الإثنين 4 أبريل 2016 / 18:59

الجهاد الإلكتروني وعرائس الجنة

تستغل الجماعات الإرهابية المرأة لتحقيق مآربها وأهدافها، وقد تتغير طبيعة الاستغلال وطرقه حسب الإمكانات والظروف. فلقد لعبت المرأة دوراً في هذه الجماعات، من أهمها رعاية الإرهابيين من خلال الأسرة، والقيام بخدمات مساندة مثل إعداد الطعام والإسعاف، أضف لذلك دور جوهري في الاستقطاب والتجنيد وكسب المؤيدين لهذه الجماعات. وهو الدور الذي ذكره زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في 2008 حين أشار إلى عدم "وجود قاعدة تخص جهاد النساء، وأن زوجات المجاهدين (حسب تعبيره) يقمن بدور بطولي في رعاية بيوتهن وأبنائهن في شدة الهجر والتنقل والرباط".

لكن بعد 2003 بدأت تظهر أدوار جديد للمرأة في هذه الجماعات الإرهابية، أولها الدور الإعلامي المساند، لتجنيد منضمين لهذه الجماعات، إلى جانب جمع التبرعات لضمان تعدد مصادر التمويل، أضف لذلك التحول من الدعم في الخطوط الخلفية لتصبح المرأة منفذة للعمليات الإرهابية، ومثال ذلك ساجدة الريشاوي، ودورها في تفجيرات عمان 2005.

ولعل ضربات التحالف الدولي ضد داعش دفعت به إلى إدخال النساء في المواضع التي يسيطر عليها لدورات عسكرية تدريبية سريعة، ثم زج بهن في العمليات الانتحارية، وتعدى الأمر ذلك إلى إجبار الأطفال على المشاركة في هذه العمليات، فهناك أكثر من 1800 طفل معظمهم من سوريا، 350 منهم قتلوا في المعارك، و48 طفلاً فجروا أنفسهم.

وفي الأشهر الأخيرة ظهرت عدّة دراسات تركز على دور المرأة في الجماعات الإرهابية، خاصة تنظيم داعش، ومن بينها دراسة بلجيكية، وأخرى قام بها المركز الدولي لمحاربة الإرهاب في لاهاي، وآخرها دراسة سعودية أجريت في جامعة نايف للعلوم الأمنية. ونجد في دراسة المركز الدولي إحصائيات دقيقة ترصد مشاركة 17% من النساء في تنظيم داعش، مع التركيز على طريقة تجنيده للنساء، بتأثيرهن على دائرة الأصدقاء والأقارب، خاصة النساء والأطفال والمرضى العقليين. ومدى تأثير هؤلاء الإرهابيين على بلدهم في حال عودتهم.

وأما تقرير يسيكا كاتز فقد ركز على المرأة السويدية ودورها في تنظيم داعش، واضعاً النقاط على الحروف، ومبتعداً عن العموميات، حيث نظرت الباحثة إلى المنضمات لداعش، ليس بوصفهن ضحايا للتنظيم، بل خطر محدق بالبلاد في حال عودتهن. هذه الباحثة لم تدفن رأسها في الرمال لتقلل من الأخطار المحدقة، ولم تسربل تقريرها بعموميات لا تسمن ولا تغني من جوع.

أما الدراسة الصادرة عن جامعة نايف للعلوم الأمنية، المعنونة بمشاركة المرأة في الإرهاب وعقوبتها، فتذكر أن 40% من النساء، في أعمار تتراوح بين 18-25 سنة، يدرن المواقع الإرهابية. وقد نقلت وسائل إعلام فحوى هذه الدراسة، التي لم تحدد جماعة إرهابية بعينها، ولم تتضمن إحصائيات تتعلق بالجنسيات التي تنتمي إليها الإرهابيات رغم أهمية هذه المعلومات؛ لأن المرأة العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص هي هدف هذه التنظيمات، وبالذات المرأة السعودية التي يركز عليها داعش في منتدياته، محاولاً استمالتها للتنظيم. وكان من الأجدى لو أن الدراسة المذكورة تناولت الصفات العامة للشخصية التي تقع فريسة للتنظيمات الإرهابية، وركزت على دور المرأة بوصفها مقاتلة تحمل السلاح وتشارك في العمليات الانتحارية، وهناك أمثلة معروفة في هذا السياق.

أما الأدوار التي ركزت عليها الدراسة الأخيرة فهي خدمة عناصر التنظيم من خلال إيواء المرأة لهم، بإخفائهم عن العدالة، ونشر الدعاية والتجنيد لصالح هذه التنظيمات، إضافة إلى جمع التبرعات. ومما يحسب لهذه الدراسة السعودية هو إعلانها نتائج الدراسة، والتوصيات التي خرجت بها، ومنها دور المرأة الواعية في محاربة التطرف والتجنيد باسم "الجهاد الإلكتروني" بالفكر المستنير من خلال مواقع الإنترنت عامة، ووسائل التواصل الاجتماعي خاصة.

ولعل واقع الجهاد الالكتروني يتضح في مثال تونس التي انضم 6 آلاف شخص منها لداعش، منهم 700 امرأة؛ ولذلك اهتمت وزارة الداخلية التونسية بالقبض على الخلايا الإرهابية، حيث اعتقلت خلية من أربعة أشخاص في بنزرت، كانت تجند الأفراد للانضمام لداعش. وفي الجزائر قبض أيضاً على خلية للتجنيد، وكذلك في ليبيا التي يحاول التنظيم الانتشار فيها، حيث اعتقلت 7 نساء، ثلاث منهن نفذن عمليات إرهابية.
رغم ما تقدّم، فما زلنا بحاجة إلى دراسات معمّقة ومفصلة مع إحصائيات دقيقة عن المرأة ودورها في التنظيمات الإرهابية، وسبل إغراء النساء، وصفات هؤلاء النسوة وظروفهن التي زجت بهن في جحيم الإرهاب.