الأحد 24 أبريل 2016 / 19:26

الكتب أجنحة النفس

من مأثور الفكر الإنساني الخالد والحكمة العالمية الرائقة مقولة الشاعر الفيلسوف هود بأن "الكتب أجنحة النفس، فما فيها من الأفكار الصادقة والأماني الشريفة والتأملات الرائعة ما هي إلاّ أجنحة ترفعها إلى عالم السموّ والتقدم".

لطالما كان ينظر إلى القراءة أنها عمل فردي، تحمل كثيراً من التوحد والتفرد والانعزال والانفصال عن المجتمع، ولطالما كان ينظر إلى الإنسان القارئ أنه حالم، ساهم، محلق خارج سرب مجتمعه، هائم في زمان آخر غير زمانه.

ليست هذه الصورة الصحيحة للقراءة، وليست هي ما ينبغي أن نرسخ له. ماذا نقرأ؟ ولماذا نقرأ؟

نقرأ الوجوه والأحداث والأصوات. نقرأ الأفكار والأفعال والأشكال. نقرأ بجميع حواسنا ونبني معارفنا، ببصرنا وسمعنا وحسنا، بإدراكنا وشغفنا الفطري للتعلم والنمو. ولأن هذا الشغف يستمر بالاتساع، يمتد خارج محيطنا، فنتعلم قراءة الحروف لتترجم لنا رؤى جديدة.

نقرأ أعمق لأن القارئ ليس من يجيد قراءة الحروف فقط، بل من يغوص فيها. ولأن القراءة ليست خياراً يأخذ أو يترك، بل هي غاية إنسانية، هي الأمر الإلهي الأول، لتكون أسلوب حياة وطريقا لخلود الروح.

نقرأ لأننا قد نضل الطريق أو نخطئ، فنحتاج من يرشدنا، ويلهمنا، ويعطينا أجنحة نسمو بها على أخطائنا وكبواتنا. نقرأ لنأخذ من الماضي دروساً، ونحيا الحاضر بكل تفاصيله، ومنهما معا نصنع المستقبل.

نقرأ لنستكشف عوالم جديدة، ونخوض مغامرات شيقة، ونعيش أحداثاً ممتعة، ما كنا لنعيشها بالسفر لأميال بعيدة وإنما نكسبها من كتاب بين أيدينا، نسافر خلاله عبر الزمن وحول القارات والمجرات.

نقرأ لأننا لم نخلق وحدنا، بل خلقنا لنعمر الأرض سوياً، ومن أجل تعاون أمثل... نقرأ، فنتواصل ونفهم ونحقق الهدف الذي خلقنا من أجله.
نقرأ لنتواضع، وندرك روعة الكون وعظمة خالقه، ونتعرف على ذواتنا وقدر أنفسنا، ونرى الجمال في سوانا فنتصالح مع أنفسنا ونتصالح مع الكون. نقرأ لنصبح أناساً أفضل، نعمر هذا العالم، ليغدو أجمل.

الكتب أجنحة النفس... شبيه هذا القول بما أكده معرض أبوظبي للكتاب في دورته الحالية التي تنطلق بعد أيام من اليوم العالمي للكتاب، متوهجة بوهج عام القراءة وفيها ينتصر المعرض للفكر العالمي الحر الذي يمثله ابن رشد وهو يهتف "للأفكار أجنحة".