميّة التابعة للمنظّمة قال الملياردير الأمريكي:"أنا من المعجبين، من المعجبين جداً بالأمم المتحدة، وكلّ ما تعمل من أجله".