الخميس 21 أبريل 2016 / 20:52

قمة الرياض: ما حكّ جلدك مثل ظفرك

تتوجه الأنظار كلها إلى الرياض التي يجتمع فيها زعماء الخليج، وترنو إليها القلوب والعقول ليس لأنها تستضيف اجتماع قمة خليجية أمريكية، وقبلها قمة خليجية مغربية، بل لأن العرب جميعا ومن بينهم الخليجيون يتطلعون إلى عاصمة المملكة، لكونها تتوق إلى تجاوز قمة كامب ديفيد التي وعدت بالكثير في مرحلة كانت وما تزال تتطلب مواقف واضحة لمواجهة التحديات. لكنّ النظر في الوقائع بعد مرور ما يقرب من عام على القمة الخليجية الأمريكية في كامب ديفيد يكشف أنّ ما أسفرت عنه تلك القمة، بل لا نبالغ إن قلنا كل اللقاءات والاجتماعات العربية الأمريكية خلال نحو عقد من الزمن، لم يسهم في دفع الأوضاع نحو الافضل. فالضمانات القولية التي صدرت عن الإدارة الأمريكية تدخل في نظر الخليج، قادة وشعوبا، في باب ما لا يعول عليه.

ولعله ليس من من المصادفة أن تبدأ القمة الخليجية الأمريكية في الرياض يوم الخميس، لتذكر بخميس كامب ديفيد، ومن خميس كامب ديفيد الذي لا يعول عليه إلى خميس الرياض الذي يريد الخليجيون وقادتهم التعويل عليه في الحفاظ على أمن المنطقة، كما أشار صاحب السمو ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد. فالتغول الإيراني المشين لم يتوقف، ووتيرة الصراعات ازدادت سوءا في سوريا واليمن والعراق، والإرهاب زاد انتشارا، وممارسات الاحتلال الاسرائيلي، باتت أكثر صلفا وعجرفة. وتشي لقاءات الفرقاء وحواراتهم بمستقبل غامض جراء التدخلات الإيرانية السافرة التي لا تريد للمنطقة أن تستقر، ومن ورائها داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى كحزب الله، وأذرعتها الأخرى التي لم تبتر، حتى ليبدو أن التنظيمات الإرهابية هذه، من القاعدة وداعش وحزب الله، هي جزء من المشروع الإيراني الهادف إلى تصدير الفوضى والفتن والخراب.

لقد أدرك الخليجيون، في ضوء أحداث المرحلة الماضية وما حملته من وقائع بالغة الدلالات، بأن الرؤى الأمريكية غير الواضحة والقصيرة النفس لا يمكن أن تسفر عن مخططات بعيدة الامد ، تفيد المنطقة في تجاوز تحدياتها. كما أدرك زعماء الخليج أنّ مواجهة التدخلات الخارجية المهددة للأمن والاستقرار لا تتم بالتحالف مع دول سياستها ضبابية ومواقفها مرتجلة ولا تكترث بمستقبل المنطقة. بل صاروا على قناعة أكثر من أي وقت مضى بأن التحالف لابد أن يكون مع دول تواجه التحديات نفسها، تجمعهم بها المصائر المشتركة والتحديات المتشابهة والمشاعر الموحدة والرؤى الراسخة.

وإذا كانت قمة الرياض تستكمل مباحثات قمة كامب ديفيد واتفاقاتها في ظاهرها، إلا أنها تتصل أكثر بلقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة، كما تتصل بجولة ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان واجتماعه بالعاهل الأردني الملك عبد الله بن الحسين في عمَّان ثم بولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في أبوظبي. ولعل كل ذلك جعل الزعماء الخليجيين يبدؤون قمتهم المكملة لقمة كامب ديفيد بقمة خليجية مغربية، ليقول الزعماء العرب بأن المتغيرات في التحالفات تفرضها التحديات الجارية، وهي تتطلب تحالفا يجمعه المشترك التاريخي والسياسي والاجتماعي والثقافي القادر على أن ينهض برؤية واضحة ومواقف صلبة تواجه التدخلات الخارجية التي تستهدف سلامة المنطقة وأمن شعوبها وتنميتها، فهي قد قررت أن تبدأ في القاهرة، وتكون محطتها الرؤيوية الرياض، وكأنها بذلك تذكر أولا وأخيرا نفسها وحلفاءها بأنهم ليسوا من الركاب المجّانيين، منشدة بصراحة ووضوح وصوت مرتفع:

ما حكَّ جلدكَ مثلُ ظفركَ
فَتَوَلَّ أنْتَ جَميعَ أمركْ
وإذا قصدْتَ لحاجَة
فاقْصِدْ لمعترفٍ بقدْرِكْ