الثلاثاء 19 أبريل 2016 / 21:14

أمريكا: الإدارة الجديدة مطالبة بطمأنة دول المنطقة

إعداد: رنا نمر

التطورات لا تدعم الرأي القائل إن الولايات المتحدة تُبعد محورها عن الشرق الأوسط. فالقوات المنتشرة في المنطقة اليوم تتخطى تلك التي كانت متواجدة قبل الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)

يصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الرياض غداً الأربعاء للقاء القادة السعوديين والمشاركة في قمة دول مجلس التعاون الخليجي الخميس، بعدما شاب العلاقات بين إدارته الديموقراطية المستمرة منذ أكثر من سبع سنوات ودول الخليج فترات من التوتر خرجت الى العلن للمرة الأولى في تاريخ العلاقات القديمة بين الجانبين. وقد تجلى آخر فصول هذا التوتر في مقابلة أوباما مع مجلة ذي أتلانتيك التي شرح فيها ما بات يعرف بـ"عقيدة أوباما" ووصف فيها دول الخليج بـ"الركاب المجانيين".

وفي خضم السجال الذي أثارته تلك المقابلة في مراكز الأبحاث والصحف الأمريكية، برز سؤال أساسي عما إذا كان الشرق الأوسط لا يزال مهماً للولايات المتحدة، في ضوء انسحاب أمريكي واضح من المنطقة وتردد حيال سياسة دعم الحلفاء القدامى. وناقش باحثون أمريكيون هذه المسألة في ندوة عقدت في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، وكتب آخرون عنها في صحف ومجلات ومراكز أبحاث.

وعشية وصول أوباما الى الرياض، يفتح موقع 24 ملف العلاقة بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط، عارضاً فيه مواقف بعض من هؤلاء الباحثين الأمريكيين من أداء الإدارة الديموقراطية الراهنة حيال دول المنطقة.

إعادة التوازن
عندما تولّى منصبه، سعى الرئيس باراك أوباما بحسب ديريك جوليت وهو مستشار للشؤون الأمنية والسياسة الدفاعية، إلى إعادة التوازن الى السياستين الخارجية والمحلية الأمريكيتين. ففي مفهوم أوباما للتوازن الاستراتيجي، ليست قوة أمريكا ومواردها بلا حدود، وأن الاستراتيجية الكبرى تفرض تحديد الأولويات وتخصيص الموارد المناسبة لها. ولكن جوليت يرى أن هذه العملية معقدة لأن الولايات المتحدة تواجه مطالب أكثر من أي دولة أخرى، ولا يمكنها تلبيتها كلها.

من هذا المنطلق، وضع أوباما أمامه هدف تطوير التزامات مستدامة في الشرق الأوسط تكون متوازنة مع مصالح أخرى. فهو يعتبر أن القيادة الأمريكية وقدرتها على وضع جداول الأعمال العالمية، إما علناً أو من وراء الكواليس، تشكلان عنصراً أساسياً لأي سياسة مستدامة ومتوازنة. وأدت هذه المنهجية في بعض المناطق، مثل أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا، إلى تحسن بارز في العلاقات، إلا أن المنطقة الوحيدة التي لم تتحسن فيها الأمور في شكل ملحوظ هي الشرق الأوسط.

"ضبط النفس"
ومع ذلك، تمسك أوباما بضبط النفس "لتحقيق التوازن". وعلى رغم أن إجراءات أو خطابات معينة قد تكون مناسبة سياسياً، يشعر الرئيس الأمريكي بالقلق من أي شيء قد يخل بتوازن السياسة الخارجية الأمريكية عموماً.

ووفقاً لذلك، يُظهر سجل أوباما تفضيله أدوات القوة الأمريكية الأكثر دقة وسرية، مثل هجمات الطائرات بدون طيار والعمليات الخاصة والعقوبات المحددة الهدف. فالدقة توفر القدرة على المناورة والمرونة، ولكن الصبر مطلوب في مبادراته الخاصة، من بينها الجهود المبذولة لمعالجة وضع إيران وداعش والتغيّر المناخي. ومع ذلك، ففي ما يخص بعض السياسات، من المنطقي التساؤل عما إذا كان لدى الولايات المتحدة الوقت للتحلي بالصبر.

ويلفت جوليت إلى أن أوباما يرى أن جزءاً من عظمة الولايات المتحدة مستمد من قدرتها على الاعتراف بإمكانية خطئها وتصحيح مسارها عند الضرورة. فهو يشكك في أولئك الذين يقدمون إجابات سريعة ومبررات سهلة، ويخشى أن تؤدي النقاشات السياسية في واشنطن إلى تقييد التفكير الاستراتيجي. وبالتالي، فإن منهجيته الطويلة الأمد والمتفائلة تخالف الاتجاهات السياسية القائمة في الداخل الأمريكي، ولكنه يعتقد أنها أفضل وسيلة لتعزيز موقع الإستثناء الأمريكي في الخارج.

القوات الأمريكية على حالها
وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الإدارة الأمريكية لإعادة التوازن، إلا أن التطورات لا تدعم الرأي القائل إن الولايات المتحدة تُبعد محورها عن الشرق الأوسط. فالقوات المنتشرة في المنطقة اليوم تتخطى تلك التي كانت متواجدة قبل الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). كما تعمل القوات الأمريكية على تعزيز وضع شركائها في الخليج، وقد شهدت السنوات السبع الماضية بعضاً من أكبر عمليات مبيعات الأسلحة في التاريخ.

دعم لمصر
وبالمثل، حافظت واشنطن على دعمها لمصر على رغم الانتقادات في الداخل، في حين أن الدعم العسكري والاستخباراتي لإسرائيل وصل إلى مستويات قياسية. إلى ذلك، كان أوباما قادراً على القضاء على القسم الأكبر من الأسلحة الكيميائية في سوريا من دون استخدام القوة العسكرية.

وحتى مع ذلك، ستواجه الإدارة الأمريكية المقبلة مشكلة إعادة الطمأنينة إلى آسيا والشرق الأوسط وأوروبا حيث يشعر شركاء الولايات المتحدة بقلق كبير حيال التطورات الإقليمية. فجميعهم يريدون المزيد من واشنطن ولديهم طموحات متطرفة عما يجب أن تقوم به الولايات المتحدة في العالم.